في الوقت الذي تبذل فيه العديد من المصانع العراقية قصار جهدها لتحسين إنتاجها وسد الحاجة المحلية، يبور إنتاجها في المخازن وتمنى بخسائر تهدد بإيقافها وتسريح العاملين فيها، بفعل الركون الى منتجات مستوردة من قبل مؤسسات الدولة ودون مبرر.
في الجنوب الغربي من مدينة البصرة جنوب العراق، يعج خور الزبير بالحركة الصناعية، ولا عجب في ذلك فالمنطقة حيوية ومطلة على منفذ العراق البحري وتحتضن مجموعة معامل وشركات، أبرزها معمل البتروكيمياويات، ومعمل الأسمدة الجنوبية، ومعمل الحديد والصلب، والغاز السائل، منذ أعوام واجه إنتاج الأسمدة تحديات جمة واستمر غزيراً لسد الحاجة المحلية، لكن وزارة الزراعة لم تعر اهتماماً لهذا الإنتاج، واستبدلته باستيراد منتج قطري، بينما المعمل العراقي يجهد بحثاً عن مشترين ومكاناً إضافياً لتخزين إنتاجه المتكدس.
معمل عريق مهدد بالتوقف
يقول المدير السابق للشركة العامة للأسمدة الكيماوية في المنطقة الجنوبية خالد الحسن في حديث صحفي، إن "مصنع الأسمدة الكيماوية في محافظة البصرة يعاني من تكدس الأسمدة في مخازنه بكميات كبيرة، حيث تحتوي المخازن على 45 ألف طن من الأسمدة"، مبيناً أن "المخازن أوشكت على استنفاذ طاقتها الاستيعابية، وعندما تمتلئ المخازن فإن ذلك سيؤدي بشكل اضطراري الى إيقاف عمليات الإنتاج لعدم توفر قدرة على الخزن".
ويلفت الحسن الى أن "المشكلة تكمن في عزوف وزارة الزراعة عن شراء الكميات التي ينتجها المصنع، كما انها قامت خلال العام السابق ومطلع العام الحالي باستيراد شحنات من الخارج"، مضيفاً أن "الشركة لا تستطيع بيع الأسمدة التي تنتجها في الأسواق لوجود عقد يلزمها بتسويق إنتاجها الى وزارة الزراعة حصراً".
وفد نيابي بصري يترقب عودة وزير الزراعة من نيويورك
من جانبه يقول النائب عن البصرة خلف عبد الصمد في حديث صحفي إن "وزارة الزراعة لديها عقد لاستيراد الأسمدة الكيماوية من قطر، ويبدو أن الوزارة تعتمد على الأسمدة المستوردة أكثر من الأسمدة المحلية"، موضحاً أن "وزارة الزراعة يجب أن تشتري ما ينتجه المصنع وتوزعه على المزارعين".
ويشير عبد الصمد الى أن "وفداً من أعضاء مجلس النواب عن البصرة يترقبون عودة وزير الزراعة فلاح حسن الزيدان الذي يشارك حاليا مع الوفد العراقي في اجتماعات الامم المتحدة بنيويورك من خارج العراق ليلتقوا به ويطلبون منه شراء الكميات التي ينتجها المصنع"، معتبراً أن "المصنع إذا كان يسد كل حاجة الوزارة من الأسمدة فعليها التوقف عن استيراد الأسمدة من الخارج وإلغاء أي عقد يقضي بذلك، وإذا كان المصنع ينتج بمستوى أقل من حاجة الوزارة فعليها شراء ما ينتجه المصنع واستيراد الكمية المتبقية لتسد حاجتها".
منتج محلي بنصف سعر مثيله المستورد
يقول نقيب المهندسين الزراعيين في البصرة علاء البدران في حديث صحفي إن "الشركة العامة لصناعة الأسمدة في المنطقة الجنوبية يجب أن لا تعتمد كلياً في عملها على وزارة الزراعة"، مبيناً أن "الشركة ينبغي أن تطرح منتجها للبيع في الأسواق المحلية من خلال افتتاح وكالات تجارية في المحافظات".
ويؤكد البدران، أن "السماد الكيماوي الذي تنتجه الشركة يمكن بيعه بسهولة على المزارعين بالاستفادة من الميزة التنافسية للسعر، حيث ان سعر الطن يبلغ 450 ألف دينار، في حين أن السماد المستورد لا يقل سعره عن 800 ألف دينار للطن، والأنواع المستوردة ذات الجودة العالية يصل سعر ها الى أكثر من 1000 دولار للطن، والمزارع العراقي يبحث عادة عن الأسمدة الأقل سعراً، وبذلك تضمن الشركة تسويق إنتاجها بالكامل".
وكانت شركة الأسمدة واجهت انتكاسة في (23 آب 2016) حين اضطرت الى إيقاف عملياتها الإنتاجية بالكامل تنفيذاً لأمر من وزارة الصناعة يقضي بإيقاف الإنتاج لأسباب تتعلق بقلة الغاز الذي يستخدم لتشغيل المصنع، ما أسفر عن احتجاجات واعتراضات سياسية على مستوى البصرة دفعت الوزارة الى التراجع عن قرارها، حيث أعيد تشغيل المصنع في اليوم التالي، وحينها قال رئيس لجنة التخطيط والمتابعة في مجلس المحافظة نشأت المنصوري إن "مصنع الأسمدة الكيماوية يتعرض لمؤامرة لا يمكن السكوت عنها، إذ مع توفر المنتج المحلي لا يجوز الاستيراد، ولذلك تم إيقاف المصنع للسماح بتدفق الأسمدة القطرية المستوردة".
يذكر أن مصنع الأسمدة الكيماوية يقع في ناحية خور الزببر، حيث مقر الشركة العامة لصناعة الأسمدة في المنطقة الجنوبية، وهي إحدى شركات التمويل الذاتي، وقد أسس المصنع في عام 1979، وتبلغ طاقته الإنتاجية التصميمية 3200 طن من سماد اليوريا، لكن بسبب قدمه انخفض إنتاجه الى 1000 طن، وأواخر العام الماضي أعلنت وزارة الصناعة عن مشروع نفذته شركة يابانية يقضي بتجهيز وتركيب خط إنتاجي جديد في المصنع تبلغ طاقته التصميمية 1000 طن، وقبل ثلاثة أعوام أعلنت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) عن تخصيص مبلغ 156 مليون دولار من القرض الياباني الميسر للعراق لإعادة تأهيل وتطوير مصنع الأسمدة الكيماوية الذي يعمل فيه أكثر من 3200 موظف.
https://telegram.me/buratha