وليد كريم الناصري
عصاً كانت يحملها موسى النبي بيده، دفعت المجتمع نحو التغيير، تاجرت مع عقول من حولها ببيع الإعجاز، فأنتجت الإصلاح، ولكن لم تكن هي بذاتها وجه المعجزة، بل التفويض الذي مُنَي به موسى لعصاه، من قبل الخالق، هو من أكسبها هذه الصفة، وبالتالي لولا تغليب مصلحة التفويض، من قبل الخالق لموسى (عليه السلام)، لباتت غصناً من خشب لا يضر ولا ينفع إلا للرعي والتسلية فقط ..
القميص الذي وجد عليه دم الخليفة المقتول، لم يطرق باب المتاجرة بالمعجزة القاهرة، إذ كان ينقصه التفويض، الذي تلبس بروح العصا، فبدلاً من أن يتسامى بإصلاح المجتمع، راح يَفسد أجيالاً من المجتمعات، ولأنها باتت الشماعة التي عُلقت عليها الأهواء، في تمكين المصلحة الشخصية، لدى بعض المتسلطين آنذاك، والحجة التي تحيي وتميت، العديد من الأرواح، أهلها للدخول نفق البدعة، التي لم ينزل بها سلطان، والعجيب إنها أخذت الصدى الأوسع، في إقناع عامة الناس بوجوب التصديق والإقرار.
إذا ما تزامن المعنيان، ستجد هنالك حلاً للإستفهام، الذي يستفهم عن الربط بين الموضوعين، ستجد أن المعجزة الأولى، جاءت بتفويض من قبل الخالق، وبذلك إكتسبت صفة الإعجاز والتصديق، وترتب على أثرها الإصلاح في المجتمع، أما الثانية فأنها لم تكن تمتلك تفويض مرجعي، سواء كان من قبل السماء، أو من يتكلم بلسان السماء، ولذلك وصلت إلى نفق الحجة البالية، والبدعة المبتكرة، التي يُراد بها تعطيل الحق وإضعافه .
من النجف الأشرف تفويض أتى بقوة الخطاب، ومن مصدر يراه المجتمع، بعين القداسة المطلقة، يحط رحاله مسامع السيد (رئيس الوزراء )، وبمفردة (الحديد )، الدالة على القوة، حيث أليد التي كُلفت بإدارة الإصلاح، في دهاليز الحكومة العراقية، التي غلب عليها غبار الفساد، وأعشاش السراق، من توالي ليل الحكومات السابقة، وتخليص المجتمع من تلك العتمة الخانقة، التي أنهكت غالبية الشعب العراقي ..
جاء هذا التفويض بشكل إعجازي، حيث لم يمنى شخص من قبل هذا اليوم بهكذا تفويض، وتأييد ومن سلطة عليا، تتكلم من موقع القوة، وباسم الشعب، وهي المرجعية الشريفة في النجف الأشرف ، ولكن قميص عثمان وللأسف كان تحت الطاولة، أذ ما طال أن لوح به على رؤوس أصحاب التفويض، فكأ ن ماأنهك الشعب من تسلط الحكومة السابقة، ولعبها بمقدرات البلاد والعباد، والتركة الثقيلة من الأخطاء السابقة، هو الوجه الأول الذي يعيد قميص عثمان للوجود.
يتوحد الصوت بتوحد مصدره، فيكون التفرد بالنداء، منطلقاً في نسب الصوت وحصره بالمصدر، ما آتى بخطاب المرجعية أخيراً، لم يكن بهذه الصفة، آذ وصف المطالبة بعدة أصوات، كما أشار بذلك ممثل المرجعية مؤخراً، حيث قال ( بُحت آصواتنا لكن بلا جدوى)، وبما يعنيه تفعيل مبادرات الإصلاح، وبما يضمن منها السلم الاهلي، وما على عاتق السياسيين في أخذ الدور اللازم بذلك، مما يعطي مؤشرا واضح بأن( تلك المبادرات، التي اطلقت سابقاً من بعض السياسيين، تتطابق مع رؤى المرجعية الدينية).
لا الحكومة جادة في إصلاحاتها، والبطىء يساورها، ولا غالبية الشعب، يريد أن يفهم حقيقة تلك المبادرات، في إصلاح الحكومة، ( فتبقى الأصوات بلا جدوى) وتبقى حقيقة رجال الإصلاح مغيبة، كما غيب الإصلاح ، خلف ساحات التظاهر في بغداد والمحافظات، الفاسدون متخندقون الخضراء، ويتخندق في السجون والمحاكم الناس البسطاء، فيمن غيبهم فساد أصحاب النزاهة، وبذلك أصبحنا بأشد الحاجة لتشكيل نزاهة تراقب عمل أصحاب النزاهة.
موسى ( عليه السلام)، لم يكن متردداً حد التسويف، في إلقاء عصاه، بمجرد النداء ألقى موسى عصاه فأفكت سحرهم، لكن السيد ( رئيس الوزراء) ألى اليوم وهو متجلبب بقميص عثمان ، ومتردد في إلقاء عصا الإصلاح، لكي تأفك فسادهم في محاكم القضاء، حيث قفص المحاكمة التي يبدء الإصلاح من عندها، بألتهام فسادهم وإرجاع حقوق الشعب المنهوبة.
https://telegram.me/buratha