تتواصل المحاولات الغربية لدفع الحلول السياسية للأزمة السورية، وسط اتصالات مكثفة تجريها موسكو وواشنطن مع أطراف الأزمة، إلى جانب الجهد الذى يقوم به المبعوث الأممي للأزمة السورية ستيفان دى ميستورا، في الوقت الذى اتجهت فيه الأنظار كلها إلى جينيف السورية لمتابعة تطورات مباحثات السلام التي تجريها الأمم المتحدة.
وبحث اليوم كل من وزيري الخارجية الروسي سيرجي لافروف والأمريكي جون كيري في اتصال هاتفي اليوم مسائل تنظيم المفاوضات السورية في جنيف، وأكدت الخارجية الروسية أن المحادثات بين الوزيرين تركزت على المسائل المتعلقة بتنظيم المفاوضات بين الحكومة السورية ومعارضيها في جنيف، بهدف تسوية النزاع في هذا البلد، وفقا لما ينص عليه قرار مجلس الأمن للأمم المتحدة رقم 2254، والتأكيد على ضرورة مراجعة مواضيع محاربة الإرهاب وتخفيف الوضع الإنساني، بما في ذلك وصول المساعدات إلى المدنيين في المناطق المحاصرة، وكذلك القيام بإصلاحات سياسية على أساس التوافق المتبادل بين الأطراف السورية، وذلك ضمن حوار سوري سوري شامل".
أوضحت الخارجية الروسية في بيان لها أن لافروف وكيري اتفقا على تقييم سير المفاوضات في جنيف خلال لقاء جديد للمجموعة الدولية لدعم سوريا، المقرر عقده في ميونيخ، في الـ11 من فبراير القادم، وناقش الطرفين أيضا قضايا دولية ملحة أخرى، إلى جانب مسائل مرتبطة بالأجندة الثنائية.
وفى هذا السياق قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن محادثات السلام المنعقدة في جنيف بهدف إنهاء الحرب السورية المستمرة منذ خمسة أعوام يجب أن تضمن حدوث انتقال سياسي وإنه لا بد من احترام حقوق الإنسان، منوها بقوله "لا بد من احترام القانون الإنساني والسعي بجدية وراء تحقيق هدف حدوث انتقال سياسي كي تنجح المحادثات."
من جانبه قال جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي انه من المتوقع أن تكون مفاوضات السلام بين المعارضة الرئيسية ومبعوثي الحكومة السورية في جنيف مفاوضات غير مباشرة، وليست هناك شروط مسبقة للمحادثات السورية وأن موسكو ترحب بقرار منسق المعارضة السورية رياض حجاب المشاركة في المحادثات بجنيف.
شدد على أن مبعوث الأمم المتحدة للسلام الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا بقوله "اعتزم دائما إجراء محادثات غير مباشرة وهو الحديث مع وفد تلو الآخر: الحكومة وشخصيات المعارضة."
على الجانب الآخر قال رياض نعسان أغا ممثل لمجموعة المعارضة السورية الرئيسية إن وفد المجموعة توجه إلى جنيف ليحدد إن كان سينضم إلى ممثلي الحكومة السورية في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، وأن الفريق المؤلف من 17 شخصًا يضم رياض حجاب رئيس الهيئة العليا للتفاوض - وهي مجموعة المعارضة المدعومة من السعودية- وأسعد الزعبي رئيس فريق التفاوض.
كانت الهيئة العليا للتفاوض التي تضم ممثلين للمعارضة السياسية والمسلحة قد أبدت رغبتها في مناقشة قضايا إنسانية تشمل وقف حملات القصف التي تشنها روسيا والحكومة السورية وذلك قبل أن تشارك في محادثات السلام التي انطلقت في جنيف يوم الجمعة بهدف إنهاء الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام.
قال أغا "ذاهبون إلى جنيف لاختبار جدية المجتمع الدولي في وعوده للشعب السوري وجدية النظام في تنفيذه للمستحقات الإنسانية، ونريد أن نظهر أمام العالم جديتنا نحو المفاوضات لإيجاد حل سياسي."
ومن بين مطالب الهيئة العليا للتفاوض السماح لقوافل المساعدات بدخول المناطق المحاصرة التي تسيطر عليها جماعات المعارضة حيث يعيش الآلاف في ظروف صعبة، وقال أغا "نحن لا نطلب معجزة أو وقف القتال لكن نطلب وقف قصف الأسواق والمستشفيات والمدارس بدون تمييز من النظام وداعميه الروس."
على الجانب الاخر قال هيثم مناع الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، إنه لن يشارك في محادثات السلام المقررة في جنيف إذا لم تتم دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.
على الجانب الآخر قالت منظمة أطباء بلا حدود إن 16 شخصا ماتوا جوعا في بلدة مضايا التي تحاصرها الحكومة منذ وصلت قوافل إغاثة إليها هذا الشهر وألقى باللائمة على السلطات في منع وصول الإمدادات الطبية.
يأتي ذلك في الوقت الذى تقوم فيه عصابات مسلحة في سوريا باستغلال معاناة السكان الراغبين في الفرار من الأراضي الخاضعة لسيطرتهم، فحولت سعيهم إلى حياة آمنة إلى وسيلة لجني الأموال، والاشارة إلى أن الإرهابيين يتوسطون في نقل النازحين واللاجئين الراغبين في التحرك ضمن سوريا أو مغادرتها إلى
تركيا، حيث تقتطع التشكيلات الإرهابية رسومًا عالية لخدماتهم، تتراوح بين 5 و10 آلاف دولار، ويقبلون بالعقارات والسيارات والمجوهرات عوضا عن الأموال، ومقابل ذلك، يتلقى اللاجئ وثيقة خاصة تسمح له بالانتقال إلى مكان آخر ضمن الحدود السورية.
ونقلت "لايف نيوز" الروسية عن أحد المواطنين السوريين قوله إن "المسلحين بالفعل يفرضون إتاوات على السكان المحليين الراغبين بالتوجه إلى دمشق، إنهم أسوأ من المافيا، إذ يأخذون مبالغ مالية هائلة لا يمكن التنقل في البلاد أو إلى الخارج إلا بعد دفعها".، وبحسب المصدر ذاته "عندما ينوي أحد المواطنين التوجه إلى
تركيا، فعليه أن يشتري من العصابات الإرهابية وثيقة بنفس الطريق، ثم يصل إلى الحدود مع تركيا بمواكبة أحد الإرهابيين، حيث يسلمه لإرهابي آخر يرشده إلى مطار اسطنبول.
تجدر الإشارة إلى أن الإرهابيين رفعوا الشهر الحالي أسعار خدماتهم إلى الضعف على الأقل، لعدة أسباب من بينها الأزمة الاقتصادية العامة وجشع الإرهابيين الذي لا حدود له، بالإضافة إلى إخفاقاتهم في القتال.