زيدون النبهاني
مشكلة نفسية كبيرة؛ أقتران حُلم الشيخوخة بتصرفٍ طفولي، غير خاضع لحسابات المنطق، أخيراً يؤدي بصاحبه إلى خسارة قد لا تُعوض، حينما يخسر نفسه قبل حُلمه.
أردوغان شيخ الطريقة الأخوانية بالفكرة، وحفيد أتاتورك بالتنفيذ، ضيعَ الحابل بالنابل، وأكتفى بالأستمتاع بطفولته المتأخرة، وتصرفاته الصبيانية في عالم السياسة، هذا العالم القاسي على الأطفال!
عَمل رئيس الوزراء السابق مُجتهداً تجاه إعادة الخلافة العثمانية، وتحالف مع قطر الدولة الأخرى التي تحلم بزعامة الأمة، ليكون هذا التحالف رحماً طرياً لإستضافة تنظيم قديم، عانى مِن السحق والتهميش، لما يحمله مِن أفكار متشددة لا تناسب روحية وقيم الإسلام.
الأخوان المسلمين؛ هذا التنظيم الذي كُتب عليه أن يكون مطارداً، وجد من تركيا وقطر ملاذاً، وهما وبوجود حلم الخلافة، قدما لهذا التنطيم كُل الدعم اللازم؛ سياسياً ومادياً وإعلامياً، وحاولوا التفريق بين تنظيم الأخوان السياسي بقياداته المتعددة، وبين شقيقه الإرهابي بقيادة أيمن الظواهري.
هذا الحُلم بدأ يتلاشى، مع تلاشي عقل أردوغان الخليفة المُستقبلي، فخطأ الرئيس بألف وخطأ الخليفة بعشرة ألاف، سياسة الطفل رجب مزقت حلم شيخوخته، وما مواقفه الخارجية ضد مصر والعراق وليبيا وسوريا، إلا أثبات على أن الطفل الذي بداخله عاد، وهو مَن يتحكم بالأمور.
نقلت وكالات أخبارية تركية مؤخراً؛ إن الرئيس السابق عبدالله غول، قد أنتقد بشدة سياسات أنقرة الخارجية، ودعا أردوغان لتوخي الحيطة من سياساته الإستفزازية، ضد الدول الإسلامية، فما كان من رجب إلا التهجم على حليفه السابق، وإسماعه كلمات خارجة عن سياق الدبلوماسية.
رفيق الدرب "غول" لم يجد من صديقه مايحفظ تلك الرفقة، فقد صرح اردوغان بأنه ماضٍ بنفس المسارات، وأن تركيا ستكون في المقدمة، بعد تخلصها من الجبناء والخونة والمترددين، في إشارة لرئيس حزب العدالة السابق "عبدالله غول"، والذي أطيح به قبل يومٍ واحد من نهاية فترته الرئاسية، لصالح اردوغان!
صبيانية الرئيس الجديد، دفعت به للزج ب"اوغلو" لرئاسة الحكومة، في محاولة للدفع بالتيار المتشدد داخل حزب العدالة، والقضاء على أنصار "غول" المعروف بأعتداله، الأمر الذي خلقَ فيما بعد؛ سياسة خارجية وداخلية متشددة وخلاقة للأزمات، بدأت في مواقفها مع الدول الإسلامية، ولا تنتهي مع روسيا، المصدر الأكبر لإنعاش الإقتصاد التركي.
بدأت مؤشرات تحقيق الحلم تتضائل، مع خسارة الحزب الحاكم؛ للأغلبية المهمة في التعديل الدستوري في حزيران ٢٠١٥، والتي كان اردوغان يطمح من خلالها بأعطاء صلاحيات أكبر لنفسه، من خلال كرسي الرئيس!
هذه الخسارة لم تمر بسلام؛ فبدأ الحديث عن أنشقاقات في صفوف الحزب، وجاءت نتيجة الإستبيان الألكتروني صادمة لأردوغان، حين صوت أربعين عضواً لصالح أنشاء حزبٍ جديد، يرأسه عبدالله غول، حسب أستبيان وضعه أحد المواقع الألكترونية المهمة في تركيا.
حماقة رجب التي لم توقفها حدود تركيا؛ أضاعت على اردوغان حلمه بالخلافة، وسط مقاطعة سورية مصرية، وتوتر عراقي روسي، وحرب وراء الكواليس بينه وبين السعودية، التي تروج للفكر الوهابي الأكثر تشدداً.
غداً أو بعد غدٍ القريب؛ يصحى أردوغان برشاش داعشي، بالغَ بأيوائه ودعمه وعلاجه سابقاً، وسيجد نفسه بلا عمامة خليفة ولا كرسي رئاسة، حينما يرتد ما صنعه عليه، وتكثر الأنفجارات والأغتيالات كما حدث سابقاً في السعودية، عقب رجوع المقاتلين العرب من افغانستان، وهناك؛ سيطلب الخليفة متوسلاً الحفاظ على كرسي الرئاسة، وحتى هذا لن يلقاه.
https://telegram.me/buratha