مع اولى نسمات الصباح، بدأت الارتال تتقدم ضمن محاور متعددة، وهي تتوغل في عمق تلال حمرين الوعرة في أطراف محافظة ديالى، لتعقب خلايا داعشية تم رصدها من قبل مفارز استخبارية التي اصبحت على قدرة عالية في المتابعة وجمع المعلومات خاصة بعد تحقيق اختراقات مهمة.
لم تكن تغطية عمليات تعقب داعش في حمرين بالأمر اليسير، في ظل تضاريس معقدة، تتطلب تخلي القطعات العسكرية عن الاليات والسير لمسافات طويلة، قد تصل احيانا الى أكثر من 10 كم في وديان ومنخفضات خطرة للغاية، كونهم يواجهون عدواً شرساً للغاية، حيث يصنع الكمائن في كل مكان ويعتمد بقوة على العبوات والالغام في استهداف المفارز الراجلة.
عملية التقدم صوب الاهداف تتطلب دقة في اختيار المسارات للمفارز الراجلة، تكون في مقدمتها عناصر مكافحة المتفجرات باعتبارهم الطليعة المتقدمة دوما لفتح الطرق وتأمينها عن بعد، خشية وجود عبوات او الغام تؤدي الى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوف القوات المتقدمة.
عملية ابطال عبوة او لغم تستغرق وقتا يصل احيانا الى نصف ساعة او دقائق في بعض الاحيان اعتمادا على نوع العبوة لكن هناك عبوات تكشف عن كمين لعبوات اخرى والبعض منها مرتبط بما يعرف بالمساطر وهي اداة التفجير عن بعد.
احمد حسن أحد خبراء المتفجرات لم يكن يحمل ادوات دقيقة او حتى ارتداء ملابس واقية بل قطعة حديد صغيرة وقاطعاً للأسلاك وهو يسير ببطء وعينيه تتابع بدقة متناهية اي تغيرات في التربة لأنها بداية معرفة إذا كان تحتها عبوة او لغم ارضي".
وقال حسن في حديث لـ(بغداد اليوم) وهو يبتسم "نحن اصدقاء الموت لا نخشاه ابدا بل العكس، لأن من يفكر لحظة به سيفقد التركيز وتحدث مشكلة".
واضاف حسن، أن "مهنتنا تختلف عن كل مهن الارض انها مهنة الفرصة الواحدة، لذا فان اي خطا سيعني النهاية"، مبينا أن "اغلب المهام قد تؤدي الى الوفاة كوننا نعمل مع متفجرات خطرة جدا يمكنها ان تفتت جسدنا وتحوله الى اشلاء متناثرة".
اما كاظم الشمري وهو خبير متفجرات فأوضح لـ(بغداد اليوم): "أني عملي متنوع فأن افكك العبوات والالغام واحياناً أفكك السيارات والمضافات التي تضم اطناناً من المتفجرات"، لافتا الى انه "يفكر أحيانا، في ما سيحدث له لو انفجرت احدى العبوات في وجهه"، ثم يصمت فجأة بعدها يقول: "افرح كثيرا عندما اشعر بأني نجحت في مهمتي وامنت رفاقي من خطر قاتل".
واشار الشمري الى ان "العمل في فرق مكافحة المتفجرات ليس عادي وخطورته تبقى على الدوام، لذا على من يعمل بهذه الفرقة ان يكون دقيقاً للغاية، لاسيما في عملية مثل تفكيك عبوة تزن نصف كغم او مفخخة تحوي طن من المتفجرات".
الشمري الذي اصيب قبل أشهر اثناء معالجة احدى العبوات الناسفة في تلال حمرين، أشار الى إن "احد رفاقه الذي استشهد قبل ثلاثة اعوام تمكن من تفكيك كمين لداعش يتألف من عشرة عبوات ناسفة، باستخدام (ملعقة طعام)، موضحاً ان "الكمين تم تهيئته من قبل التنظيم لاستهداف مفارز امنية مشتركة".
اما الرائد محمد التميمي فقد بين ان "فرق معالجة المتفجرات سواء من الشرطة او الجيش او الحشد الشعبي تلعب ادوار مهمة جدا في العمليات العسكرية فهي طلائع القوات المتقدمة نحو اهدافها".
واضاف التميمي، انه "لو انفجرت كل العبوات والالغام التي في طريقنا لكان عدد الضحايا كبير جدا، بالإضافة الى ان خبراء المتفجرات أنقذوا احياء وقرى كاملة من متفجرات التنظيمات المتطرفة خلال عمليات التحرير ولولاهم لتحولت كلها الى ركام".
من جهته قال المتحدث الاعلامي باسم شرطة ديالى العقيد غالب العطية، لـ(بغداد اليوم)، أن "خبراء المتفجرات هم الفدائيون الذين لهم صولات لا تنسى في دعم القوى الأمنية"، مؤكداً ان "الكثير منهم قدموا ارواحهم من اجل مواجهة الارهاب وتحرير المدن والقصبات".
واضاف العطية، أن "القيادة تقدم لهم كل الدعم وساهمت في تامين الكثير من الادوات والاجهزة المتطورة لتقليل معدلات الخطورة في عملهم لكن اغلب الاحيان تتطلب معالجة العبوات او السيارات او الاحزمة الناسفة تدخل مباشر من قبلهم وهنا تكون الشجاعة حاضرة في حسم الموقف".
وتابع، ان "خبراء المتفجرات في شرطة ديالى لديهم خبرات متراكمة في تفكيك كمائن داعش والتعرف على انواع عبواته وابطال مفعولها"، لافتا الى ان "قيادة الشرطة كرمت الكثير من خبراء المتفجرات لمواقفهم البطولية في عمليات التحرير والعمليات العسكرية الاخرى التي تنفذ بين الحين والاخر"
https://telegram.me/buratha