توجه سليماني إلى وفد حماس بالقول “مشاكلنا مع السعودية ستنتهي، وسيخسر من يصطف هنا أو هناك، وسيتذكر الجميع من وقف مع من، معركتكم طويلة وواسعة، ومن الضروري أن يدعمكم كل العالم الإسلامي، نريد أن تكون فلسطين قوية، وأن تنجحوا في المصالحة فيما بينكم”.
خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2016 بدأت الترتيبات لمحاولة رأب الصدع كلياً بين حماس السياسية وإيران. كان المسؤول عن هذه المهمة موسى أبو مرزوق الذي زار بيروت والتقى بشكل سري مسؤولين إيرانيين وآخرين من حزب الله. خلال رحلته حصل أن تحدث أبو مرزوق مع أحد المسؤولين في الحركة في غزة عن الدعم الإيراني واصفاً إياه بـ “الكذبة الكبيرة” وأن “الإيرانيين يبتزون الحركة لفتح علاقات مع أطراف أخرى”. في الطرف الثالث من المكالمة كان جهاز أمن داخلي لبناني يسجل المكالمة، وبحسب مصادر أمنية مطلعة فقد تم تسليم التسجيل إلى جهة إقليمية قررت تسريبها قبل أيام فقط من توجه أبو مرزوق على رأس وفد من حماس إلى طهران للمشاركة في احتفالات الذكرى السابعة والثلاثين للثورة الإسلامية.
حاول الفريق المقرب من إيران داخل الحركة تدارك الأمر كي لا تسقط مساعي رأب الصدع، عاد أبو مرزوق إلى بيروت وحاول لقاء المسؤولين الإيرانيين، لكنه تلقى رسالة واضحة “اللعبة إنتهت”. لم تعن نهاية اللعبة إنتهاء مساعي التقريب، تشكل وفد من القياديين محمد نصر وأسامة حمدان وإتجها مع وفد من الفصائل الفلسطينية إلى طهران حيث شارك الجميع في احتفالات ذكرى الثورة، وكان الجو العام يشير إلى الزيارة على أنها أقل من بروتوكولية وأنها لن تشهد جديداً في ظل ما حدث، لكن الأمر لم يكن كذلك.
إلتقى الوفد الفلسطيني بالعديد من المسؤولين الإيرانيين، أمين مجلس الأمن القومي علي شمخاني ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، لكن اللقاء الأبرز وغير المعلن كان مع قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني.
الميادين حصلت على محضر الكلام الذي وجهه سليماني إلى الوفد الفلسطيني ومن ضمنهم وفد حماس الذي عاد وإلتقى بسليماني على حدة. في اللقاءات هذه تحدث سليماني وتحدث الوفد الحمساوي، وبحسب مصادر مطلعة على اللقاء فإن وفد حماس حمل تصوراً كاملاً للمرحلة القادمة، “الظروف التي بنيت عليها العلاقة ما قبل 2011 لا يمكن أن تستمر بشروطها وقواعدها” قال مصدر في حماس للميادين نت، “العالم تغيرمنذ الربيع العربي، لا إيران هي ذاتها ولا حماس هي ذاتها، لكن لحماس وإيران ذات الرغبة في وجود مقاومة قوية في فلسطين في مواجهة الإعتداءات الإسرائيلية، لذا فلا بد من إيجاد أسس جديدة للعلاقة”. يضيف المصدر “خلال السنوات الماضية كان هناك الكثير من الأخطاء، بعضها من حماس وبعضها من إيران، لكن إيران وحماس تعلمان أن المقاومة في خطر، ونحن نعلم أن الدولة الوحيدة القادرة على دعم المقاومة هي إيران، هذا ليس إفتراضاً، هذا أمر يستند إلى سنوات من الخبرة”.
وفي حين تحدث سليماني بإسهاب عن واقع المقاومة ونظرة إيران لها، فإن المصادر أشارت إلى أنه كان مجروحاً بشكل كبير من كلام موسى أبو مرزوق، “تحديداً موسى أبو مرزوق لأنه كان على تواصل مباشر ويعلم أكثر من أي شخص أن إيران حتى في أسوأ الظروف كان ترسل للمقاومة إحتياجاتها”.
مما قاله سليماني في اللقاء العام مع الفصائل “موقف الجمهورية الإسلامية من فلسطين ثابت وراسخ قبل الاتفاق النووي وهو ذاته بعد الاتفاق النووي، لا تغيير، ونحن ماضون في دعمنا لفلسطين. وأؤكد بالصوت العالي، أن المفاوضات مع الغرب كانت حول الاتفاق النووي ولم يكن هناك أي موضوع آخر، ولم تكن هناك صفقات أخرى، وبكل شفافية فإن وزير الخارجية د.ظريف كانت له مهمة محددة وواضحة وهي الاتفاق النووي ولا تفويض لبحث أي موضوع آخر، رغم كل المحاولات الأميركية. حتى العلاقات الثنائية رفضنا نقاشها مع الأميركيين، رغم احتياجاتنا وضروراتنا لم نفتح معهم أي موضوع، وأؤكد لكم أنهم حتى لو ضاعفوا الضغوط و الحصار علينا عشرات الأضعاف، فإننا لن نقدم أي تنازل في قضية فلسطين، لهذا ترون الكونغرس مصراً على موقفه ضد إيران باعتبارها داعمة للارهاب وفلسطين”.
أضاف سليماني “البعض، كما تعلمون، يقول إننا ندعم فلسطين بسبب مصالحنا، هذا لم يكن صحيحاً منذ بداية الثورة، وليس صحيحاً الآن، فنحن غير مستعدين للتفاوض أو التفاهم مع أمريكا أو غيرها على المسألة الفلسطينية. وأؤكد لكم، تبلغوا إخوانكم، أن دعمنا لفلسطين سيستمر، لأن هذا موقف مبدئي أصولي عقائدي عندنا، هذا الموقف بيننا وبين الله. بالنسبة لحجم الدعم، ففي بعض الأوقات قد يتراجع الدعم، وهذا بسبب ظروفنا، وأوضاعنا الاقتصادية فقط وليس لتغير في الموقف السياسي اتجاه فلسطين، فنحن لا نغير في الأصول. وستظل فلسطين عندنا عقيدة”.
سليماني أشار إلى أن بلاده لا تعارض أن تدعم الدول الإسلامية الأخرى المقاومة الفلسطينية “نحن لسنا ضد أن تدعمكم الدول الاسلامية، بل نقبل يد كل من يقف مع فلسطين من الدول الإسلامية ولا مشكلة لدينا في ذلك، بل نفرح إذا ساعدتكم أي من هذه الدول، وأن تكون مع المقاومة، بل وأن تملأ مكاننا” متمنياً على الجميع عدم التدخل “في الخلافات العابرة في المنطقة، مشاكلنا مع السعودية ستنتهي، وسيخسر من يصطف هنا أو هناك، وسيتذكر الجميع من وقف مع من، معركتكم طويلة وواسعة، ومن الضروري أن يدعمكم كل العالم الإسلامي، نريد أن تكون فلسطين قوية، وأن تنجحوا في المصالحة فيما بينكم”.
وختم سليماني قائلاً “في ايران عندما يكون العنوان فلسطين فالجميع ثوري، والجميع يحب فلسطين، وفلسطين أساسية حتى في وضعنا الداخلي، قبل سنوات رفع البعض شعار(لا غزة لا لبنان..روحي فدا ايران ) أسألكم أين هؤلاء الناس، لقد سجلنا هذا في قاموسنا السياسي الداخلي، أن من رفع شعاراً مناهضاً لدعمنا لفلسطين لن يكون في أي من المناصب السياسية ولن يكون له دور في صناعة القرار السياسي في هذه البلاد. أين يمكن أن يحصل ذلك؟”
https://telegram.me/buratha