أبدت أوساط سياسية وشعبية كردية تخوّفها من عودة الصراع الكردي-الكردي المسلح بين بعض الفصائل والقوى الكردية، كما كان عليه الحال خلال تسعينيات القرن الماضي.
وبرزت تلك المخاوف على إثر اندلاع اشتباكات مسلحة بين قوات البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، وعناصر من حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، الذي يتزعمه عبد الله اوجلان، المعتقل في تركيا منذ ما يقارب عشرين عاماً.
واندلعت الاشتباكات المسلحة بين الطرفين قبل يومين في مناطق تابعة لقضاء سنجار، بعد تحرك قوات البيشمركة لفرض سيطرتها على مواقع خاضعة لسيطرة حزب الـ(PKK) منذ حوالي عامين.
وجاءت تلك التطورات متزامنة مع قيام عناصر تابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني بالسيطرة على مقر شركة نفط الشمال في مدينة كركوك، مطالبة الحكومة الاتحادية بإنشاء مصفى نفطي في المدينة يتيح لابنائها الاستفادة من الموارد المالية للنفط المنتج في مدينتهم.
وبينما شنت وسائل الاعلام الكردية التابعة لحزب البارزاني حملات اعلامية حادة ضد حزب العمال الكردستاني (PKK)، أصدرت رئاسة اقليم كردستان بيانا اكدت فيه انه "لا يمكن لأي طرف التدخل في شؤون الإقليم أو إعاقة تحركات البيشمركة". وأنه "فيما يتعلق بأحداث يوم الجمعة 3-3-2017 في مجمع خانة سور بمنطقة سنجار، فإن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني قلق جداً وحزين ازاء هذه الأحداث، وأصدر التوجيهات اللازمة للجهات المعنية ووزارة البيشمركة لضبط الوضع والحيلولة دون تفشيه".
وبحسب مصادر كردية خاصة، فان تشكيلات من قوات البيشمركة التابعة لاكراد سوريا المعروفة باسم "روج افا" شاركت في الاشتباكات الى جانب قوات البارزاني.
من جانبها اصدرت وحدات الحماية الكردية التابعة لـ(PKK) بياناً طالبت فيه بانسحاب قوات "روج افا" من سنجار، مؤكدة ان مناطق خانة سور تحررت من قبلهم، وهي تحت سيطرتهم الآن ولن ينسحبوا منها.
وكانت العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب العمال الكردستاني متوترة على الدوام، بسبب الدعم الذي يحظى به الديمقراطي الكردستاني من تركيا، ناهيك عن القاعدة الجماهيرية التي يتمتع بها حزب العمال في الشارع الكردي العراقي، وكذلك علاقاته الجيدة مع خصوم الحزب الديمقراطي، كحزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير (كوران)، الامر الذي يثير حفيظة حزب البارزاني.
وقد استغل حزب العمال الكردستاني التركي بروز تنظيم داعش في محافظة نينوى ومناطق اخرى في صيف عام 2014، ليعزز وجوده هناك بعد نجاحه بطرد داعش من قضاء سنجار، وهو ما اوجد قلقا كبيرا لدى الحزب الديمقراطي الكردستاني وحليفته انقرة.
ومن شأن التطورات الاخيرة في الساحة الكردستانية، ان تعمق مأزق البارزاني، وتزيد من حجم الضغوط الموجهة ضده، سياسيا واقتصاديا وامنيا.
الى ذلك اكدت النائبة في مجلس النواب العراقي عن حركة التغيير الكردية، سروة عبد الواحد، "ان ما شهده قضاء سنجار من أحداث مؤخرا، نُفذ من قبل جهة كردية داخلية". مشيرة الى انه "لا نتمنى ان نكون طرفا بهذا الخلاف العسكري، ولا نقبل به، وعلى الطرفين ان يتوجها الى الحوار السياسي لحل المشاكل، وكان من المفترض بعد بيان الحزب الديمقراطي ان تحدث تهدئة ولكن الاشتباكات تجددت بين الطرفين".
وبما ان الاشتباكات اندلعت وتصاعدت بعيد زيارة مسعود البارزاني الاخيرة لتركيا ولقاءاته مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين والامنيين الاتراك، فان جهات سياسية كردية ترى ان ايادي انقرة ليست بعيدة عن مجريات الامور في اقليم كردستان، ولا سيما أن خصمها المقلق المتمثل بـالـ (pkk)، بات يتحرك على نطاق أوسع في اقليم كردستان، بحيث لم يعد معزولا ومتحصنا في منطقة جبال قنديل فقط، على خط الحدود العراقية ـ التركية.
https://telegram.me/buratha