رغم أنها تخوض صراعا مريرا منذ عقود إلا أن تصاعد وتيرة التفجيرات التي استهدفت مؤخرا العاصمتين الرسمية والتجارية أنقرة واسطنبول سيضع تركيا في مأزق خطير قد يحطم كبرياء العثمانيين.
الهجوم الذي نفذه انتحاري بحزام ناسف في قلب شارع الاستقلال، أشهر شوارع التسوق في اسطنبول، السبت 19 مارس/آذار، كان الرابع من نوعه منذ بداية العام الجاري، مما يرفع عدد الضحايا إلى 80، والجرحى إلى أكثر من 300 من جنسيات مختلفة.
ولعل اللافت في الهجوم الأخير، الذي نسبته الحكومة لـ "داعش"، أن معظم ضحاياه إسرائيليون الأمر الذي أثار حفيظة حكومة بنيامين نتنياهو ودفعها لتحذير الإسرائيليين من زيارة تركيا، ليطرح بذلك عدة أسئلة حول ما إذا كان الهجوم يحمل طابعا سياسيا، مثل محاولة تخريب العلاقات بين البلدين التي تشهد تقدما في الآونة الأخيرة.
وقد وصف السكرتير الصحفي للخارجية الإسرائيلية التعاون بين بلاده والسلطات التركية بأنه بات "فوق العادة" بعد تفجير اسطنبول الإرهابي الأخير الذي قتل فيه 3 إسرائيليين.
وذكر أن التفجير من شأنه التقريب بين إسرائيل وتركيا، لكنه شكك في أن المأساة المذكورة ستكون كافية لتخطي العقبات الباقية على طريق تطبيع العلاقات الثنائية وأشار إلى أن هذه العقبات تتسم بالطابع الجوهري العميق.
وكانت العلاقات بين أنقرة وتل أبيت تتسم بطابع الشراكة الاستراتيجية ولكنها تدهورت بعد أن حولت السياسة الخارجية التركية مسارها من التكامل مع أوروبا إلى تعزيز مواقعها في العالم العربي والإسلامي.
ورغم توجيه وزير الداخلية التركي افكان آلا أصابع الاتهام إلى "داعش" في أغلب الهجمات الانتحارية غير أن الأخيرة لم تعلن لليوم مسؤوليتها عن أي تفجير في تركيا، علما أنها لا تتردد ولا تخجل من الاعتراف بهجماتها.
التفجيرات السابقة، وخاصة تلك التي وقعت في منطقة مسجد السلطان أحمد السياحية في اسطنبول استهدفت سياحا من ألمانيا، لتتطابق عملية التنفيذ مع نظيرتها في شارع الاستقلال ما يعني أن الهدف الأبرز هو ضرب الموسم السياحي التركي وبث الرعب في قلوب السياح الأجانب.
ولعل نتائج هذه الحوادث بدأت في البروز خاصة مع انخفاض الحجوزات السياحية لموسم الصيف المقبل حوالي 40 بالمئة مما يعني خسارة الخزينة التركية حوالي 15 مليار دولار على الأقل، علما أن الدخل السياحي التركي السنوي حوالي 36 مليار دولار.
إلى ذلك، تقع تركيا في منطقة تشهد توترا دائما، وتخوض منذ عقود صراعا مريرا مع الانفصاليين الأكراد في جنوبها، وهي تحاذي العراق الذي يعيش اضطرابات منذ الغزو الأمريكي له، وسوريا التي تعيش نزاعا هو الأعنف منذ بداية القرن الحالي.
هذه العوامل بالإضافة إلى عوامل داخلية وإقليمية أخرى جعلت من تركيا عرضة لاعتداءات متكررة. وفيما يلي أهم الاعتداءات التي شهدتها تركيا منذ عام 1982:
* 19 آذار ـ مارس 2016: مقتل 4 أشخاص وإصابة 12 آخرين في تفجير انتحاري استهدف شارع الاستقلال أشهر منطقة تسوق في اسطنبول.
* 13 آذار ـ مارس 2016: مقتل 34 شخصا على الأقل وإصابة العشرات في تفجير سيارة مفخخة بالقرب من ساحة كيزيلاي الرئيسية في أنقرة.
* 17 شباط ـ فبراير 2016: مقتل 29 شخصا في تفجير سيارة مفخخة استهدفت الجيش التركي في أنقرة. أعلنت مجموعة تطلق على نفسها "صقور حرية كردستان" مسؤوليتها عن التفجير، إلا أن السلطات التركية تقول أن أكرادا سوريين مرتبطين بالتفجير.
* 12 كانون الثاني ـ يناير 2016: مقتل 11 سائحا ألمانيا وإصابة 16 آخرين بجروح في تفجير انتحاري نفذه سوري في منطقة سلطان أحمد السياحية وسط اسطنبول.
* 10 تشرين الأول ـ أكتوبر 2015: مقتل 103 أشخاص وإصابة أكثر من 500 في تفجيرين انتحاريين أمام محطة أنقرة المركزية خلال تجمع مؤيد للأكراد. وهذا الهجوم الأكثر دموية على الأراضي التركية نسبته السلطات إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
* 20 تموز ـ يوليو 2015: اعتداء في سوروتش قرب الحدود السورية أسفر عن 34 قتيلا ونحو مئة جريح بين ناشطي القضية الكردية. ونسبته السلطات إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
* 11 أيار ـ مايو 2013: اعتداء مزدوج يسفر عن 52 قتيلا في ريحانلي (أو الريحانية)، المدينة الكبيرة في جنوب تركيا قرب الحدود السورية.
* 11 شباط ـ فبراير 2013: اعتداء على مركز جيفلغوزي الحدودي (جنوب شرق) يسفر عن 17 قتيلا.
* 27 تموز ـ يوليو 2008: اعتداءان بالقنابل يسفران عن 17 قتيلا و115 جريحا في اسطنبول. السلطات تتهم حزب العمال الكردستاني.
* 12 أيلول ـ سبتمبر 2006: انفجار قنبلة قرب موقف للحافلات في وسط مدينة دياربكر (جنوب شرق) يسفر عن مقتل 10 أشخاص منهم سبعة أطفال. ونفى المتمردون الأكراد أي ضلوع في الانفجار.
* 15 و20 تشرين الثاني ـ نوفمبر 2003: 4 اعتداءات انتحارية بسيارات مفخخة في اسطنبول على كنيسين وعلى القنصلية البريطانية وبنك اتش.اس.بي.سي البريطاني، أسفرت عن 63 قتيلا، منهم القنصل البريطاني العام ومئات المصابين. وأعلنت خلية تركية لتنظيم "القاعدة" مسؤوليتها عن تلك الاعتداءات.
* 13 آذار ـ مارس 1999: 12 قتيلا في اعتداء بقنابل حارقة على مركز تجاري في اسطنبول أعلن حزب العمال الكردستاني مسؤوليته عنه ثم ما لبث أن نفاها.
* 25 كانون الأول ـ ديسمبر 1991: إلقاء متفجرات وزجاجات حارقة على متجر كبير في الشطر الأوروبي من اسطنبول يوقع 17 قتيلا و23 جريحا. ونسبت العملية إلى حزب العمال الكردستاني، أبرز المجموعات الكردية المتمردة.
* 6 أيلول ـ سبتمبر 1986: 22 قتيلا (بالإضافة إلى منفذي الهجوم الاثنين) في اعتداء على كنيس نيفي شالوم في اسطنبول. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عنه.
* 7 آب ـ أغسطس 1982: انفجار قنبلة تلاه إطلاق نار في مطار أنقرة أسفر عن 11 قتيلا و63 جريحا. وأعلن "الجيش السري لتحرير أرمينيا" مسؤوليته عن الهجوم.
المصدر: وكالات
https://telegram.me/buratha