في يوم تموزي لاهب وشحة المياه وانقطاع الكهرباء والحيرة في البحث عن مكان ينعش الجسد ويبرده عليك التفكير اولا ان يكون معك كيس مصنوع من الخيط الاسمر (كونية رز مستورد طبعا) لانك لاتضمن وجودها في المسبح المتوجه اليه وهذا ليس لغزاً انما واقع المسابح المنتشرة في اغلب مناطق العاصمة مثال ذلك الدخول الى مسبح السلام الاولمبي والواقع في مجمع حي السلام والذي يستقبل مرتاديه من مختلف مناطق البياع والرسالة وحي العامل وحي الجهاد والمناطق الاخرى المحيطة بها. المسابح هي الاخرى بدأت تشكل خطراً على الصحة العامة بسبب الإهمال وعدم تلبية شروط النظافة والسلامة.
انتظر الحصول على الكيس الاصفر
الاصدقاء الثلاثة اصبحوا في حيرة من امرهم بعد ان اكتشفوا بانه لايوجد دواليب لحفظ ملابسهم ومقتنياتهم عند النزول الى المسبح وعليهم الانتظار حتى مغادرة أحد القادمين للسباحة ليحصلوا على الكيس ليضعوا فيه حاجياتهم، الحظ خدمهم بوقت قصير لكن الساعة تجاوزت التاسعة ليلا وموعد اغلاق المسبح الثانية عشرة بعد منتصف الليل. المسبح يضج بالصغار والكبار والكل يدخل بسعر بطاقة موحد خمسة آلاف دينار.
متابعة النظافة تكاد تكون شبه معدومة اخلع ما ترتدي من ملابس وادخل المسبح اذا كنت ترتدي زي سباحة أو أي زيّاً اخر. فراس عبد الله شاب هرب من حرارة الجو عسى ان يجد ضالته في المسبح قال لـ(المدى) الصدمة كانت كبيرة عندما شاهدت عدم وجود اماكن لحفظ الملابس والهواتف والاشياء الخاصة. مضيفا:وضعنا كل اغراضنا في كيس (كونية) وسلمناه لشاب في مقتبل العمر، وظلت عيني ترنو صوب الكيس كي لايختلط مع بقية الاكياس. متابعا: بسبب ذلك القلق والخوف من تبدل الكيس ولقلة النظافة تركنا المسبح بظرف نصف ساعة.
الغطاس والخط الاحمر
اما زميله محمد أحمد فقد ذكر بحديثه لـ(المدى): المسابح برمتها لاتحمل اي شروط صحية ولا توجد متابعة من داخل ادارة المسبح التي لاتهتم الا بجمع المال ولا من الفرق الصحية المعنية بالمتابعة والتفتيش. موضحا: هناك اشخاص يخرجون من المسبح ويذهبون الى الحمامات الصحية وهم حفاة الاقدام ويعودون الى المسبح دون تعقيم او تطهير. مشيرا: الى عدم وجود غطاس في المسبح يتابع الاولاد الصغار وينصحهم من تجاوز الخط الاحمر الذي يشير الى زيادة عمق المسبح.
ارتفاع أجور الدخول
قلة الاماكن الترفيهية وسوء الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن، رغم قلتها وسوء خدماتها إلا انها تمثل متنفسا وحيدا للشباب البغدادي حيث شهدت المسابح في العاصمة إقبالا كبيرا خصوصا مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، لذلك نجد ان اغلب المسابح الموجودة في بغداد إما ان تكون تابعة لأمانة العاصمة أو إلى وزارة الشباب والرياضة، واغلبها مؤجر إلى متعهدين يضعون أسعارا لدخول المسبح حسب اهوائهم ، امانة بغداد وحسب ماصرح به حكيم عبد الزهرة المتحدث الرسمي للامانة والذي بين لـ(المدى): المسابح التابعة للامانة تكون بعهدة مقاول او مستثمر وتؤجر سنويا عن طريق طرحها في مزايدة علنية. مردفا: أما أمور المتابعة والرقابة واصدار الموافقات الصحية لاصحاب المسابح ليس من اختصاص الامانة. متابعا: حتى تحديد سعر الدخول الذي يحدد من قبل المؤجر. مستدركا: لكن في حال ارتفاع سعد الدخول فوق الحد المسموح به تتدخل الامانة وتعمل وفق صلاحياتها حسب العقد المبرم مع المستثمر.
تأهيل مسابح الامانة
واسترسل عبد الزهرة: مسؤولية إدامة المسابح ضمن مسؤولية وزارة الشباب والرياضة اما متابعة الجانب الصحي تكون من قبل وزارة الصحة. موضحا: انها تقوم خلال كل صيف بإرسال لجنة مختصة لمتابعة المسابح وتامين الشروط الصحية. عازيا: الاهمال في بعض المسابح الى قلة الكهرباء وشحة الماء . مشددا: ان الامانة ستقوم بمتابعة وتأهيل المسابح التابعة لها وهناك خطة نطمح من خلالها الى النهوض بهذه المسابح لتصبح منتجعا ترفيهيا للعوائل البغدادية.
التعقيم والطفح الجلدي
يقول الطالب الجامعي كاظم جبار في حديثه لـ(المدى): اشتداد الحرارة هو من جعلنا نتوجه الى مسبح الصفاء الواقع في مجمع الطالبية والوقت طبعا لابد ان يكون وقت الظهيرة حيث لاماء ولاكهرباء في المنزل. مردفا: ان اصحاب المولدات يختارون وقت الاستراحة متى يشاؤون وحسب مزاج عمالهم. مضيفا: لاتوجد إنارة كافية في المسبح فلون الماء تحول الى الاصفرار وهذا يدل على عدم تكريره لايام عدة. مبينا: ان هذا كافٍ لتراكم الاوساخ وانتشار الامراض لفقدان شروط النظافة بشكل كامل.
واضاف جبار: بامكان اي شخص الدخول ورمي نفسه بالمسبح دون أخذ دوش وتعقيم جسمه حسب شروط المسابح. عادا: ذلك أحد اسباب ظهور الطفح الجلدي عند البعض ممن يرتادون المسابح. موضحا: ان سبب ذلك يعود لقلة النظافة وغياب المتابعة والتفتيش من قبل الفرق الصحية او من الجهات المشرفة على المسابح سواء كانت أمانة بغداد او وزارة الرياضة والشباب.
مسبح للنساء ولكن
وزارة الشباب والرياضة، اعلنت عن افتتاح مسبح الاعظمية المغلق بعد تأهيله عن طريق الاستثمار بكلفة اكثر من مليار و500 مليون دينار،مع تخصيص يومين في الاسبوع للنساء في المسبح، وذكر بيان أن مسبح الاعظمية من المنشآت المهمة وسيكون لها تأثير على واقع السباحة العراقية وبالتحديد لسباحي المدينة فضلاً عن ابعاد شبابها عن الامور غير المفيدة وتطوير قابلياتهم البدنية والصحية. مضيفا: انه تم توجيه الشركة المنفذة لمشروع إعادة تأهيل مسبح الاعظمية المغلق بضرورة تخصيص يومين في الاسبوع للنساء وجعل كادر المسبح نسائي في هذين اليومين.
تلوث مستمر وتعليمات غير منفذة
اتصلنا بالمتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور أحمد الرديني الذي اوضح ان المسؤول عن متابعة مراقبة المسابح هو قسم الرقابة الصحية واتصلنا بمدير الرقابة الصحية الدكتور علي التميمي الذي تحدث الى لـ(المدى) قائلاً: حقيقة هناك مراقبة سنوية على المسابح الأهلية والحكومية وتكون بفحص نسبة الكلور بالماء والتأمين الصحي من خلال وجود المعقمات وكل المستلزمات الوقائية الاخرى كل هذا من واجب وزارة البيئة التي اندمجت مع وزارة الصحة. مبينا: ان العمل بهذه الاجراءات متوقف حاليا.
وأشار التميمي في حديثه: لايمكن ان تقوم وزارة الصحة باغلاق اي مسبح ولاتمنح اي اجازة لانشاء مسبح ان كان حكوميا او اهليا. موضحا: ان وزارة الداخلية هي من تمنح الاجازات. متابعا: بسبب توقف المصادقة على قانون وزارة الصحة تعرقل عملها بمتابعة الكثير من التفاصيل الصحية ومنها شؤون المسابح ومحاسبة المخالفين للشروط الصحية.
نقص الكلور وزيادته
وأكد مدير الرقابة الصحية: ان كل صالات الجم والسباحة تعمل بدون موافقات ولارقابة صحية وبيئية عليها. عازيا السبب الى توقف القوانين وعدم المصادقة على التعليمات كما ذُكر انفاً. مشيرا: الى ان من واجب دائرة الصحة العامة مراقبة المسابح والماء المستخدم فيها، فضلاً عن نسبة الكلور الذي يضاف الى الماء، لانه في حال نقص الكلور او زيادته تحدث مشاكل صحية كبيرة. لافتا: الى انه لا يمكن القول بأن المسابح العراقية خالية تماما من التلوث.
زيادة التعقيم تسبب حروقاً
طبيب الامراض الجلدية كاظم جواد أكد لـ(المدى): هناك الكثير من حالات الحساسية تحدث نتيجة عدم توفر الشروط الصحية في المسابح الحكومية والأهلية وحتى في المنازل. مضيفا: ان عدم مراقبة النسبة المقررة للكلور المستخدم في مياه المسابح تكون سببا الاصابة بالامراض الجلدية. مبينا: كلما ارتفعت نسبة الحمضية ضعفت قوة الكلور وقدرته على قتل الميكروبات ما قد يتسبب في تهيج العين وحساسيتها. لافتا: هناك عدم وعي من قبل مديري المسابح يجنب من يرتادون المسابح الإصابة بالامراض الجلدية والتي يكون شكلها مثل الحرق لأن نسبة الحمضية الموجودة في الكلور وتفاعلها مع الجراثيم والمكروبات كافٍ ليسبب طفحاً يشبه الحرق.
انطفاء الكهرباء والروائح الكريهة
اما عدنان محسن فيقول لـ(المدى) :عندما سمع ولدي من اصدقائه انه يوجد مسبح في منطقتنا (مسبح الاعظمية) صمم على الذهاب ورغم محاولة منعي لكنه اقنعني بالذهاب. مضيفا: كان خوفي عليه في محله فالاطفال أعمارهم صغيرة ولاتتجاوز العشر سنوات. موضحا: انهم تعرضوا لخطر الغرق أكثر من مرة ولولا تدخل بعض الشباب لغرق البعض منهم. والسبب عدم وجود مدرب او مراقب للاطفال دون سن البلوغ.
وأضاف محسن: بعد اصرار اولادي للذهاب الى المسبح رافقتهم حيث دخلنا الساعة العاشرة صباحا كانت الكهرباء مطفأة والروائح الكريهة تنبعث من ماء المسبح الذي تحول الى شبه بركة. مضيفا: ان الحمامات الصحية دون ابواب ، وإن إستخدمها أحدهم فأنه سيعود الى حوض السباحة مباشرة. مسترسلا: حين استفسرت من المشرف على المسبح عن سبب ذلك التردي بين ان سعر بطاقة الدخول لايسد تقديم الخدمات فلو كان 25 ألف بدل 5 آلاف لكان الأمر يختلف كثيرا.
ضرورة المتابعة والتفتيش
فيما ذكر المواطن نزار العزاوي: أحد مرتادي مسبح المهندسين قرب وزارة النقل إن ماتعانيه العاصمة بغداد من قلة المسابح وشحتها والتي تكاد لاتكفي الشباب اللاهثون لممارسة هوايتهم المفضلة وهي السباحة، انها مشكلة ليست وليدة اليوم بل هي منذ سنين مضت. مبينا: أن اغلب المسابح ورغم قلتها لاتلتزم بالشروط الصحية عالميا ، ومن حيث النظافة التي مازالت سببا حقيقيا لعدم ذهاب الشباب لهذه المسابح. منوها: الى أن السبب يعود على عدم وجود جهات رقابية فاعلة بهذا الخصوص. داعيا: الى تشديد الاجراءات الرقابية والتفتيش على هذه المسابح خاصة ايام ارتفاع درجات الحرارة الى معدلات عالية مثلما حصل في الايام الماضية.
مدينة بحجم بغداد وكثافتها السكانية الكبيرة يفترض انها تضم مئات المسابح لكن المعلومات تشير الى وجود قرابة 60 مسبحا بضمنها مسابح الفنادق الضخمة والمرافق السياحية الأخرى والتي تكاد لاتكفي لربع سكان العاصمة خاصة أطراف العاصمة التي تشكو من غياب تام للمسابح. جمال سامي مسؤول قال أن قلة المسابح في العاصمة والتي لاتلبي العدد الكبير فيها أثر سلبا على عمل المسابح الموجودة والتي تستقبل اعدادا كبيرة طوال ساعات اليوم. مبينا: ان أدارة المسبح تستخدم الكلور بشكل مستمر ووفق نسبة معينة بسبب عدم أستطاعتها تبديل المياه بشكل دوري بسبب الزخم اليومي خصوصا عند الإرتفاع الكبير في درجات الحرارة. مشددا: على ضرورة تشييد مسابح عديدة في شتى انحاء العاصمة كي تستوعب الاعداد الكبيرة من الشباب اذ كانوا من هواة السباحة وممارستها او ممن يرومون التخلص من حرارة الجو.
https://telegram.me/buratha