كرّس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على مدى أكثر من ثلاثة عقود من حكومته كل جهده لتحقيق الوفاق بين أبناء الامارات العربية المتحدة على الشق الداخلي وبين الأشقاء العرب على المستوى القومي، وكان يدفع الى حل الخلافات بالتفاهم والتسامح، محذراً على الدوام من خطورة استمرار التمزق والتردي الذي بمر به العرب، معبراً عن الوضع بقوله: «إنني منذ بداية الخلافات في العالم العربي وحتى يومنا هذا لم أبت ليلة واحدة مسروراً لأي خلاف بين شقيق وشقيقه وصديق وصديقه».
مواقف له يذكرها التارخي في الكثير من قضايا الأمة العربية بدءاً بالقضية الفلسطينية والتي قال حين استقباله الوفود المشاركة في مهرجان "من أجلك يا قدس" في 31 أكتوبر 1995، «إن دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة، كسائر إخوانه في الوطن العربي».. وحتى مبادرته بإعطاء "صدام" الأمان والحفظ والسلامة والحياة الرغيدة في الإمارات بدلاً من إزهاق أرواح الأبرياء وتدمير العراق وإذلال شعبها تحت وطأة الاحتلال الأمريكي عام 2003، والتي كانت ستحفظ العراق وأهله وجيرانه والأمة العربية والإسلامية من مصائب وويلات لايزال الجميع يعاني منها حتى يومنا هذا .
لكن الامارات تقف اليوم في رأس التسابق الخليجي والعربي لإقامة العلاقات مع كيان الاحتلال الاسرائيلي حيث الوفود تلو الوفود التي تحتضنها دبي وأبو ظبي بذرائع مختلفة فاقت التصور، حيث فتح مكاتب سياسية واخرى تجارية ومنها الأمنية الناشطة في مجال زعزعة الاستقرار والأمن الإقليمي والعربي من البوابة الاماراتية نرى دورها بدعم الجماعات الارهابية المسلحة الناشطة في بقاع الوطن العربي الذي كان يرى الشيخ زايد في دعم سيادته وعروبته ووحدة أراضيه ضرورة ملحة مثل لبنان وسوريا - كما جاء في تقرير موقع "الاستخبارات أونلاين" Intelligence Online .
الشيخ زايد وعند اندلاع حرب اكتوبر عام 1973 بين العرب والكيان الاسرائيلي قطع زيارته للعاصمة البريطانية وعاد على الفور الى الامارات ليقف الى جانب إشقائه العرب في مواجهة العدوان ويومها قال كلمته المشهورة «سنقف مع المقاتلين في مصر وسوريا بكل ما نملك، ليس المال أغلى من الدم العربي وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على ارض جبهة القتال في مصر وسوريا».. فيما نجله "محمد" نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يسارع اليوم الخطى مع القادة الصرب أولئك الذين ذبحوا مسلمي البوسنة والهرسك ويعقد معهم صفقات استثمارات تسليحية تنهال اسلحتهم لذبح اشقائنا العرب في سوريا ومصر وليبيا وتونس والجزائر ولبنان والعراق - حسب تقرير مجلة "دويتشه فيلله " الالمانية و"إذاعة صربيا الدولية"- ناهيك على إدخاله الامارات في مستنقع اليمن الجار وزج الاماراتيين في الحرب على اليمن الشقيق لم ولن يحقق لهم سوى قوافل الجثث المحروقة والمقطعة في ظل الصمت الاعلامي .
اما على الصعيد الداخلي فحدث بلا حرج له قصة طويلة وعريضة لا يتسع المقال لذكرها تبدأ من الصراع على السلطة حيث يقود ولي عهد أبو ظبي الشاب المتهور "محمد" انقلابا سريا على أخيه "خليفة بن زايد" وأن استمرار اختفاء رئيس الدولة يؤكد هذه التسريبات التي كشفت عنها مصادر إماراتية وبدا يعرفها القاصي والداني المحيطين بقصور الامارة.. حتى امتلاء المعتقلات بالناشطين وكل من ينتقد سياسة الامارات وهو ما تؤكده تقارير المعارضة الاماراتية والمنظمات الدولية الناشطة في مجال حقوق الانسان ومنها "هيومن ووتش رايتس" "وإكسفام" وغيرهما.
علياء القاسمي - باحثة وكاتبة خليجية / الوعي نيوز
https://telegram.me/buratha