للمرة الثانية، خلال أشهر قليلة، تعود القوى السياسية لخيار دمج انتخابات مجالس المحافظات مع الانتخابات التشريعية في 2018.
وكانت تفاهمت سابقة، في الشأن ذاته، قد تعثرت بسبب إصرار ائتلاف دولة القانون على تأجيل الانتخابات الى أيلول المقبل. وترجم رئيس الوزراء حيدر العبادي إصرار كتلته، حين أعلن الشهر الماضي عن تحديد 16 من أيلول المقبل، موعداً لإجراء الانتخابات المحلية.
ويبدو الخوف من "عزوف" الناخبين هو السبب الرئيسي وراء دعوات دمج الانتخابات، وليس الاوضاع الامنية او المالية، اذ تعتبر اسبابا ثانوية.
ومنذ اسابيع، يسود جدل حاد بين الكتل السياسية حول موعد وقانون الانتخابات المحلية المقبلة. ومع تحديد موعد الانتخابات المحلية، تكون مسوّدة اعدتها الحكومة لقانون الانتخابات قد دخلت الى غرفة الانعاش، اذ ترى اطراف سياسية صعوبة تمريره نظراً لحجم الخلافات، وضيق الوقت.
ولا تخفي اغلب الكتل السياسية، باستثناء اطراف في دولة القانون وكتلة الاحرار، رغبتها بدمج انتخابات مجالس المحافظات مع الانتخابات التشريعية المفترض اجراؤها عام 2018.
وتتحدث الأطراف المؤيدة لدمج الانتخابات عن وجود ملايين النازحين، بالاضافة الى الصعوبة التي تواجه مرشحي المناطق الساخنة في اطلاق حملتهم الانتخابية في مدن مدمرة نزح اهلها الى المخيمات.
ولم تستبعد الحكومة تأجيل الانتخابات في محافظة او اكثر اذا ما اقتضى الامر. وقال سعد الحديثي، المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء، لـ(المدى) مؤخرا إن "مشروع قانون الانتخابات المحلية أعطى الحقّ للحكومة في تأجيل الانتخابات وفقاً لمقترح تقدمه مفوضية الانتخابات".
وأضاف الحديثي أن "مقترح التأجيل جاء على وفق تلك المادة، كما أخذ بنظر الاعتبار إعادة الاستقرار في المحافظات التي كانت قد شهدت معارك ضد داعش".
وكانت الحكومة العراقية قد أرجأت الانتخابات المحلية في محافظتي نينوى والأنبار عام 2013 لبضعة اشهر.
تحالف القوى: حسمنا أمرنا
ويقول النائب خالد المفرجي، القيادي في تحالف القوى، ان ائتلافه بكل مكوناته كان قد اتفق على "دمج" الانتخابات المحلية مع التشريعية.
وأكد المفرجي، في تصريح لـ(المدى)، ان "تحالف القوى ابلغ الرئاسات الثلاثة واللجان البرلمانية برغبته تلك، وحصل على تأييد من التحالف الوطني".
ويرفض تحالف القوى اقامة الانتخابات في أيلول المقبل، معربا عن استغرابه من بحث الحكومة موضوع الانتخابات بوجود نحو 4 ملايين نازح. وكان قيادي في التحالف قد تمنى ان يتم "تحويل المبالغ المخصصة لانتخابات مجالس المحافظات الى النازحين".
لكن بهاء النقشبندي، نائب امين عام الحزب الاسلامي، اكبر الاحزاب السُنية، قال لـ(المدى) قبل اسبوع، "في ايلول المقبل سنجري الانتخابات والنازحون في مناطقهم".
ويشير المفرجي، وهو رئيس لجنة الاقاليم في البرلمان، الى ان "الكتل السياسية حين اجتمعت مع الرئاسات الثلاثة قبل 4 اشهر اتفقت على دمج الانتخابات، قبل ان يقرر العبادي اجراء الانتخابات المحلية في ايلول".
وكشف وائل الوائلي، رئيس الادارة الانتخابية في المفوضية، قبل 4 اشهر عن تسلم الاخيرة كتابا من رئاسة الجمهورية يؤكد أن "الرئاسات الثلاث اجتمعت حول اجراء انتخابات مجالس المحافظات من عدمه، واتخذت قراراً بتأجيل انتخابات مجالس المحافظات الى يوم اجراء انتخابات الدورة الرابعة لمجلس النواب لغرض اجراء كل الاستحقاقين الانتخابيين في يوم واحد".
وأضاف الوائلي أن "الكتاب يشير الى تولي مجلس الوزراء إجراء التعديلات المطروحة على قانون انتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي رقم (36) لسنة 2008 المعدل أو تقديم مشروع قانون جديد".
وكانت (المدى) قد كشفت، وقتها، عن اتفاق الكتل البرلمانية، خلال اجتماع عقد في منزل رئيس البرلمان سليم الجبوري، على تأجيل الانتخابات المحلية.
خلفيّات قرار العبادي
وعن سبب اختيار رئيس الوزراء أيلول المقبل موعدا لاجراء الانتخابات خلافاً لرؤية الكتل السياسية، يقول المفرجي ان "قرار رئيس الوزراء الاخير كان مبنياً على رؤية سابقة لائتلاف دولة القانون حول تأجيل الانتخابات"، مؤكدا ان "هذه الرؤية قد تغيرت الآن".
وكان النائب عامر الفايز، الذي يقود تجمع (العدالة والوحدة) في البرلمان ضمن ائتلاف، اكد ان "كل الكتل السياسية متفقة على دمج الانتخابات باستثناء دولة القانون".
كما اعتبر نواب في كتلة بدر، قبل ايام، انه في حال اختيار مفوضية جديدة، يمكن حينها دمج الانتخابات، خصوصا مع وجود عدد كبير من النازحين والمدن غير المستقرة.
اللافت ان بعض القوى السياسية كانت قد طالبت، حينها، رئيس الحكومة بتقديم مبررات "قوية" لاقناعهم بتأجيل الانتخابات.
واعتبر آرام شيخ محمد نائب رئيس البرلمان، وقتها، ان تأجيل الانتخابات المحلية من دون أسباب موضوعية غير مجدٍ، ولا يخدم العملية السياسية.
كما قال النائب محسن السعدون، رئيس اللجنة القانونية البرلمانية حينها، ان "عملية التأجيل يجب ان تقترن باسباب توضح الدافع وراء ذلك الاجراء".
كذلك ذهبت بعض الاطراف السياسية، ككتلة صادقون التابعة لحركة عصائب اهل الحق، الى اتهام "معارضي الحشد الشعبي بالسعي لتأجيل الانتخابات.
تبدّل موقف دولة القانون
وخلال اجتماع عقد برئاسة نوري المالكي وغاب عنه العبادي، ناقش ائتلاف دولة القانون الانتخابات المحلية. وألمح احد النواب، الذين حضروا الاجتماع، الى قبول الائتلاف بموعد الانتخابات.
لكن النائب رسول أبو حسنة، عضو دولة القانون، يؤكد وجود انقسام داخل الكتلة حول دمج او تأجيل الانتخابات.
واوضح أبو حسنة، في تصريح لـ(المدى) امس، "هناك انقسام داخل التحالف الوطني ودولة القانون، بين مؤيد ورافض لدمج الانتخابات"، مشيرا الى ان "كتلا تعتبر بعض المحافظات ساخنة ولايمكن اجراء الانتخابات فيها". وعلى الرغم من ذلك يقول ابو حسنة ان "الوقت مبكر لحين موعد اجراء الانتخابات، ومن الممكن اعادة الاستقرار في تلك المحافظات".
ويقول النائب عن دولة القانون "هناك اسباب اخرى وراء رغبة بعض الكتل بدمج الانتخابات"، مشيرا الى ان "بعض الكتل تراجعت شعبيتها وتعتقد بانها بحاجة الى وقت اكبر لاقناع الناخبين".
الخوف من مقاطعة الانتخابات
بدوره يقول النائب محمد المسعودي، عضو ائتلاف المواطن، ان "التجارب الانتخابية السابقة اكدت تراجع اقبال الناخبين خاصة في مراكز المدن".
ويؤكد المسعودي، في حديث لـ(المدى) امس، ان "15% من سكان المدن شاركوا في الانتخابات السابقة"، معبرا عن اعتقاده بان الناخب لن يخرج للادلاء بصوته مرتين في العام الواحد، لذا فانه يؤيد دمج الانتخابات.
ويقدّر النائب من كتلة الحكيم كلفة الانتخابات المقبلة بـ600 مليار دينار، مردفا بالقول "كيف ننفق تلك الاموال ونحن في ازمة مالية؟".
مع قرب طرح القراءة الثانية لقانون انتخابات مجالس المحافظات، يرجح ان يناقش البرلمان "دمج الانتخابات".
ويقول النائب خالد المفرجي، رئيس لجنة الاقاليم في البرلمان، "سنطرح ربما خيارين، قبول الدمج أو رفضه، وحينها سيصوّت البرلمان لاحد الخيارات".
https://telegram.me/buratha
