بعد محاولة الانقلاب التي تعرض لها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ عامين، لم يوفر الأخير أي طريقة لاستعادة كل من يتهمهم بالوقوف وراء تلك المحاولة، من الدول التي فروا إليها.
ولعل أبرز أسلوب لجأ إليه أردوغان في سبيل تحقيق ذلك، المقايضة مع الدول الأخرى، أي عرضه تسليم أفراد من بعض الدول مقابل تسليمها مطلوبين من قبل أنقرة.
ويستند أردوغان في تطبيقه لإستراتيجية "المقايضة" على مرسوم صدر في أواخر أغسطس 2017، يطلق يده في عقد صفقات لمبادلة الأجانب المحتجزين في بلاده، مقابل أتراك موقوفين أو محكومين في دول أخرى.
واستخدم أردوغان هذا المرسوم كورقة للضغط على الولايات المتحدة الأميركية، حيث طلب من واشنطن تسليم فتح الله غولن، المتهم من قبل أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب في 2016، مقابل إطلاق سراح القس الأميركي أندرو برانسون، والذي ألقي القبض عليه في تركيا بأكتوبر 2016، بتهمة الانتماء إلى شبكة غولن.
وعرض أردوغان على الولايات المتحدة تسليم غولن، مقابل إطلاق أنقرة سراح القس الأميركي، حيث قال في خطاب نقله التلفزيون التركي بسبتمبر من العام الماضي: "يقولون: أعطونا القس، لديكم داعية (غولن) هناك. سلموه إلينا وسنحاكم (برانسون) ونعيده إليكم".
وفي حادثة أخرى، اشترط أردوغان على اليونان، تسليمها ثمانية جنود أتراك متهمين بأنهم انقلابيون، لقاء الإفراج عن جنديين يونانيين معتقلين في تركيا، إلا أن الرئيس اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، رفض طلب الرئيس التركي والذي قال في مقابلة بثتها شبكة "إن تي في" الخاصة: "أرادوا أن نسلم الجنديين اليونانيين، لكننا قلنا لهم إنهم إذا أرادوا شيئا كهذا، فيجب أولا أن يسلّمونا الجنود الذين قاموا بانقلاب في بلادنا".
ويتخوف خصوم أردوغان، والمتشككون من حلفائه الغربيين، من تزايد تركيز السلطة في يديه، الأمر الذي سيمكنه من الاستمرار في سياسة المقايضة، سواء على مستوى الأفراد، أو استراتيجيات أنقرة في التعامل مع الملفات الدولية.
فبعد فوز أردوغان قبل عام بفارق ضئيل في استفتاء لتغيير شكل الحكم في تركيا إلى النظام الرئاسي ومنح الرئيس المزيد من الصلاحيات، سيدخل التغيير حيز التنفيذ بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة المبكرة التي دعا إليه أردوغان في 24 يونيو القادم.
https://telegram.me/buratha