التقارير

الاقتصاد العراقي..ما بعد التفاؤل وما قبل التشاؤم..!!

2442 08:48:00 2016-03-04

من المؤسف أن يكون النقاش الإجتماعي الدائر حول الاقتصاد العراقي متركزا على (محاور وهمية) و (قضايا ثانوية) بعيدة عن الاولويات الحقيقية والتحديات الفعلية التي يواجهها الاقتصاد الوطني اليوم..قبل عام واحد فقط وقبل أن تنهار أسعار النفط كانت (قضية حذف الاصفار) من العملة هي الشغل الشاغل للاقتصاديين والساسة رغم أنها ( قضية صفرية) في الحسابات الاقتصادية الفعلية وهي تافهة لا قيمة لها ..واليوم ينشغل ساسة العراق بأمر شكل الحكومة القادمة ومن الذي سيبقى أو يغادر دون أن يتحدث أحد عن (الرؤية) ..و(البرنامج) أو (النظام) الذي سيعتمد للخروج من الأزمة.

إنقسام اقتصاديين العراق اليوم ما بين متشائم ومتفائل هو وجه آخر من اوجه ضياع الاولويات واضطراب الوصلة وضبابية الرؤية فالقضية ليست موضع تشاؤم وتفاؤل بل أن الأمر مبني على تشخيص الحقائق والإعتراف بها والخروج بحلول ومعالجات ..نحن في العراق نركز على الأشخاص قبل (النظام أو السيستم) الذي يعمل به ذلك الفرد أو المسؤول ..لا أحد يسأل عن نظام العمل وآلياته واجوائه ومعادلاته ولذلك نطلق الأوصاف جزافا..هذا ناجح ..وذاك فاشل..ولا أحد يسأل ما هو السيستم أو الآليات التي عمل بها ذلك المسؤول ..وهل بإمكان (ترس) في ماكنة معطلة أن يعيد الحياة للماكنة ..؟

وهل بإمكان مبدع أو مجد أن يحقق إنجازا في ظل نظام عمل غير صالح أو لا يتسم بالكفاءة..؟

هل بإمكان فرد أن يعاكس تيارا بأكمله ويدفعه للسير في المجرى السليم..؟

لا أقول ذلك تبريرا للأفراد أو عذرا للمقصرين ولكنه محاولة لتصحيح مفاهيم اساسيةغابت وسط زحام الفوضى وضجيج التنافسات والصراعات ومشاريع التسقيط والتشكيك..

ما بعد التشاؤم ..وما قبل التفاؤل..هناك جدول أعمال مزدحم لابد من إنجازه قبل الوصول بالإقتصاد العراقي إلى التعافي ،علينا أن نقر بأن الخلل في هذا الاقتصاد (بنيوي)و (هيكلي) و(عضوي) وأن الأمر يتطلب إجراءات حاسمة (جذرية وشاملة ومتكاملة) وقد يستغرق ذلك سنوات ولا حلول سهلة على الإطلاق إلا إذا كان المراد تهدئة الجمهور..

لابد من (مبضع الجراح) لعلاج علل الاقتصاد العراقي وهذه الجراحة مطلوبة اليوم رغم إقراري أن تكلفتها الإجتماعية والسياسية قد تكون فوق القدرة على التحمل في بيئة محتقنة ومأزومة كالتي نعيشها اليوم..

ثم ماذا عن (المناخات الثقافية والاجتماعية والسياسية) التي لابد منها في أي عملية تغيير جذري تعتمدها الدولة اليوم..

أن تاريخ التطور والتغيير في العالم والنهضات الاقتصادية المعاصرة كلها تشهد أنه ما من تجربة واحدة تحقق فيها نهوض اقتصادي إلا وكان هناك حزمة مرافقة ( من النهوض الثقافي والاجتماعي) ونضج واستقرار يسبقه وعي جماهيري ومجتمعي، نحن لا نضع العصي في الدواليب عندمت نتحدث عن ذلك كله ولكنها الحقائق التي لا يمكن القفز عليها..

التاريخ العراقي يشهد دائما على قدرة غير اعتيادية للعراق على التعافي والنهوض بعد النكبات الكبيرة ولقد شبهت العراق بطائر العنقاء الاسطوري الذي له قدرة عجيبة على مواجهة الموت والتجدد والذي ينهض بعد كل كبوة يظن فيها الناس انه لا أمل ولا حياة بعدها، لكننا نؤكد مرة أخرى أن جدول الأعمال الفعلي مزدحم وأن المهمة ليست باليسيرة وأعتقد أن إنخفاض أسعار النفط كان (ضروريا) لكي يسلط الضوء على عيوبنا القاتلة ويدفعنا من أجل العلاج الذي نريده (بنيويا ) وليس سطحيا أو شكليا كما يطرح الآن، علما أننا كنا سنواجه اوضاعا ربما أخطر من هذه التي نواجهها اليوم لو جاء إنخاض النفط بعد عشرة أو عشرين سنة وهو أمر حتمي الحدوث بكل تأكيد في ضوء الإنكشاف والإرتهان لسلعة النفط الذي  يتسم به الاقتصاد العراقي .

ما بعد التفاوءل ..هنالك تحديات لا مهرب من مواجهتها ..وما قبل التشاؤم ..هنالك الرؤية وجدول الأعمال المزدحم الذي لابد من الوفاء بأستحقاقاته.       

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك