التقارير

حين تنقلب الصورة: قمة عربية جديدة في غياب أي دورٍ للسعودية!

2916 2017-03-09

تسعى الرياض من خلال جولاتها لإعادة الإعتبار لدورها الإقليمي ولكن خارج الوطن العربي. بعد أن فشلت في الحشد أو إقامة أي حلفٍ عربي أو إسلامي تتزعمه لكن محاولاتها المستمرة والهادفة الى محاصرة إيران خدمةً للمشروع الأمريكي الإسرائيلي في المنطقة، باتت فاضحة خصوصاً مع محاولة الرياض الظهور بموقع الحامي لمصالح الشعوب الإسلامية. كل ذلك قبل موعد القمة العربية المرتقبة نهاية الشهر الحالي. فماذا في الجولة السعودية نحو محيطها الشرق آسيوي؟ وما هي الأهدف الحقيقية للرياض بين الوطن العربي ودول خارج الإقليم؟ وكيف تدفع السعودية ثمن خسارتها في العديد من الملفات الإقليمية؟ 

الجولة السعودية نحو محيطها الشرقي: محاولة لإعادة الإعتبار خارج الوطن العربي

في جولته التي وصفها الإعلام السعودي بالتاريخية، كانت ماليزيا أولى محطات الملك السعودي. ثم تلتها إندونيسيا واتحاد بروناي. جولة رفعت شعار الدبلوماسية وبناء العلاقات الإقتصادية، لكنها حملت فى طياتها حشداً مذهبياً لمواجهة التعاظم الإيراني. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: كان الإقتصاد بنداً رئيسياً على جدول أعمال الزيارات، الأمر الذي أعاد طرح مسألة التراجع والضعف الإقتصادي الذي تعيشه الرياض. وهو ما دفعها للجوء الى دول الجوار، في محاولةٍ  لتنويع موارد اقتصادها حيث ترى في اقتصاديات شرق آسيا المتنامية فرصة لإنقاذ اقتصادها، معولةً على تحصيل استثماراتٍ من بنوك هذه الدول تشارك في خطة التطوير التي تعتمدها السعودية للخروج من الإعتماد على النفط.

ثانياً: يبدو واضحاً المسعى السعودي لإعادة الإعتبار لزعامة سياسية فقدتها. لا سيما بعد أن باتت بعيدة عن إدارة العديد من الملفات كلبنان ومصر والعراق. وهو ما جعلها تُخصص ثلاث دول إسلامية  سنية في الزيارة. مما يُثبت أن السعودية عازمة على توسيع نفوذها المذهبي خارج الوطن العربي والشرق الأوسط متجهة نحو محيطها الشرقي.

ثالثاً: من خلال تصريحات الملك في جولته، ظهرت النوايا الحقيقية للرياض، الساعية لإيجاد زعامة مذهبية. حيث أكد الملك سلمان فى كلمته أمام ملك ماليزيا محمد الخامس أن السعودية تقف بكل  إمكانياتها لنصرة القضايا الإسلامية، ومعالجة التحديات التى تواجه دول العـالم الإسلامي.

رابعاً: احتلت إندونيسيا أهمية خاصة فى الجولة، ليس لأنها أكبر دولة إسلامية فقط بل للعلاقات السياسية القوية التي جمعتها بإيران مؤخراً، فضلاً عن تنامي العلاقات التجارية والإقتصادية بين البلدين. حيث تنامت علاقات جاكرتا وطهران على المستوى الرسمي بعد أن زار الرئيس الإندونيسي إيران فى ايلول الماضي فيما زار وفد وزاري إندونيسي طهران قبل يومين من زيارة الملك سلمانن لبحث فرص استثمارات إندونيسية فى حقول النفط الإيراني.

 

بين الوطن العربي ودول خارج الإقليم: الأهداف السعودية الحقيقية

 

من خلال ما تقدم، بالإضافة الى تسليط الضوء على الواقع العربي، نجد أنه يجب الوقوف عند الدلالات التالية:

أولاً: تسعى الرياض لتحقيق زعامة تحت عنوان مذهبي، مُتسلحة بالحديث عن حماية مصالح المسلمين. والهدف من ذلك طرح حشد جديد يمكن أن يُعوض عن غياب الدور السعودي في لبنان والعراق  وتوتر العلاقة مع مصر والخسارة الإقليمية في سوريا واليمن. كل ذلك لمواجهة التعاظم الإيراني خدمة للمصالح الأمريكية.

ثانياً: يبدو واضحاً وقبل انعقاد القمة العربية، أن السعودية أدركت حجم الدور الإيراني وأثره في المنطقة العربية. وهو الذي جاء تلبيةً لطموحات شعوب المنطقة. الأمر الذي يجعلها تسعى للحشد تحت  مسميات مذهبية، بعيدة عن الواقع السياسي والديمغرافي لدول المنطقة.

ثالثاً: يُبرز التوجه السعودي، نحو حشد دول الوطن العربي وتعزيز العلاقات مع محيطها الشرق آسيوي على أساس مذهبي، سقوط تحالفاتها الإقليمية لا سيما مع تركيا. والذي هدف منذ وقت قصير للحشد الإقليمي ضد إيران. الأمر الذي لم يُفلح بسبب إفتقاد الطرفين للأوراق السياسية الإقليمية.

رابعاً: إن كل ما يجري يأتي ضمن المسار الذي وضعته الرياض لمقاومة التعاظم الإيراني. حيث ومنذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، خرجت السعودية بنبرة عداء واضحة ومرتفعة ضد طهران،  تناغماً مع السياسية الأمريكية الجديدة.

خامساً: يجب التأكيد على أن هذه الجهود السياسية، إن كانت في الوطن العربي أو خارجه، تتماشى مع التوجه الإسرائيلي بل تأتي مُكملةً له. مما يعني إمكانية تحويل الجهود السياسية الى تعاونٍ  عسكري، يهدف لخدمة المشروع الوهابي الإسرائيلي تظن أن السعودية قادرة من خلاله خدمة المصلحة الأمريكية ومواجهة عدو أمريكا اللدود إيران. وهو ما نضعه في خانة وجهة النظر السعودية.

سادساً: يُسقط التوجه السعودي الإدعاءات التي تتبناه تصريحات المسؤولين السعوديين. حيث ليس صحيحاً أن الرياض يمكن أن تضع نفسها كوكيل لحماية المقدسات والمصالح الإسلامية. وهو ما  تضحده العلاقات السعودية الإسرائيلية، والتقاعس السعودي تجاه القضية الفلسطينية والذي يصل الى مستوى للتآمر والمشاركة في الحرب على الشعب الفلسطيني.

سابعاً: لم تعد السعودية دولة مرغوب بها في حكم وقيادة العالم الإسلامي. حيث أنها على الصعيد الداخلي تعاني من أزمات لن تستطيع الخروج منها إلا بحالة الإفلاس المالي والإقتصادي. وعلى  الصعيد الخارجي فهي لم تعد تلقى ترحيب الدول العربية والإسلامية ولا حتى ثقتهم.

 

كلامٌ ختامي

إذن، تسير الأمور نحو منطقةٍ سقطت فيها السياسة الأمريكية. فقد هربت أمريكا من الشرق الأوسط لتتفرغ لمصالحها في المحيط الصيني المتنامي. فيما بات وكلاء واشنطن غارقون في أزماتهم الداخلية.

بالأمس كانت أنقرة والرياض وتل أبيب، تسعى للحشد ضد إيران في محاولةٍ لإيجاد ورقة قوةٍ للسياسة الأمريكية لا تغيب عنها المصالح الخاصة. فغرقت تركيا من جديد بأزماتها الجيوسياسية في الشمال السوري. ولم تُفلح تل أبيب في إيجاد أيٍ من التجاوب الخليجي مع إقتراح وزيرها الطموح فيما يخص إقامة حلفٍ عسكريٍ شبيهٍ بالناتو ضد إيران. أما السعودية، فوجدت من سياسة الهروب نحو محيطها الشرق آسيوي، أفضل من مساعيها لإحتواء العرب. وقبل القمة العربية، أعلنت السعودية عجزها البنيوي في التأثير في الوطن العربي. حيث ستكون القمة المقبلة، قمةً يُستبعد فيها أي دورٍ للرياض سوى ملئ الكرسي. أما إيران، والتي تقارع رأس هؤلاء، أمريكا، فهي تُجيد كيف تُدير خيوط اللعبة السياسية، ومن طهران، دون الحاجة لأي حشد.

الوقت

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك