ان مشكلة الاكراد ونزعتهم الانفصالية والاستقلالية المحتملة وكذلك وجود آبار نفطية في شمال العراق بالقرب من الحدود التركية وتواجد أقلية التركمن في العراق تعتبر من العوامل المؤثرة على الامن القومي التركي.
ان رفض تركيا الشديد للغزو العسكري للعراق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها وخطة تغيير النظام في هذا البلدوالنفوذ الاسرائيلي في شمال العراق أديا الى تعقيد المعادلة في هذه المنطقة. لم تقبل تركيا مطلقا بالمعادلات الجديدة والتغيير في العراق.
وعملت بكل ما في وسعها طيلة السنوات التي أعقبت سقوط نظام صدام باتجاه زعزعة الامن والاستقرار في هذا البلد من خلال استغلال الارضية الاجتماعية هناك ويعود السبب الى عدم قبولها بالديمقراطية القائمة على اساس التعداد السكاني خاصة بالنسبة للمكون الشيعي الذي يشكل الغالبية العددية للسكان. ولعبت انقرة مع بعض الدول الاخرى دورا كبيرا واساسيا في الاخلال بامن العراق والنيل من سلطة الحكومة المركزية من خلال استغلال الارضية الداخلية والاسهام في ايجاد ارتباطات بين البعثيين وبين تنظيم داعش الارهابي وعقد صلات خارج العرف الدولي مع اربيل.
طبقا لميثاقها الوطني ، تظعمتركيا ان الشمال العراقي الى الموصل أراض تابعة لها. كما يعتبر داود اوغلو حسب نظرته الاستراتيجية شمال العراق دائرة نفوذ استراتيجي لتركيا للوصول الى الشرق الاوسط .
وعلى الاكثر ان هدفها في العراق هو السعي لايجاد فيدرالية سنية عربية اي تأسيس اتحاد وفيدرالية سنية عربية في مناطق غير المناطق الوسطى والجنوبية التي تقطنها الغالبية الشيعية. وتحاول انقرة عبر تأسيس هذه الفيدرالية السنية لحفظ وتوسيع دائرة نفوذه في العمق العراقي. بالاضافة الى ذلك، تخطط تركيا لتوحيد المنطقة السنية في العراق استراتيجيا وجيوسياسيا مع الجزء السني في سوريا .
من هنا يعمل تنظيم داعش في العراق وسوريا باتجاه خدمة سياسات تركيا ( في اطار المحور الغربي والناتو ).فحسب رؤية الاتراك، ان تعزيز تواجد داعش في العراق يعني النيل من قدرة ومكانة الشيعة في هذا البلد. وسيؤدي هذا الامر على المدى البعيد الى تهيئة الظروف والمناخات لممارسة النفوذ من قبل الاتراك داخل الارض العراقية .
وينطلق هدف تركيا في سياساتها ومواقفها من داعش من النظرة الاستراتيجية التي تتبناها هذه الدولة حيال مكانتها وموقعها في النظام الاقليمي للشرق الاوسط. ثمة مصالح متطابقة الاتجاه بين تركيا وداعش في الوقت الحالي وستظل انقرة تستفيد من هذه الاداة طالما تقتضي تلك المصالح ذلك وان كانت تنكر ذلك في اطار مواقفها الرسمية .
ان الدعم التركي للمجموعات الارهابية علاوة على تبعاتها السلبية على الاستقرار السياسي داخل تركيا، فانه يؤدي في نفس الوقت الى المزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وهذا سيلامس تلابيب هذا البلد مستقبلا .
من دون شك ان توسع رقعة التطرف والارهاب من افرازات وتبعات سياسات تركيا وان استمرار مثل هذا الوضع يعني استمرار الازمات داخل العراق وسورياوفي المنطقة .
في الوقت الذي تلتهم فيه نيران الحروب المشتعلة بالوكالة منطقى الشرق الاوسط وهي تزداد اكثر فاكثر مع مرور الزمن فان ما تفعله تركيا هو بمثابة صب الزيت عل نيران التوترات القائمة . واذا ما ارادت انقرة مواصلة سياساتها لقلب الاوضاع في سوريا والعراق فان ذلك سيضعها في صدام ومواجهة مباشرة مع دول الاقليم .
اسبوعية السبيل
https://telegram.me/buratha