أعاد قرار الحكومة الاخير بهيكلة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الحديث مجدداً عن هيمنة حزب الدعوة ودولة القانون، على الهيئات المستقلة، وأغلب المواقع الحكومية الحساسة.
ويُتّهم رئيس الوزراء حيدر العبادي من قبل حلفائه في التحالف الوطني، بأنه فشل، منذ عامين من حكمه، بإنهاء التعيينات بالوكالة لنحو 8 آلاف موقع حكومي مهم بين مدير عام ووكيل وزير ومستشار.
واعتبرت أطراف في التحالف الوطني أن التغييرات الأخيرة في أمانة مجلس الوزراء، التي تدار بالوكالة من قبل مهدي العلاق، كان الهدف منها التخلص من بعض الاطراف لصالح هيمنة جهة واحدة.
لكنّ أوساط رئيس الوزراء تدافع عن الاخير، بالتأكيد على ان هيكلة أمانة مجلس الوزراء تأتي ضمن إجراءات الترشيق الحكومي، وعلى وفق مبدأ التوازن.
وأشار كتاب الامين العام لمجلس الوزراء، الذي تسرب مؤخرا الى وسائل الاعلام، الى تعديل البند (30/ رابعا/ أ و ب) من النظام الداخلي لمجلس الوزراء ليكون لأمين مجلس الوزراء نائب واحد بدرجة وكيل وزير، ومستشار واحد.
كما يشمل التعديل البند (31/ أولا) من النظام ذاته، عبر استحداث دائرة تمكين المرأة العراقية. وبموجب التعديلات ذاتها، فسيتم دمج دائرة شؤون المواطنين والعلاقات العامة بدائرة المتابعة والتنسيق الحكومي لتكون دائرة التنسيق الحكومي وشؤون المواطنين، بالاضافة الى دمج دائرة شؤون اللجان بدائرة شؤون مجلس الوزراء لتكون دائرة شؤون مجلس الوزراء واللجان.
وسيتم دمج دائرة الموارد البشرية والخدمات الإدارية والدائرة العامة والدائرة الهندسية في دائرة واحدة لتكون الدائرة الادارية والمالية، بالاضافة الى تعديل تسمية دائرة التدقيق والرقابة الداخلية لتكون دائرة التدقيق والرقابة.
السيطرة على الهيئات
ويعتبر المجلس الأعلى الإسلامي، الشريك الأبرز للعبادي، أن أمانة مجلس الوزراء باتت غير دستورية، نظراً لاستمرار مهدي العلاق بتولي رئاستها بالوكالة.
ويقول محمد المياحي، القيادي في المجلس الاعلى، في اتصال مع (المدى)، "كان من المفترض ان يقوم رئيس الوزراء بتغيير كل الامانة وعرض المدراء على البرلمان للتصويت".
ويؤكد المياحي ان التغييرات الاخيرة، التي جرت في أمانة مجلس الوزراء، "ألغت التوازن وجعلته بيد طرف واحد".
وأجرى رئيس الوزراء، في تموز الماضي بالتزامن مع موجة التظاهرات والاحتجاجات، سلسلة تغييرات داخل حلقته الضيقة، بتعيين مدير مكتبه السابق مهدي العلاق أميناً عاماً لمجلس الوزراء بالوكالة، بدلا من حامد الموسوي. كما تم تعيين إياد الوائلي بمنصب مدير مكتب رئيس الوزراء خلفاً للعلاق .
ويؤكد المجلس الأعلى الأسلامي ان ثلثي الهيئات المستقلة يسيطر عليها دولة القانون، وان "العبادي يحاول تدوير نفس الشخصيات الموجودة في المناصب منذ 8 سنوات".
ومن أصل 27 هيئة مستقلة، هناك 6 هيئات فقط تديرها شخصيات من خارج ائتلاف دولة القانون، وأبرزها مفوضية الانتخابات، والمجمع العلمي العراقي، وبيت الحكمة.
حكومة بالوكالة
بالمقابل يكشف المياحي عن وجود 1000 إلى 1500 درجة خاصة (وكلاء وزراء، سفراء، قادة عسكريين، مستشارين) مازال 98% منها يدار بالوكالة. واشار القيادي في المجلس الاعلى الى "وجود 4 آلاف الى 6500 مدير عام، 90% منها يدار بالوكالة ايضاً".
ويؤكد القيادي في كتلة المواطن، بزعامة عمار الحكيم، ان "المجلس الاعلى طرح مبادرة على الكتل السياسية تضمنت إبعاد الدرجات الخاصة والمدارء العامين عن المحاصصة".
ويلفت المياحي الى ان حزبه طالب بفتح باب الترشيح العلني لشغل تلك المناصب. ويضيف "اتفقنا مع رئيس الوزراء منذ 8 أشهر بإعلان 6 هيئات مستقلة كمرحلة أولى ثم تدريجياً باقي الهيئات، لكنه لم ينفذ الاتفاق".
وكان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء كشف، بعد ايام من بداية التظاهرات في صيف 2015، عن تشكيل لجنة من الخبراء والمستشارين في رئاسة الوزراء بهدف وضع معايير اختيار المسؤولين في الدرجات الخاصة التي حددتها بـ4 آلاف درجة.
وبفعل الاتفاق السياسي الذي أسفر عن تشكيل حكومة العبادي، اتفقت الكتل على تشكيل "لجنة للتوازن" تأخذ على عاتقها توزيع المناصب الحكومية حسب الاستحقاق الانتخابي.
وضمت اللجنة في عضويتها العبادي ونوابه الثلاثة، بهاء الاعرجي وصالح المطلك وروز نوري شاويس، فضلا عن بعض ممثلي الكتل السياسية، لكن تم حلها بعد إعلان الاصلاحات.
ويرى المياحي ان ما فعله رئيس الوزراء في ادارة الهيئات بالوكالة يتمثل "بحصر التعيينات بمجموعة معينة وترك مئات الكفاءات في البلاد"، مشيرا الى ان "قائمة الـ123 موظفا حكوميا رفيعا، ممن أُقيلوا، تمت اعادة معظمهم الى المنصب بسبب مخالفة اجراءات العبادي للقانون".
وكانت المحكمة الاتحادية قد اعادت 5 وزراء اقالهم العبادي منتصف العام الحالي. كما ابطل القضاء قرارات سابقة اتخذها رئيس الوزراء بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة.
العلّاق خارج الدعوة
ومازال رئيس الوزراء يقود حكومته بـ5 وزارات شاغرة، بعد ان أقال البرلمان وزيري الدفاع والمالية، واستمرار شغور وزارات التجارة،والصناعة، والداخلية.
وتعزو النائبة هدى سجاد، عضو كتلة حزب الدعوة، عدم عرض العبادي وزارات جديدة على البرلمان الى "عدم اتفاق الكتل السياسية على المرشحين".
بالرغم من تأكيد رئيس الوزراء بحثه عن "شخصيات تكنوقراط" لإدارة الوزارات، إلا أن النائبة عن كتلة الدعوة قالت لـ(المدى) امس، ان "رئيس الوزراء قدم الوزير المستقل حسين الاسدي قبل اشهر في البرلمان لوزارة التجارة، لكنه فشل في التصويت لصالحه لأن المنصب كان لائتلاف الوطنية".
وترى النائبة هدى سجاد ان إعادة هيكلة أمانة مجلس الوزراء "جاء بتصويت وموافقة مجلس الوزراء ولترشيق المؤسسات الحكومية".
تنفي عضو كتلة دولة القانون ان أمين الأمانة العامة لمجلس الوزراء محسوب على حزب الدعوة، رافضة بذلك تحويل الدائرة الى حزب الدعوة. وتؤكد النائبة ان "الاجراءات الاخيرة مرت على لجنة التوازن الموجودة في كل مؤسسة حكومية".
https://telegram.me/buratha