شّن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر اليوم 26/ 02/ 2016 هجوما عنيفا على حكومة حيدر العبادي، مطالبا إياه بتطبيق الإصلاحات ومحاربة الفساد.
وشدد الصدر في كلمة له أمام الألوف من أتباعه في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد على أن الحكومة تركت شعبها يصارع مشكلات "الموت والخوف والجوع والبطالة والاحتلال"، وأوصلته إلى أزمة أمنية خانقة، واقتصادية مهلكة، وخدمية متردية، وسياسية متهالكة.
وفي إطار الحديث عن فتن طائفية في العراق، أكد الصدر أن لا فرق بين عراقي إسلامي وعلماني، سني أو شيعي. وطالب رئيس الحكومة بتنفيذ إصلاحات حقيقية تغير الأوضاع في البلاد، وتخرج المواطنين من ظروف الوضع الحالي؛ مهدداً، بصورة لا تقبل اللبس، بأن على من يرفض ذلك في الحكومة أن يتنحى ويترك منصبه.
ألوف العراقيين من أتباع الصدر، الذين توافدوا في وقت مبكر من صباح الجمعة على ساحة التحرير، قادمين من محافظات الوسط والجنوب، ومن مناطق مختلفة من العاصمة، للمشاركة في التظاهرة، تجمعوا وسط إجراءات أمنية مشددة، وإغلاق شبه تام للطرق الرئيسة. وقد أفاد عدد من منظمي تظاهرة التيار الصدري بأن أعداد متظاهري ساحة التحرير في بغداد قد تخطى نصف مليون شخص، فيما امتد زحف التظاهرة إلى شارع وزارتي الداخلية والنقل قرب شارع القناة ومدخل مدينة الصدر.
وكان الصدر قد منح، في كلمة سابقة، رئيس الوزراء حيدر العبادي 45 يوماً لتشكيل حكومة تكنوقراط، وهدد بسحب الثقة منه في حال فشله بذلك. ومن الجدير بالذكر أن لدى التيار الصدري ثلاث حقائب وزارية في الحكومة الحالية (الموارد المائية، البلديات والأشغال والصناعة)، و34 مقعداً في مجلس النواب، الذي رفض منذ أيام منح العبادي تفويضا مطلقا لتشكيل حكومة جديدة، تضم أعضاء من ذوي التخصصات أو التكنوقراط.
الشيخ صلاح العبيدي، الناطق باسم زعيم التيار الصدري، قال إن عجز العبادي عن تحقيق التغيير والإصلاح سيعني أنه لن يجد مكانًا له في الحكومة، في إشارة إلى إمكان معارضة التيار لبقائه رئيسًا للوزراء.
وطالب الشيخ العبيدي وزراء مبادرة تحالف القوى العراقية السنية، وكتلة المواطن الممثلة للمجلس الأعلى الإسلامي برئاسة السيد عمار الحكيم.. طالبهم بتقديم استقالاتهم، مشددًا على أنّ استقالة وزراء التيار الصدري أمر مفروغ منه.
وكان العبادي قد أعلن في التاسع من فبراير/شباط الجاري عن توجهه لإجراء تغيير وزاري جوهري بضم شخصيات مهنية متخصصة من التكنوقراط إلى حكومته، داعيًا البرلمان والكتل السياسية إلى التعاون معه، لإنجاز هذه المهمة، التي قال إنها ستساعد على خروج العراق من ظروفه الصعبة، التي يمر بها حاليًا.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن العبادي كان قد زار الصدر أمس في مدينة الكاظمية ببغداد. وتكمن أهمية هذه الزيارة في أنها جاءت بعد سلسلة مقترحات أعلنها الصدر، وتهدف إلى الخروج من الأزمة السياسية.
والسبب الآخر لهذه الزيارة ربما يكمن في التماهي السياسي بين تيار الصدر والعبادي في ضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد، وكف أيدي الميليشيات وعزلها.
في غضون ذلك، يرى مراقبون أن الوضع بدأ يتجاوز قضية الخلافات في الرؤى أو في تفسير نصوص الدستور، ليمتد عميقا إلى داخل بنية ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة.. وبمرور الوقت، يزداد الفرز داخل التشكيلين لصالح كتلتين رئيستين، تعلن إحداهما انحيازها إلى طرح العبادي، فيما يصطف آخرون خلف نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية المقال.
من هنا يمكن القول إن تظاهرة أنصار التيار الصدري، وتهديد زعيمه قبل أيام بسحب الثقة من العبادي بعد عام من الفشل في الإصلاح.. أمور قد تكون لمصلحة العبادي، الذي يستطيع استخدام هذا الدعم، وإضافته إلى القوى السياسية الحليفة له في البرلمان لقبول حكومة تكنوقراط جديدة.
وإن تحقق ذلك، فإن العراق سيشهد انتقالة كبيرة في هذا العام 2016 لم يشهد مثيلاً لها منذ عام 2003.. انتقالة قد تنهي عصر "داعش" والميليشيات والمحاصصة الطائفية، التي لفظها الجمهور العراقي، والذي يبدو أنه لم يعد بإمكانه الانتظار.
https://telegram.me/buratha