تؤكد فصائل تابعة للحشد الشعبي وجود اتفاق مع القيادة العسكرية العراقية لاقتحام الفلوجة في "وقت قريب". في حين يقول مسؤولون محليون أنباريون بأن الحكومة لم تقرر الهجوم بعد.
في هذه الاثناء تواصل القوات المشتركة ملاحقة داعش الى الحدود العراقية الرابطة مع الادرن، بعد تحرير "الرطبة" بوقت قياسي.
الحشد في الفلوجة
وقال القيادي في الحشد الشعبي، الامين العام لمنظمة بدر هادي العامري، ان مهمة الحشد في تحرير الفلوجة ستكون محاصرة "داعش"، وتطويق المدينة من الخارج لمساندة ابنائها في التحرير.
لكن محمد ناجي، النائب عن بدر وأحد المشرفين على قواطع الحشد التابعة للمنظمة، قال لـ(المدى) ان "أمر دخول الحشد الى الفلوجة مرتبط بالتكتيكات".
بدوره يؤكد قائممقام الفلوجة سعدون الشعلان، في اتصال مع (المدى)، ان "الاتفاق مع الحكومة والعشائر يتضمن تطويق الحشد للمدينة وليس دخولها".
واوضح الشعلان ان "حشد العشائر هو من سيقوم بمهمة الدخول الى الفلوجة، بالاضافة الى القوات النظامية من جيش وشرطة".
ويواجه "درع الفلوجة"، لواء من مقاتلي عشائر المدينة، عراقيل للاعتراف به رسميا ضمن "هيئة الحشد"، ودفع الرواتب لمنتسبيه. وكانت بغداد قد وافقت، مؤخرا، على تشكيل اللواء من ابناء الفلوجة، استعداداً لاقتحام المدينة.
وصار تحرير الفلوجة، في الآونة الاخيرة، امراً ضروريا بعد زيادة الهجمات على مناطق "حزام بغداد"، وتهديد عامرية الفلوجة القريبة من "الفلوجة".
وأعلنت قيادة الحشد الشعبي، الجمعة، ان قوات الحشد المرابطة على أطراف مدينة الفلوجة، وفّرت ممرات آمنة لخروج العوائل والمدنيين منها. وذكر بيان مقتضب لقيادة الحشد ان تأمين الممرات "تمهيد لانطلاق العمليات العسكرية".
وكان القائد العام حيدر العبادي قد أعلن، السبت الماضي، ان عملية عسكرية كبرى ستنطلق قريباً لتحرير مدينة الفلوجة من داعش. وذكر العبادي، في كلمته خلال ملتقى الحوار المشترك، "بدأنا بتهيئة عملية تحرير الفلوجة وهناك عملية كبرى سنطلقها قريبا لتحريرها".
أسهل من معركة بيجي!
من جهته، يقول النائب محمد ناجي انّ "هناك عملا متواصلا ومتكاملا بين الحشد الشعبي والحكومة للدخول الى الفلوجة".
ويلفت القيادي في بدر الى ان "الحشد الشعبي يعمل تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة". في إشارة الى ان التحرك نحو الفلوجة جاء بالاتفاق مع رئيس الوزراء.
كما يكشف النائب عن "وجود أعداد كبيرة من الحشد في انتظار اللحظة المناسبة للهجوم على الفلوجة"، مؤكدا ان "تلك الحشود أكبر من التي شاركت في تحرير بيجي".
ويتوقع الحشد ان تكون معركة الفلوجة أسهل من بيجي على اعتبار ان الاولى تخضع لحصار من كل الاتجاهات، على عكس ما كانت عليه بيجي التي كانت مفتوحة على ثلاث محافظات.
وتساءلت كتلة بدر وفصائل اخرى تابعة للحشد مرارا وتكرارا عن سبب ترك الفلوجة والانشغال بتحرير هيت ومن ثم الرطبة. وكانت بدر تستعد لتوجيه اسئلة مباشرة الى رئيس الحكومة عن ذلك، لكن يبدو الانشغال بالازمة السياسية قد حال دون ذلك.
ونشب مطلع العام الحالي، أكثر من صراع بين عشائر فلوجية وعناصر من داعش، تمنت حينه زعامات قبلية، تعيش خارج الفلوجة، بأن تستثمر بغداد ذلك لتحرير المدينة، لكنّ بغداد التزمت الصمت.
ويرى قادة الحشد أن الفلوجة أصبحت مصدر تهديد للعاصمة بغداد، عبر استغلال خلايا نائمة تنشط وتتواجد في منطقة أبو غريب.
وعرض منشقّون عن داعش، في وقت سابق، على الحكومة العراقية صفقة لدخول الفلوجة من دون قتال، مقابل ضمان عدم ملاحقتهم بعد ذلك.
لكنّ مسؤولا محليا في المدينة، أكد لـ(المدى) حينه ان الحكومة العراقية تعاملت بـ"برود" مع العرض الذي قدمه المنشقون، دون ان يعلم السبب وراء ذلك. واقترح المسلحون حينه على الحكومة اخذ عوائلهم "رهائن" لحين تحرير المدينة، كمؤشر على جدية عرضهم.
أميركا داخل اللعبة
بدوره قال مسؤول عسكري، كان يشغل منصبا رفيعا في الانبار، لـ(المدى)، "لا أستبعد وجود تفاهمات بين الولايات المتحدة والمنشقين في الفلوجة لدخولٍ آمن للقوات العراقية الى المدينة".
لكنّ الخبير الامني هشام الهاشمي كتب على صفحته في فيسبوك، ان "أمريكا غير مهتمة بتحرير الفلوجة التي تهدد حزام بغداد الغربي والشمالي وأهم منشآته السيادية، مثل مطار بغداد الدولي".
وكشف ناجي، قائد قوات بدر المرابطة جنوب الفلوجة، عن "ضغوط أميركية لإبعاد "الحشد عن الفلوجة والتوجه لتحرير بيجي".
وكان الحشد قد دافع كثيرا عن فكرته لتحرير الفلوجة قبل الرمادي، معتبرا انها "رأس الأفعى"، لكنه أبعد في النهاية بمسافة اكثر من 60 كم عن الفلوجة بأمر من العبادي.
وعن الدور الامريكي في الفلوجة، يقول ناجي ان "الحشد الشعبي لايتعامل مع القوات الاجنبية. ننسق مع الحكومة، ولانحتاج الى غطاء جوي غربي".
لكن يبقى موقف الحشد الشعبي"غير واضح"، فيما لو قرر العبادي طلب الدعم الجوي من التحالف الدولي في تحرير الفلوجة، هل سيتسمرون في المعركة أم ينسحبون؟
ولايستبعد القيادي في بدر ان يطلب رئيس الوزراء ذلك، لكنه نفى علمه برأي الحشد فيما لو حدث ذلك بالفعل.
وحتى وقت قريب كان الحشد الشعبي يرفض المشاركة في المعارك بغطاء جوي امريكي. ويتهم الحشد الاخير بانه ضرب "متعمدا" عدداً من المواقع التابعة له بذريعة الخطأ.
منافذ للمدنيين
إلى ذلك ينفي الشعلان، قائممقام الفلوجة، "وجود تحرك حكومي باتجاه الفلوجة حتى الآن". ويؤكد ان "الفلوجة مطوقة، لكن لاتوجد عمليات جديدة لاقتحامها".
وأنهت قطعات الجيش، الاسبوع الماضي، المتواجدة جنوب شرق الرمادي، المرحلة الاولى لتطويق الفلوجة بعد ان وصلت الى مناطق قريبة من المدينة.
ودمرت القوات المشتركة، داخل الشريط الذي يبلغ طوله نحو 12 كم، عددا من السواتر والأنفاق التابعة للتنظيم. كما قتلت اكثر من 100 إرهابي، بحسب بيانات عسكرية صدرت عقب تحرير المنطقة. وقد يتعثر تحرير الفلوجة، بوجود عدد كبير من السكان، حيث يقدر بنحو 100 ألف نسمة.
ويقول النائب محمد ناجي "إننا خسرنا عنصر المفاجأة حيث وجهنا إنذارات للسكان بالخروج. قد يكون الخروج صعبا لكن هناك منافذ آمنة".
في غضون ذلك قال عماد الدليمي، قائممقام الرطبة، في اتصال مع (المدى)، ان "القطعات الامنية مازالت تلاحق داعش الى منفذ طريبل الحدودي".
الدليمي كشف عن "هروب عدد من المسلحين الى سوريا"، مشيرا الى ان "العملية كانت مباغتة وسريعة، لم يتوقعها العدو".
وأعلن الجيش العراقي، الخميس، أنه استردّ بلدة الرطبة في غربي العراق من "داعش"، في عملية نفذت لقطع طريق إمداد التنظيم إلى سوريا المجاورة. ويضم قضاء الرطبة، نحو 40 ألف نسمة، 25 ألفاً منهم داخل المدينة، فيما كان قد نزح 10 آلاف، خلال العامين الماضيين، 5 آلاف منهم خارج القضاء، والنصف الآخر الى داخل القرى والنواحي التابعة للرطبة.
https://telegram.me/buratha