دعت السعودية إلى لقاء رباعي يجمع ملكها بنظيره الأردني وأمير الكويت وولي عهد أبو ظبي، تحت لافتة دعم الحكومة الأردنية بعد الاحتجاجات الشعبية بسبب قانون ضريبة الدخل وارتفاع الأسعار.. فما دوافع هذه الدعوة؟ وهل هي خالصة لوجه الأخوّة أم أنّ لها اعتبارات سياسية؟
ثمة من يضغط اقتصاديا على الأردن من الخارج عبر قطع المساعدات التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد بشكل أساسي فالاقتصاد الأردني هو الأكثر اعتمادا عربيا على المنح والمساعدات الخارجية.
والأشقاء المانحون كما بات متداولا على نطاق واسع يبتزون الأردن لأسباب سياسية تتعلق برفضها صفقة القرن والترتيبات الأميركية بشأن القدس.
على وقع تصاعد الغضب الشعبي يتلقى ملك البلاد اتصالين منفصلين من وليي عهد الرياض وأبو ظبي محمد بن سلمان ومحمد بن زايد تحدث المعلن من فحوى الاتصالين عن عبارات الدعم وأمنيات الخروج من الأزمة ولا تعرف تحديدا أي جدوى الاتصالات الأشقاء الأثرياء بينما البلاد تصارع الانهيار الاقتصادي وتنتظر الإنقاذ إلا أن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية كانت قد تحدثت قبل يومين عن ضلوع السعودية والإمارات إلى جانب مصر و"إسرائيل" والولايات المتحدة في بلوغ الأزمة في الأردن هذا المدى المثير للقلق.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن السعودية والإمارات تخلتا عن الأردن في اتفاق مع الأميركيين كان من أهم الأسباب المذكورة مشاركة ملك الأردن في قمة إسطنبول الإسلامية التي عقدت عقب قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس.
هذه المشاركة أظهرت الملك الأردني عبد الله الثاني عصيا على الانخراط في قبول التفريط بالسيادة الهاشمية التاريخية على المقدسات الدينية وهو ما يؤرق حلما سعوديا يجري الحديث عنه بنقل رعاية القدس ومقدساتها إلى السعودية التي منعت بدورها مائتين وخمسين مليون دولار من مساعدة موعودة بعد أن شهد ملك الأردن قمة إسطنبول.
ولم تخف مصادر أردنية تفاجؤها من خبر الاجتماع الذي سيعقد في مكة المكرمة، حيث قالت هذه المصادر إن الأردن لم يتلق قبل اتصال الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز أي إشارات بانفراج أزمة انقطاع الدعم السعودي الإماراتي للخزينة، الذي كان أحد الأسباب المباشرة للأزمة التي قادت للاحتجاجات الأخيرة.
وكان الملك الاردني قد كرر مرات عدة خلال أيام الأزمة الأخيرة تأكيده ارتباط أزمة الأردن الاقتصادية بموقفه من ملفات إقليمية، وورد ذلك بوضوح خلال ترؤسه اجتماع مجلس السياسات الوطني الذي يضم كبار مسؤولي الدولة السياسيين والعسكريين والأمنيين، وفي لقائه مع إعلاميين بعد قراره إقالة حكومة الملقي.
وترى مصادر أردنية، أن عمان لن تسدد فواتير المساعدات المتوقعة من اجتماع مكة من مواقفها في ملفات رئيسية كانت سبب فتور علاقاتها بالسعودية والإمارات تحديدا وتوقف مساعداتهما للمملكة. وأبرز هذه الملفات ما يلي:
صفقة القرن:
ترفض عمان ضغوطا يقودها بشكل رئيس ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لإقناعها بالانخراط بما يعرف بصفقة القرن، لا سيما في الشق المتعلق بقضايا الوضع النهائي، خاصة ما يتعلق بقضيتي القدس -التي يتمتع الأردن بالولاية عليها- واللاجئين، حيث يستضيف الأردن أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين.
ويصر الأردن على موقفه السياسي لأسباب مصيرية تتجاوز مجرد الدوافع المبدئية يعني القضية مش قضية قبول او غير قبول وقضية موقف مبدئي وكذلك قضية مصالح إستراتيجية المصالح الإستراتيجية الأردنية مرتبطة ارتباطا كبيرا بأيلولة الحل النهائي للقضية الفلسطينية فقبول صفقة القرن وفق ما يتسرب تباعا من تفاصيلها لن يؤدي فقط لزوال الوصاية الهاشمية عن مقدسات القدس المحتلة بل قد يعني بحسب مراقبين تهديدا لوجود الدولة الأردنية نفسها عبر إحياء فكرة الوطن البديل التي كان يدعو إليها شارون قديما والتي ستعني توطين ثلاثة ملايين لاجئ فلسطيني في الأردن بما يمثله ذلك من زلزال أمني وديموغرافي .
كما تتحدث المصادر عن تأثر علاقات الأردن بالإدارة الأميركية بفعل تأثير محور يتكون من وليي عهد السعودية وأبو ظبي، وجاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي، الذي استثنى الأردن من زيارات هامة للإعداد لصفقة القرن زار خلالها السعودية وفلسطين المحتلة.
الأزمة الخليجية:
رغم قرار الأردن تنزيل مستوى علاقاته بقطر استجابة لضغوط دول الحصار، فإن الحياة عادت مجددا للعلاقات الأردنية القطرية، التي أخذت جانبا اقتصاديا، بانتظار انعكاسها على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ولا تخفي مصادر أردنية أن هناك ضغوطا لم تتوقف من الرياض وأبو ظبي على عمان لقطع العلاقات نهائيا مع الدوحة، وتستبعد هذه المصادر انصياع الأردن لهذه الضغوط نتيجة دروس الأزمة الأخيرة.
إيران بدل "إسرائيل":
بعد قطع علاقات السعودية بإيران، اتخذ الأردن قرارا بسحب سفيره من طهران دون قطع العلاقات الدبلوماسية بإيران، لكن ذلك لم يجعل عمان تنخرط في موجة التصعيد السعودية مع إيران، كما أنها لا توافق على سياسة استبدال العداء لإسرائيل بإيران.
اليمن:
لم يخف مسؤولون أردنيون وجود ضغوط سعودية على بلادهم لإرسال جنود للمشاركة في العدوان على اليمن، وهو الأمر الذي اعتذرت عنه عمان رغم عضويتها في التحالف السعودي.
وقد رجّح مسؤول أردني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تقدم السعودية والكويت والإمارات دعماً مالياً للأردن عاجلاً سيعلن عنه خلال الاجتماع.
وبحسب المسؤول الأردني الذي لم يذكر الموقع اسمه، فإن ما يعزز تقديم الدول الخليجية الثلاث دعماً اقتصاديا للأردن هو خشيتها من اندماج الأردن بتحالفات إقليمية، خصوصاً بعد مصافحة الملك الأردني للرئيس الإيراني حسن روحاني في القمة الإسلامية الثانية التي انعقدت في إسطنبول الشهر الماضي ما فسر على أنه مؤشر على إمكانية حدوث تقارب أردني إيراني.
ويرى الخبراء ان الدعم الاقتصادي المتوقع خصوصاً من السعودية لا بد أن يكون خلفه طلب مواقف سياسية معينة، إلا أن للأردن مواقف واضحة تماماً من بعض القضايا خصوصاً صفقة القرن والتسويات السياسية في المنطقة.
وتقول أوساط أردنية ان ترتيب الاجتماع جاء وسط خشية وليي عهد السعودية وأبو ظبي اللذين اجتمعا مؤخرا في جدة، من توجه الأردن نحو إحياء علاقاته مع قطر، وهو ما سيعتبر إخفاقا جديدا لدول الحلف الرباعي، عوضا عن دخول دول هذا الحلف بأزمة لا تعرف نتائجها مع الأردن الذي يحتل مكانة مركزية في الشرق الأوسط.
https://telegram.me/buratha