ضياء المحسن
لم يكد رئيس الحكومة يقدم الكابينة الوزارية الى مجلس النواب للتصويت عليها، حتى وجد نفسه يواجه صعوبات كبيرة بسبب الخلافات الحادة بين الكتل السياسية، بسبب التنافس على اقتسام الحقائب الثمانية المتبقية من الكابينة الوزارية، بالإضافة الى إنطلاق الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وليس إنتهاءاً باستحقاقات الحشد الشعبي، والتي قالت الحكومة السابقة أنها ضمنتها في موازنة عام 2019، ولم تكن صادقة فيما قالته.
إذا هي صعوبات كثيرة على رئيس الحكومة أن يتعامل معها بحذر شديد، إذا ما اخذنا بنظر الإعتبار أنه مرشح تسوية؛ بمعنى أنه لم يكن مرشح كتلة بعينها، لكن مع ذلك فهو يمتلك قوة أكبر من ذلك، وهي كلمة المرجعية الدينية وصوت الشعب؛ اللتان لو استطاع رئيس الحكومة توظيفهما بصورة جيدة، لقلب الطاولة على الكتل السياسية، ولن يستطيعوا ان يحركوا بيدق واحد من بيادقهم التي يمتلكونها لساعة العسرة!
أولى صعوبات الحكومة هي الوزارات الأمنية، ومع الشد والجذب الحاصل بين الكتل السياسية، يمكن لرئيس الوزراء أن يمارس صلاحياته الدستورية، ليس في محاولة لجس نبض الكتل السياسية؛ بل هي لتوظيف الأدةات التي بين يديه والتي لن تستطيع الكتل السياسية ان تتغافل عنها، لو قام السيد عادل عبد المهدي بالحديث من خلال الفضائيات عمن يعرقل عمله، هناك سوف يجد ان الكل يتصاغر أمام موقف المرجعية الدينية وصوت الشعب؛ حتى من يعتقد أنه يمتلك الحظوة الأكبر في مجلس النواب.
الصعوبة الثانية والأخطر هي الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي سيكون تأثيرها واضحا على الإقتصاد العراقي فيما لو التزمت الحكومة العراقية بهذه العقوبات كما فعلت الحكومة السابقة، ذلك لأن الإقتصاد العراقي يعاني من تهالك البنية التحتية في جميع مفاصله، لأسباب عديدة ليس اقلها شأنا هو قِدم المكائن التي تعمل في هذه المصانع، لذا فإن التزام الحكومة بمضمون الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على إيران يعني إرتفاع معدل التضخم الى مستويات كبيرة اولا، وثانيا سوف تؤدي العقوبات الى إرتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، بسبب الطلب الكبير عليه من سعي الإيرانييين للحصول عليه من السوق العراقي، ثم ان الميزان التجاري في التبادل بين العراق وإيران يميل لصالح الأخيرة، ومع انخفاض قيمة العملة الإيرانية نجد سكان محافظات وسط وجنوب العراق يتهافتون للسفر الى إيران للتبضع من هناك، بما ساهم بانخفاض التسوق من السوق العراقية وتكدس المواد لدى الباعة والتجار.
أخير يبدو ان السيد عبد المهدي يحاول إصلاح ما أفسدته الحكومة السابقة، وذلك من خلال إنصاف الحشد الشعبي في موازنة العام القادم، بزيادة رواتب ومخصصات هؤلاء المقاتلين أسوة بالقوات المسلحة الأخرى، والذي جاء تقديرا لتضحياتهم الكبيرة وصبرهم الذي فاق التوقعات، نتيجة إنخفاض الرواتب التي يتقاضونها قياسا بأقرانهم في القوات المسلحة.
اذا ما تمكن السيد عبد المهدي في التعامل مع هذه الصعوبات، سوف نرى إنطلاقة كبيرة للحكومة في التعامل مع بقية المشاكل، والتي هي أقل خطورة منها؛ مما يعني بالضرورة ان الحكومة تستطيع تنفيذ برنامجها الحكومي بسلاسة، يلمس المواطن أشياء كثيرى تتحقق في سبيل رفع مستواه المعيشي، وإنجاز كثير من المشاريع الخدمية.
https://telegram.me/buratha