مازال اقليم كردستان يدفع ضريبة أخطاء وعناد الاحزاب الكردية التي تسيطر على زمام الحكم فيها لاسيما فيما يتعلق بواردات كردستان من النفط والغاز والانكسار السياسي بين الأحزاب داخل الإقليم.
يوم بعد آخر يزداد المواطن الكردي انزعاجاً من الوجوه الحالية بالحكم والتي عقّدت المشاكل أكثر بعنادها وابتعادها عن الواقع والمنطق الكردي.
مضى أكثر من 50 يوماً على آخر راتب استلمه الموظفين لشهر آب الماضي والحكومة عاجزة حتى الآن عن توفير كامل الراتب لشهر أيلول الماضي مع تضارب الأنباء عن عدم امكانية تأمين راتب الشهر المذكور بالكامل لجميع الوزارات.
وتسبب القادة الحاليين بحكومة الاقليم بعدة مشاكل سواء كانت داخلية مع حركة التغيير والأحزاب الأخرى أو الخارجية منها مع الحكومة الاتحادية والمحيط الإقليمي والدولي الذي تراجع كثيراً عن دعمه السياسي والاقتصادي لكردستان وخصوصاً قوات البيشمركة.
ويقول رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستان في برلمان الإقليم دلير ماوتي: ان "الأزمة الحالية التي تعاني منها كردستان ستستمر لعدة سنوات أخرى"، مبيناً انه "أي حل من الحلول المطروحة لا تحل الأزمات الحالية وستسمر لسنوات الأخرى ولا تستقر فيها الأوضاع أيضاً".
وأوضح ماوتي لـ"الغد برس" قائلاً: ان "ما نشاهده أو ما نسمعه عن الإصلاحات وما شابه ما هي إلا مزايدات سياسية للإنتخابات وللضحك على المواطنين وللحصول على أصوات أكثر".
وبيّن، ان "الأحزاب الحالية الموجودة في الإقليم لا تريد أساساً خدمة المواطنين بل تريد أن تخضع المواطنين لحكمها"، موضحاً ان "السبب يعود في ذلك الى تخلف المجتمع ولأن الحكومة لم تنجح لحد الآن في بناء مؤسسات حقيقية ناجحة".
وأشار إلى أن "الأحزاب الكردية تريد ان تحل المشاكل داخل المقرات فقط ولا تريد حلها من خلال المؤسسات الحكومية الحقيقية ولا تريد تسليم ثمرة نضالها الى الحكومة الشرعية بل تريد أن تضع السلطة تحت يدها فقط".
وتعتبر الفترة الحالية من أشد الفترات التي يمر بها الإقليم لتأزم وضعه السياسي الداخلي وكذلك توتر اقتصاده وخسارته لموارد حيوية وبشرية في المناطق المتنازع عليها التي تخضع الآن لسيطرة الحكومة الاتحادية بعد أحداث 16 تشرين الأول الماضي.
خلال السنوات الثلاث الماضية فشلت حكومة الإقليم في تحقيق اي نجاح على كافة الأصعدة إلا أنها حققت نجاحاً باهراً في قهر تنظيم داعش الإرهابي وايقاف تقدمه في عدة مناطق وأهمها منع التنظيم من السيطرة على محافظة كركوك مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار وذلك يعود بفضل البيشمركة التي قدمت اكثر من 12 ألف شهيداً وجريحاً وكذلك الدعم الدولي المقدم لها.
إلا أن الصحفي الكردي سيروان صبحت يرى بأن "هذه الفترة هي فترة حساسة جداً في تاريخ اقليم كردستان، واعتقد بأن الاقليم لم يشهد مثل هذه الفترة المهمة جداً من قبل، نعم اذا كانت هناك ارادة حقيقية من قبل الاطراف السياسية لدعم الحكومة فانها تستطيع بناء مؤسسات فعلية ومكافحة الفساد واجراء الاصلاح الضروري في مؤسسات الدولة وان رئيس الحكومة ونائبه لديهما هذا التوجه إلا انهما قد يواجهان بعض العراقيل لكن بالنهاية سيتمكنان من النجاح".
وقال صحبت لـ"الغد برس"، ان "المرحلة الراهنة هي مرحلة مؤقتة واقليم كردستان سيتجاوز هذه المرحلة، لكن من الضروري العمل على توحيد الخطاب الكردي والاستعداد لما قد يكون الاسوء في المستقبل"، متوقاً ان "يواجه الكرد تحديات ومخاطر أكبر في المستقبل خاصة مع التغييرات التي تواجهها منطقة الشرق الاوسط".
وأوضح، انه "هناك خلافات كبيرة بين الاطراف السياسية الكردستانية، وحتى ان لم تعلن، فالخلافات ظاهرة على مواقف الاطراف السياسية"، مؤكداً انه "يجب تسوية الخلافات وفتح صفحة جديدة، ولابد من تفعيل برلمان كردستان أكثر لكي يكون المرجع الرئيسي في اتخاذ كافة القرارات المصيرية".
وختم الصحفي الكردي كلامه قائلاً: انه "يجب ألا ننسى بأننا أمام تجربة ديمقراطية كبيرة وهي انتخابات برلمان كردستان في العام المقبل، لذا يجب نجتاز الأزمة الحالية بسرعة لكي نستعد لما بعد ذلك".
https://telegram.me/buratha