كثيرة هي الألغاز في العراق إلا أن أغربها وأشدها تعقيداً هو لغز الكهرباء ووزارتها، فبالرغم من عشرات المليارات من الدولارات على هذه الوزارة ومرور نحو 15 عاماً على التوجه نحو تشييد محطات لتوليد الطاقة، لكن كل ذلك لم يسهم في حل هذا اللغز المحير.
ويبدو أن هذا اللغز تفاقم ليلقي بغموضه ليس على الطاقة الكهربائية فقط بل كل ما يتعلق بها من وقود لتشغيل المحطات، وعقود لتشييد المحطات الجديدة، وسقوف زمنية لم تنتهي لغاية الآن.
يوم أمس الجمعة أعلنت وزارة الكهرباء في بيان انه "بتوجيه من أمير دولة الكويت صباح الاحمد الجابر الصباح، ستباشر وزارة النفط الكويتية بتجهيز وزارة الكهرباء العراقية بوقود (الكاز أويل) لتشغيل الوحدات التوليدية المتوقفة ودعم الوحدات العاملة".
واشارت الى ان "بارجة كويتية محملة بكمية (٣٠ الف) متر مكعب من وقود الكازأويل ستصل غداً السبت (اليوم) الى موانئ البصرة، كدفعة أولى، والكميات الاخرى ستتوالى وبشكل دوري على مدى الايام المقبلة".
المحير في هذا البيان هو أن خزانات الوقود في وزارة الكهرباء ممتلئة عن آخرها بحسب أكد ذلك وزير النفط جبار اللعيبي في بيان صحفي "، يوم الثلاثاء الماضي 17 تموز الجاري، حيث قال "الوزارة وضمن الخطط العاجلة لغرفة العمليات فقد تمكنت من تنفيذ وتلبية الاحتياجات العاجلة والضرورية من مادة الكاز لمحطات توليد الطاقة الكهربائية سواء من خلال توفير كميات من الانتاج المحلي او المستورد".
واكد "امتلاء الخزانات والمستودعات الخاصة بوزارة الكهرباء بمادة الكاز".
واشار اللعيبي الى "استمرار خطط تجهيز محطات الطاقة الكهربائية بوقود الغاز الجاف والنفط الاسود والنفط الخام وفق الكميات المقررة، فضلا عن وقود الكاز الذي يجهز ايضا كوقود بديل لتشغيل بعض من محطات توليد الطاقة الكهربائية التي تعتمد على وقود الغاز".
"الغد برس" اجرت اتصالات بالمتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس، لكنه رفض تلقي الاتصال، وكذلك فعل المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، فما كان منّا إلا إرسال استسفار حول هذا التضارب في التصريحات برسالة نصية (SMS) لكلاهما ولغاية كتابة هذا التقرير لم نتلقى أي رد.
لربما يكون لدى المتحدث باسم وزارة الكهرباء عذر في عدم الرد على الاتصال والسؤال، لكن امتناع المتحدث باسم وزارة النفط يثير الاستغراب.
رئيس المكتب العراقي الاستشاري والوزير السابق عامر عبد الجبار إسماعيل، أعرب عن استغرابه من "تناقض" تصريحات وزارتي النفط والكهرباء حول توفر الوقود.
وقال إسماعيل، في تصريح صحفي"، معلقاً على ما يجري "استغرب من تصريح وزارة الكهرباء بأن الكويت ستجهز العراق بوقود الكاز أويل لغرض تشغيل محطات توليد الكهرباء المتوقفة عن العمل بسبب عدم توفر الوقود".
واشار الى أن "وزارة النفط أعلنت العام الماضي عن إيقاف استيراد الكاز أويل، وأكدت بأن المصافي العراقية حققت إنتاج من وقود الكاز أويل أكبر من حاجة البلد، واليوم نسمع بأن هنالك محطات توليد كهرباء متوقفة بسبب عدم توفر الوقود".
وتساءل إسماعيل "ألم يكن الأجدر بوزارة الكهرباء توفير الوقود قبل حلول موسم الصيف لتجاوز أزمة الكهرباء الصيفية والمتكررة في كل عام".
ولفت الى انه "لا يوجد بلد في العالم يستخدم وقود الكاز أويل لتوليد الطاقة الكهربائية الا في الحالة الاضطرارية لكن العراق يستخدم هذا الوقود بشكل دائمي منذ 2003 ولحد الان".
وأكد ان "الكاز أويل وقود مرتفع الثمن ولا توجد في استخدامه أي جدوى اقتصادية، ولذلك حُصرَ استخدامه للحالات الاضطرارية المؤقتة لعدة دقائق أو لعدة ساعات، لاسيما أن العراق قد تقدم على بلدان العالم بنسبة التلوث وهذا ما أكده مؤتمر المناخ الدولي في باريس".
وأضاف "متى تدرك الحكومة ضرورة استخدام الطاقة البديلة وتوقف انشاء أو تشغيل المحطات الحرارية لا سيما القديمة منها التي تستخدم الكاز اويل أو (Crude Oil) أو (Fuel Oil)".
وختم إسماعيل بالتنبيه إلى أن "العراق لا يزال يحرق الغاز المصاحب بما يكفي لتوفير 5000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية".
https://telegram.me/buratha