لم تنجح الأميرة لطيفة ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في الفرار من الإمارة في آذار/مارس، وهي التي تتهم والدها بتقييد حريتها وارتكاب جرائم بحق آخرين. واتهم مصدر إماراتي قطر بلعب دور في القضية، بينما كشف جاسوس فرنسي سابق معلومات تسلط الضوء على ما يحدث خلف جدران قصور العائلة الحاكمة في دبي.
لم تتضح بعد الخيوط الكاملة لقضية الأميرة لطيفة (33 عاما) ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والتي حاولت الهروب من الإمارات في فبراير/شباط الماضي، وقالت في تسجيل مصور نشر على الإنترنت إنها تريد "استعادة حياتها" متهمة والدها باحتجازها.
ففيما أشارت مصادر مقربة من سلطات دبي، إلى أن "جهات قطرية" تقف وراء هذه القضية و"مولت أفرادا للقضاء على سمعة الإمارة"، كشف جاسوس فرنسي سابق لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية روايته لقصة الهروب الفاشلة.
الشيخة لطيفة تروي تعرضها وشقيقتها للاحتجاز وسوء المعاملة
وقال هيرفي جوبير (62 عاما) الذي ترك الجاسوسية ليعمل مقاولا، إنه كان على تواصل مع الأميرة لطيفة منذ سنوات. ونظمت الشيخة لطيفة مشروع هروبها مع جوبير وشاركت في ذلك أيضا صديقتها وهي مواطنة فنلندية تدعى تينا جاوياين وتعمل كمدرسة لياقة بدنية، والتي رافقتها على متن يخت أقل الثلاثي خارج دبي.
بدأ كل شيء حين تداول ناشطون على الإنترنت، فيديو نشر على يوتيوب في 9 آذار/مارس ومدته نحو 40 دقيقة، وتظهر فيه لطيفة (33 عاما) وتوضح أنها واحدة من بناة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات العربية المتحدة، ورئيس وزرائها ووزير دفاعها.
وفي الفيديو، تحدثت لطيفة عن احتجاز "شمسة" وهي إحدى شقيقاتها لسنوات في بناية تدعى "الخيمة"، وتعرضها لمعاملة سيئة وتخديرها لدرجة أنها غابت عن الوعي. وقالت لطيفة إنها قد عانت من نفس الممارسات بعد محاولة هروبها الأولى في 2000، كما باتت حركتها مقيدة ومراقبة من قبل عملاء الدولة، وإنها حرمت من القيادة والسفر، ما دفعها إلى تكرار محاولة الهرب للمرة الثانية.
وأضافت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، أن فرار الأميرة لطيفة آل مكتوم هذه المرة، قد تم بمساعدة الجاسوس الفرنسي السابق هيرفي جوبير والذي جمعته ولطيفة صداقة منذ مدة. وجوبير كان يعمل في شركة للغواصات السياحية في دبي مع أحد رجال أعمال الإمارة، لكن هذا التعاون لم يدم طويلا، حيث إن جوبير هرب من الإمارات وكشف عن تفاصيل فراره في كتاب نشره في 2009 أطلق عليه "الهروب من دبي".
ونقلت "لوفيغارو" أقوال جوبير "أعرف لطيفة منذ 8 سنوات حين كنت أعمل في الإمارات. لقد اتصلت بي بعدما سمعت عن الكتاب الذي نشرته. وكانت تعتقد أن بوسعي مساعدتها على الفرار بفضل تجربتي السابقة، وقد قررت مساعدتها من منطلق الصداقة ولم أتلق أي مقابل مالي".
أطوار محاولة الهروب على متن يخت مع جاسوس فرنسي سابق
في 24 شباط/فبراير الماضي، غادرت الأميرة لطيفة آل مكتوم وصديقتها الفنلندية دبي بطريقة سرية على متن يخت تابع للفرنسي هيرفي جوبير، يحمل ترقيما أمريكيا. ويقول جوبير "كان كل شيء يسير على ما يرام حتى اقتيادنا من قبل البحرية الهندية إلى المياه الدولية قبالة الهند". ويضيف "لم يكن اعتقالا بل اختطافا، كان هجوما مباغتا على الطريقة العسكرية. حيث صعدت قوات كوموندوس على متن اليخت وتم تقييدنا بالأغلال وضربنا، وقد جرحت بسبب ضربة عنيفة تلقيتها على مستوى الرأس، وأنا أخضع منذ ذلك الوقت للمراقبة الطبية".
وتابع جوبير في شهادته لصحيفة "لوفيغارو" أنه قد تم اقتياد الثلاثة (الأميرة لطيفة، صديقتها الفنلندية، هيرفي جوبير) وطاقم اليخت الفلبيني رغما عن إرادتهم إلى الإمارات. وأوضح "وضع لي قناع للوجه، وتم تقييدي بالأغلال، وقد اكتشفت لاحقا أنه تم جر اليخت إلى قاعدة الفجيرة العسكرية البحرية في الإمارات".
كما قال العميل الفرنسي السابق "لقد تم فورا عقب مهاجمة يختنا في الهند، حيث كانت الأميرة لطيفة تتمنى الحصول على اللجوء السياسي، فصلها عنا. كما تم احتجازي بشكل منفرد واحتجاز تينا جاوياين أيضا في نفس السجن السري بحسب أوصاف المكان، لكن لم يكن بيننا أي تواصل".
ولاحقا، تم إطلاق سراح جوبير وجاوياين في 20 آذار/مارس بعد سجنه 15 يوما. لكن جوبير أكد أنه لم يتعرض للعنف خلال فترة احتجازه، وقال في هذا الصدد "أكدت لي السلطات أنني لم أرتكب أي انتهاك للقوانين الدولية، لكن المساعدة التي قدمتها للطيفة تعتبر انتهاكا للقواعد الإسلامية".
ولفت الجاسوس الفرنسي السابق، إلى أن "الفيديو الذي سجلته لطيفة قبل محاولة الهروب، وتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الاختطاف" ساعد على إطلاق سراحهم. موضحا "لقد فهمت أنه (الفيديو) مثل مشكلة حقيقية لهم، فكانوا مجبرين على تركنا نغادر ".
وفي ختام تصريحاته الصحفية، قال هيرفي جوبير إن لا أحد يعرف تحديدا مكان الأميرة لطيفة حاليا مضيفا "لا أملك أية معلومات عن لطيفة، أظن أنه قد تم حقنها بالمهدئات ووضعها تحت إشراف فريق طبي يراقبها أيضا".
"مسألة شخصية تحولت إلى مسلسل طويل"
في المقابل، أكد مصدر مقرب من حكومة دبي الثلاثاء أن ابنة حاكم الإمارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الشيخة لطيفة، موجودة في دبي و"وضعها ممتاز". واعتبر أن هذه القضية "مسألة شخصية"، لكنها تحولت إلى منطلق "للقضاء" على سمعة الإمارة عبر أفراد "مطلوبين للعدالة"، متهما أيضا جهات في قطر بتمويل هؤلاء.
وأوضح المصدر "أستطيع أن أؤكد أنها (...) موجودة في دبي وبين أهلها ووضعها ممتاز". وأضاف أن الأميرة "أعيدت إلى المنزل". وتابع "كانت هناك مشكلة شخصية، تحولت إلى مسلسل طويل، ثم تطورت لتصبح حملة ممنهجة للقضاء على سمعة دبي".
وذكر نفس المصدر، أن ثلاثة أشخاص "مطلوبون في دبي"، حاولوا "ابتزاز الحكومة" من خلال قضية لطيفة، مشير إلى أن أشخاصا في قطر "مولوهم وشجعوهم، ونحن متأكدون من ذلك"، وأن وفدا رسميا من دبي سيتوجه إلى لندن في 26 نيسان/أبريل لرفع دعاوى قضائية ضد الأشخاص المتورطين في هذه القضية. وتابع "إنها مسألة شخصية (....) تحولت إلى مسألة ابتزاز من الطراز الأول".
https://telegram.me/buratha