لقي نحو 113 مهاجرا غير شرعي مصرعهم قبالة السواحل الليبية نتيجة غرق قوارب كانت تقلهم في طريق الهجرة إلى أوروبا.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إنها أحصت مئات القتلى بين ليبيا وإيطاليا بين يومي الجمعة والاثنين؛ مشيرة إلى أن 84 مهاجرا ما زالوا مفقودين بعد حادث غرق قارب مطاطي بالقرب من جزيرة سيسيليا الإيطالية. بينما أوردت وسائل الإعلام الإيطالية أن قارب صيد إيطاليًا أنقذ 26 شخصا في عرض البحر الأبيض المتوسط بعد تعطل محرك القارب.
الإبحار نحو الموت
وازدادت وتيرة محاولات الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر الأبيض المتوسط بشكل غير مسبوق خلال الفترة الماضية؛ حيث لا يمر يوم من دون تسجيل حوادث غرق، أو إنقاذ مجموعة كانت تنوي الوصول إلى أوروبا.
وتأتي ليبيا في مقدمة الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، انطلاقا من الضفة الأخرى لحوض البحر الأبيض المتوسط بفعل حالة الفوضى، التي تعيشها منذ سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي قبل نحو أربع سنوات.
فغياب الدولة المركزية في ليبيا، وعدم وجود قوات خفر سواحل مجهزة لمحاربة الهجرة؛ جعل البلاد مرتعا خصبا لعصابات الاتجار بتهريب البشر، التي تجني أموالا طائلة مقابل تسهيل عبور المهاجرين.
وغالبا ما تنتهي رحلة الهجرة الشاقة بالموت في عرض البحر الأبيض المتوسط؛ حيث يتطلب الوصول إلى إيطاليا انطلاقا من ليبيا قطع مسافة 300 كيلومتر على متن قوارب متهالكة لا تقوى على مواجهة هيجان البحر.
المعبر الأخير
وتشكل ليبيا حاليا الوجهة الأولى لطالبي اللجوء السري نحو أوروبا؛ حيث تشير تقديرات وزارة الدفاع الفرنسية إلى أن ما لا يقل عن 800 شخص ينتظرون دورهم في رحلة الموت إلى أوروبا، ما يهدد بانفجار الوضع.
هذا الرقم يسير نحو ارتفاع مستمر نتيجة مجموعة من العوامل: فليبيا حلقة وصل بين أوروبا ودول إفريقيا جنوب الصحراء، ولا توجد رقابة على حدودها البرية الشاسعة؛ ما يجعلها طريقا سالكا للمهاجرين القادمين من مالي وتشاد والنيجر والسودان والصومال وغيرها من دول إفريقيا.
كما أن إغلاق أكثر طرق أوروبا ازدحاما بأسراب المهاجرين وهو معبر البلقان، شهر مارس/آذار الماضي، والاتفاق الذي وقعه الاتحاد مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين عبر اليونان؛ دفع المرشحين للهجرة إلى البحث عن طريق آخر للوصول إلى القارة العجوز.
هذه المعطيات جعلت السواحل الليبية في المرتبة الأولى من حيث الكثافة العددية للمهاجرين؛ لكنها هي الأولى أيضا من حيث عدد الضحايا بسبب خطورة المغامرة.
لا بد من حل
وإذا كانت دول صربيا وسلوفينيا ومقدونيا تمكنت من إغلاق طريق البلقان، الذي قصده 850 ألف مهاجر خلال العام الماضي فقط، فإن دول أوروبا الواقعة على الطرف المقابل لليبيا من البحر الأبيض المتوسط لم تستطع حتى الآن إغلاق بواباتها البحرية أمام المهاجرين الذين يطرقونها بشكل دائم.
وتبحث كل من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا عن حل جذري لأزمة الهجرة المستفحلة؛ حيث صرح وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك إيرولت بأن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، ويجب إيقافه بأي طريقة كانت.
وقد أطلق الاتحاد الأوروبي عملية أطلق عليها اسم "صوفيا" لاعتراض المهاجرين، وإعادتهم من حيث أتوا. ويعتقد الاتحاد أنها أنقذت حياة الألوف من المهاجرين؛ لكنه يريد تعزيزها بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي.
وبعد فشل الاتحاد (حتى الآن) في الحصول على ترخيص من الحكومة الليبية بتنفيذ عمليات داخل المياه الإقليمية الليبية، بدأ بالتفكير في تدريب وحدات من خفر السواحل التابعة لحكومة الوفاق الوطني.
وتشير وثيقة نشرها موقع "شبيغل أونلاين" الألماني إلى أن الاتحاد قد يدرس خيار إنشاء مقرات سرية في ليبيا لتجميع المهاجرين بعد أن امتلأت أماكن الاحتجاز الليبية.
لكن أكثر ما يقلق الأوروبيين في معضلة الهجرة السرية هو نشاط مجموعات إرهابية لجمع أموال الهجرة والتسلح بها من ناحية، ومن ناحية أخرى تهريب انتحاريين إلى أوروبا ضمن قوافل المهاجرين.
سيد المختار
https://telegram.me/buratha