أفاد موقع اخباري الأحد (2 كانون الأول 2018)، بأن واشنطن فشلت في "تركيع" إيران بعقوباتها الاقتصادية المفروضة عليها، سيما وان العراق يقف داعما لاقتصاد طهران.
وذكر الموقع في تقرير له، أنه "مع دخول الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية على طهران والتي تستهدف بالدرجة الأولى قطاعي النفط والمصارف حيز التنفيذ في الرابع من تشرين الثاني المنصرم، إلا أنه ومع بدء العقوبات استثنت واشنطن ثماني دول مؤقتًا من هذه العقوبات، هي الصين، الهند، اليابان، إيطاليا، كوريا الجنوبية، تايوان، اليونان، وتركيا، قبل أن يضاف لها العراق فيما بعد".
وأضاف: "رغم أن الاستثناء الأمريكي للعراق من نظام العقوبات جاء لمدة 45 يومًا فقط، إلا أن الأسطر التالية، تقرأ في خيارات العراق لمواجهة العقوبات الأمريكية ضد طهران في ضوء ضغوط إيرانية".
ولفت الى أن "استثناء العراق من العقوبات الأمريكية الموقعة على طهران على لسان المبعوث الأمريكي الخاص جاء لتنسيق العقوبات الأمريكية ضد إيران براين هوك، شريطة أن لا يتم التعامل بالعملة الأمريكية"، مشيرًا إلى أن "العراق سيفتتح خط أنابيبٍ لنقل النفط من كركوك، بمعدل 200 ألف برميل تقريبًا تعويضًا لتوقف النفط الإيراني".
وأضاف، أن "هذا الاستثناء، استثناء مؤقت، فالولايات المتحدة أمهلت العراق منذ 8 تشرين الثاني 2018، 45 يومًا لوقف استيراد الغاز الطبيعي من إيران، بعد دخول حزمة العقوبات الثانية ضد طهران حيز التنفيذ؛ إذ يستورد العراق الغاز الطبيعي من إيران لتشغيل محطات توليد الكهرباء في البلاد".
وتشمل العقوبات الأمريكية على طهران 50 مصرفًا إيرانيًا، وقرابة 200 شخصية وسفينة في قطاع النقل البحري الإيراني الرسمي، إضافة إلى شركة الخطوط الجوية الإيرانية الرسمية، وأكثر من 65 طائرة من أسطولها الجوي.
لكن فيما يبدو، فإن الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي ما زالت تدرس تبعات انتهاء المهلة الأمريكية، ففي أول رد رسمي من الحكومة العراقية على بدء تنفيذ حزمة العقوبات الأمريكية الثانية ضد طهران، قال رئيس الحكومة العراقية، إن "العراق ليس جزءًا من منظومة العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران"، في تصريح هو الأول لعبد المهدي فيما يخص العلاقات الخارجية للعراق".
وأشار الموقع في تقريره إلى أن تصريح رئيس الحكومة أعقبه تصريح آخر من رئيس الجمهورية برهم صالح الذي دعا الولايات المتحدة من الكويت إلى مراعاة وضع العراق السياسي والاقتصادي في الوقت الذي يتفاوض فيه البلدان– العراق والولايات المتحدة– على إعفاء بغداد من العقوبات الأمريكية على إيران"، مشيرًا إلى أن "العراق لا يريد أن يتحمل وزر العقوبات الأمريكية على طهران".
ولفت الى أن "الكثير من التحليلات طرحت كيفية تعامل العراق مع العقوبات الأمريكية ضد إيران"، حيث يتساءل الكاتب الصحافي مشرق عباس في صحيفة "الحياة اللندنية" عن قدرة بغداد على ضبط التوازن المطلوب والمُرضي والمتفق عليه بين الطرفين –العراق وإيران– دون أن تورط بغداد نفسها في انتهاك صارخ للعقوبات الأمريكية ستتحمل تبعاته، مع الإدراك المسبق أن لواشنطن سلطة القرار الاقتصادي، فيما تمتلك طهران سلطة القرار الأمني في العراق".
ويضيف الكاتب، أن "استخدام أي من هذين الخيارين قد يقود إلى كارثة جديدة في العراق"، فيما يرى أن "الحيرة العراقية في التعامل مع العقوبات الأمريكية هي الثمن المتأتي عن عجز المنظومات السياسية العراقية المتلاحقة أمام استحقاق حفظ السيادة الوطنية للعراق، ولو في الحد الأدنى"، بحسبه".
وأعرب عن اعتقاده أن "هذه الحيرة مبررة في ظل عقوبات أمريكية أكبر من قدرة الكتل السياسية العراقية الغارقة في صراعاتها الداخلية على التعامل معها".
من جانبه، اشار مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي إلى أن "العقوبات الأمريكية على طهران ستؤثر على الاقتصاد العراقي، إذ إن السوق العراقية تستهلك وبشكل كبير السلع الإيرانية الزراعية، إضافة إلى المواد الغذائية والسيارات ومواد البناء"، بحسب صالح.
ويميل ميزان التبادل التجاري بين العراق وإيران لصالح الأخيرة؛ إذ تبلغ قيمة التبادلات التجارية بين البلدين عام 2017 قرابة 7 مليار دولار، من ضمنها 77 مليون دولار فقط، حجم الصادرات العراقية إلى إيران، وتعد إيران البلد الثاني بعد تركيا في حجم التبادلات التجارية مع العراق.
كما نقل الموقع عن الخبير الاقتصادي العراقي محمد عبد الوهاب الحمداني، أنه "لم يُسرع العراق الخطى لإيجاد بدائل عن السلع الإيرانية التي ستمنع من دخول العراق بموجب العقوبات الأمريكية، فإن البلاد مقبلة على أزمة حقيقية، خاصة ما يتعلق باستيراد مشتقات الطاقة، وأهمها الغاز، الذي يستخدمه العراق في تشغيل محطات توليد الكهرباء، والتي تعاني البلاد من أزمة حقيقية في توفيره للعراقيين".
وأضاف، أن "قطاع الطاقة هو الوحيد الذي سيتأثر بشكل كبير بموجب العقوبات، إذ إن العقوبات الأمريكية ستمنع البضائع من الدخول رسميًا، بحسب الحمداني الذي أشار إلى أن العراق يمتلك حدودًا مشتركة مع إيران تصل إلى أكثر من 1100 كيلومترًا، وبالتالي، ومن المحتمل أن تكون إيران قد أعدت العدة لتنشيط عمليات التهريب إلى الداخل العراقي عبر عشرات المدن الحدودية القريبة من الداخل العراقي".
وعن التحويلات المالية بين البلدين، أوضح الحمداني أن "الحدود أيضًا ستلعب الدور الأكبر في حصول الإيرانيين على الدولار، وبهذه الطريقة لن تستطيع الولايات المتحدة الحد من الوجود الاقتصادي الإيراني في العراق؛ إذ لا قدرة لأحد على السيطرة على هذه الحدود في ظل وجود تعاون عراقي"، بحسبه.
واختتم الحمداني حديثه قائلا "النفط لن يكون استثناءً من التهريب، إذ إن إيران لديها خبرة كبيرة في عمليات الالتفاف على العقوبات الأمريكية السابقة للاتفاق النووي"، لافتًا إلى أن "إيران كانت تستخدم أسطولًا من السفن الشبح لبيع نفطها إلى مختلف دول العالم بأسعار مغرية، إضافة إلى أن إيران ستسعى كذلك إلى تهريب نفطها عبر الأراضي العراقية، لبيعه في السوق السوداء أو لتمريره إلى العراق وشحنه مع ما يهرب من النفط العراقي إلى دول أخرى".
المصدر: ساسة بوست
https://telegram.me/buratha