قاسم العجرش
ربما يغيب عن بال المتابعين والدارسين، حقائق كثيرة عن العراق، وبنيته المجتمعية والسياسية، حيث يتداخل الخاص الشخصي، بالعام الشعبي، وحيث يتماهى النخبوي مع الشارعي، وحيث تغيب الحدود بين ما هو أهم وما هو مهم.
بعض هذه الحقائق سهلة التفسير، وبعضها الآخر عصي على التفكير، من سهلها أن للعراق ثوابت منيعة، هي التي تفسر سر تمنعه، على كل الموجات التي أرادت، أن تضعه في دائرة نفوذها، وحيث عجزت كل الدول القوية والطامعة، التي أرادت أن تضم العراق إلى مناطق نفوذها، لأنها لم تدرك؛ أن أهم سمة للشعب العراقي، هو أنه حر وعصي على التطويع.
في هذا السياق، ونحن نتابع بإشمئزاز؛ تصريحات وزيري خارجية الأمارات وتركيا، التي تشكل ليس تدخلا سافرا بالشأن العراقي فحسب، بل تعد تطاولا على عملاق، وجد قبل أن توجد هاتين الدولتين!
إذا كان ثمة ما يسوغ للوزير التركي، تصريحاته عن قدرة القوات العراقية على تحرير الموصل، على أساس أن لبده مصالح في العراق، بحكم التماس الجغرافي، وبحكم أن لبلاده قوات على الأرض العراقية، يحاول تبرير وجودها، فإن تصريحات الوزير الأماراتي، لا يمكن لها ان تجد مكانا من الأعراب، إن لحجم تأثير دولته المشيخية، في الشأن السياسي العالمي، ناهيك عن تاثيرها بالشانين المحلي والأقليمي.
إن تصريحات الوزير التركي، تحاول بلا فائدة؛ طمس حقيقة أن تركيا، متورطة بالشأن العراقي، بشكل سافر وقبيح، ومهما حاول الأتراك حجب الحقائق الدامغة، التي تؤكد دعمهم المكشوف لعصابات داعش، كما أن محاولاتهم البائسة، بإدعاء وقوفهم الى صف الجبهة المحاربة للإرهاب، تصطم بحقيقة إحتضانهم لعصابات داعش والنصرة، وكافة العصلابات التي أوغلت بالدمين ابلعراقي والسوري.
بيد أن تصريحات الوزير الأماراتي، أخذت منحى أكثر إثارة للإستهجان والإستنكار، فهي لا تشم منها إلا رائحة التأجيج الطائفي المقيت، الذي يحاول عربان الخليج والجزيرة العربية، إنتاجه وإعادة إنتاجه بلا طائل، لأنه أصبح من الماضي الذي سحقته أقدام العراقيين، سنة وشيعة وباقي المذاهب والأديان، عربا وكردا وتركمان وسائر القوميات، وهم اليوم يقفون أطودا شامخة، على سواتر العز والكرامة، يطاردون الدواعش في كل شق وجحر، وخلف أي حائط وستر..
إن العراقيين وهم أوائل صناع الحضارة، يحتفظون بسجلات للتاريخ، مرة كتوبها على الطين، ومرات نقشوها على جدران الكهوف، ومرات كتبوها على ألواح أكتاف الجمال، وأخرى كتبوها على الورق، وكلها سجلات نخرج منها بنتيجة واحدة لا غير، وهي أن العراقيين يحسنون صناعة المجد، الأمر الذي لا يجيده الأتراك والإماراتيين طبعا!
https://telegram.me/buratha