كاظم احمد سلمان الديراوي
بسبب الإفلاس العسكري ،وانسداد الآفاق والخشية من المستقبل المجهول ، كلّها عوامل تقف وراء اخراج مسرحية فك الارتباط التنظيمي، بين "جبهة النصرة " و "تنظيم القاعدة " . على قاعدة مجبورا أخاك البطل . يعتبر ماقامة به ( جبهة النصرة ) من تنازلٌ مؤلم اضطرت من خلاله بالانشقاق عن (تنظيم القاعدة)الام . لتقديمه على مذبح الضغوط القطرية التركية ، بدون أن ينتظر أي مقابل. لقد قام ابو محمد الجولاني' بخطوته الفريدة، وأمله الوحيد أن تبقى الأمور على حالها .
سبقا هذا الظهور، حملة إعلامية ،عدائية قامة بها بعض القنوات الفضائية ؛واصحاب الاقلام المعروضة للبيع وبحسب الطلب.!؟ وايضاً جهد دبلوماسي من قبل النظامين القطري ،والتركي، وتسويق (جبهة النصرة ) على انها الفصيل الوحيد القادر على مواجهة النظام السوري ،وحلفاءه والترويج على ان الجبهة ، فصيل معتدل وقادر على فك الارتباط من "القاعدة ".
لقد كان اخراج المسرحية فاشلة بكل المقاييس. فإلى جانب التناقضات التي رافقة العرض ، كان السيناريو والإخراج مليئن بالثغرات. وما زاد الطين بلّة، سوء أداء الممثلين. ومن دون الرجوع الى موقف الرجلين الجولاني' والظواهري 'وانقلابهم على مواقفهما السابقة الرافضة لفك الارتباط وتشكيكهما بجدية هذه الخطوة .
تبقى هناك عدة اشكاليات تواجه( جبهة النصرة) :
اولا : كيف يمكن للعاقل تصديق ان ماقام به (الجولاني )وكأنها مجرد تنفيذ لأمر صدر له من زعيمه (الظواهري )الذي يريد الخروج من عباءته؟ ثم يُشدد على أن ماقام به؛ هو اقتداء بنهج أسامة بن لادن زعيم (القاعدة) الذي كان ولا يزال أحد أهم رموز الإرهاب في العالم.!؟ وبعد ذلك يتقدم بالشكر إلى قيادته التي سمحت له بفك الارتباط، وكأنها طلاق رجعي بين زوجَين اضطرا اللجوء إليها للابتعاد عن ملاحقة المحاكم .
ثانيا : لقد شاهدنا السذاجة، أو ربما اللامبالاة، في أبهى صورها، من خلال ضهور أبو الفرج المصري، أحد مؤسسي (القاعدة) وأبرز مطوري فكرها، وعملها الجهادي ، جالساً إلى جانب الجولاني وهو يقرأ بيان فك الارتباط عن التنظيم الذي يمثله الرجل..
ثالثا : ايضا من المفارقات اللافتة والمضحكة أن تنعى جبهة (النصرة )في اليوم الأول بعد انفصالها الشكلي عن ( القاعدة)القيادي السعودي أبو ثابت الجزراوي ،جراء استهدافه بغارة جوية في سوريا ، وهو ما يفتح الباب أمام العديد من التساؤلات حول مدى الانسجام مع وجود عدد من (المقاتلين الأجانب ) تقدر بحوالي ثلث عدد مقاتلي جبهة (النصرة) مع الاسم الجديدة لتنظيم الجولاني (فتح الشام ) .
رابعا : وايضاًمن التناقضات التي كشفة مدى الإفلاس الذي تشعر به (النصرة )و(القاعدة)،أن الطرفين شدّد على أن السبب الوحيد لفك الارتباط التنظيمي هو اتحاد المجاهدين ، فكان ينبغي والحال كذلك أن يكون ثمة مشروع وحدوي يجري العمل عليه ولم يبقَ عائق دونه إلا فك الارتباط. لكن أين هو هذا المشروع؟ ومع أي فصيل أو جهة؟ ولماذا التسرّع في إعلان فك الارتباط على هذا النحو القاهر، وليس هناك سبب جوهري موجب.!؟ وكيف يفسر الجولاني دعوته للاتحاد بعد فك ارتباطه مع (القاعدة ) وهو الذي عرقل قبل أشهر مشروعاً ضخماً، للتوحد بين الفصائل الإرهابية لمقاتلة الجيش السوري وحلفائه ، وكانت الذريعة انذاك عدم قبوله بفك الارتباط ثمناً لذلك..
لا يوجد شك أن هذه الأفكار والأحداث كانت تدور في رؤوس قادة الفصائل الإرهابية وهم يستمعون إلى بيان الجولاني محاولاً قلب معادلة تقدم الجيش السوري وحلفائه بأقل من خمس دقائق. لذلك من الطبيعي أن تأتي ردود افعالهم عليه مليئة بالقلق والتساؤلات والشكوك. وما جعل ذلك بحكم المسرحيات الهزلية ، بعضُ المواقف الدولية ، التي كانت بمثابة رسائل واضحة لمن يعنيه الأمر، ومفادها أن (جبهة النصرة) موضوعٌ لم يعد قابلاً للنقاش، وعلى رأسها الموقفان الأميركي والفرنسي.
وعليه، أكّد رياض نعسان ، المتحدث باسم مايسمى (الهيئة العليا للمفاوضات )أن خطاب فك ارتباط "جبهة النصرة "عن تنظيم (القاعدة) جاء متأخراً ويوحي بتغير الإسم فقط، خاصة أنه لم يوضح الموقف من إقامة الدولة المدنية في سوريا ، وأضاف في تصريحات صحافية أدلى بها، أمس، أن أمر فك الارتباط لم ينل قبولاً لدى المجتمع الدولي لكون فك الارتباط جاء متاخرا
https://telegram.me/buratha