عبد الكاظم حسن الجابري
عاني العراق من عزلة تامة عن العالم, واصبح حلم السفر والسياحة لا يأتي حتى في المنامات, لصعوبة تحققه.
استعرت فترة العزلة هذه مع تسلم البعث للسلطة عام 1968, واشتد أوارها بعد تسلم صدام التكريتي لمقاليد الحكم في العراق, ليصبح البلد سجنا كبيرا, الخارج منه مولد, والداخل اليه مفقود, لم يفلت منه إلا القلة القليلة, وخصوصا بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991.
بعد التغيير عام 2003, والاطاحة بالبعث, تحرر العراق وانفتح على العالم, وتحسنت بشكل كبير الحالة المعاشية والاقتصادية لكثير من العراقيين, وبطبيعة الحال ولعدم وجود اماكن ترفيهية ومقاصد سياحية في العراق, اضطر كثير من المواطنين للبحث عن وجهات سياحية, تشبع الحاجة من الترفيه, وبنفس الوقت تكون متناسبة مع الحالة الاقتصادية للفرد.
بداية التغيير كانت الوجه للسياحة الدينية فقط, وكانت ايران بعتباتها المقدسة هي المقصد, وبنسبة اقل سوريا, ولكن مع تنامي دخل الفرد العراقي, وتغير بوصلة الاعتقادات –وهذا موضوع طويل له بحثه الخاص- ومع نشوء جيل شباب ما بعد التغيير, بدأت تنشأ فكرة السياحة الاستجمامية, والترفيهية والجنسية لدى الافراد, وكانت مصر ولبنان المقصد الجديد.
بسبب بعض التشدد العربي تجاه العراقيين, والتعامل معهم على اسس واعتبارات طائفية, صار البحث عن منفذ اخر, وكانت اذربيجان المقصد المريح للباحثين عن الراحة كونها تقدم سياحة واطئة الكلفة للمسافرين.
تعتمد اذربيجان على السياحة في اقتصادها كثيرا, وتُعد من البلدان المنفتحة, وتشكل الملاهي وصالات القمار فيها مصدر دخل كبير, اضافة الى طبيعتها الخلابة وحسن تعامل مواطنيها.
أًمَّ السياح العراقيون هذا البلد, وكانت الخدمات الجنسية التي تقدمها الحسناوات الآذرية مصدر تحفيز للباحثين عن اللذائذ الجسدية, وصارت اذربيجان مقصدا للشباب العراقي المتلهف لإطفاء غريزته بلحم ابيض وعيون خضراء وشعر اشقر.
نقل لي طبيب عراقي تخرج لتوه من كلية الطب, وكتعبير عن سعادته بالتخرج, وقبل ان يلتزم بالوظيفة, فقد قرر هو ومجموعة من اصدقاءه السفر الى اذربيجان, وقد صارحني بانه عزم على تجربة وفعل كل المتاحات في هذه البلد, وقال "دخلت إلى أحد النوادي الليلية, ووجدت جميع الحضور عراقيين, والاغنية التي عرضها الملهى هي اغنية عراقية, فقط الحسناوات التي تتراقص على خشبة مسرح الملهى هن اذريرات" ويكمل قائلا "لقد ندبت حظي كوني احسست انني في منطقة من مناطق العراق, ولما خرجت من الملهى صادفني رجل كهل عراقي وهو يسألني أين البنات؟ أين البنات؟ فقلته له باللهجة الشعبية "اطلع كَبل بوجهك".
هذا البذخ والصرف بسخاء, الذي قدمه السواح العراقيون, قد اثمر موردا دعم الاقتصاد الاذربيجاني, ما جعل أحدهم يقول متهكما "لماذا لا يفتحون ملاهي في العراق, ويحضرون الحسناوات بدلا من انفاق العملة الصعبة خارج البلد".
https://telegram.me/buratha