ضياء المحسن
مع أن الدستور لم يتحدث صراحة عن كيفية تشكيل الحكومة وعدد الوزراء فيها لتحظى بالثقة، لكن العُرف السائد أن تكون الكابينة الوزارية قد تجاوزت النصف +1 لكي تحظى بثقة البرلمان، بالإضافة الى قراءة البرنامج الحكومي الذي تتبناه في المرحلة المقبلة.
واقعا السيد عادل عبد المهدي استوفى الشروط المطلوبة منه، بعد أن وضع البرنامج الحكومي أمام مجلس النواب، بالإضافة الى تقديمه 14 وزير من أصل 22 وزير هم عدد كابيته الوزارية المقبلة، من ثم فإن أي حديث عن حجب الثقة وتكليف رئيس الجمهورية لشخص أخر بتشكيل الوزارة، هو عبارة عن هرطقة أو كما يقال في المثل العامي الدارج (صراخ حميدة في سوق الصفافير).
في برنامجه الحكومي تحدث رئيس الوزراء حول ضرورة الإنتهاء من المناصب المشغولة بالوكالة، ذلك لأن أغلب قضايا النزاهة المتهمون فيها هم الذين يشغلون مناصب بالوكالة، وهؤلاء أتوا من خلال المحاصصة المقيتة التي وصلت اليوم حتى الى درجة معاون مدير عام، وفي تصريح له صرح السيد عادل عبد المهدي عن وجود 13 ألف ملف فساد في هيئة النزاهة، لم تقم الهيئة بإحالتها الى القضاء لأسباب كثيرة.
يفترض بمجلس النواب أن يساند رئيس الحكومة في مسالة الإنتهاء من المناصب المشغولة بالوكالة، بالإضافة الى الضغط على هيئة النزاهة بالعمل على الإنتهاء من هذه الملفات بغض النظر عن قرب هذا المسؤول أو ذاك من هذا الحزب أو تلك الكتلة، إذا ما وضعنا في الإعتبار أن الهيئة أيضا جيء بأعضائها عن طريق المحاصصة، بالتالي فإن الحديث عن إحالة هذه الملفات الى القضاء بمثابة ضرب من الخيال.
تقترب السنة المالية 2018 من نهايتها، والعمل بالسنة المالية 2019، ومع ذلك فإن مجلس النواب مشغول بالعراك على أمور تكاد لا تغني او تسمن من جوع بالنسبة للمواطن العراقي كما الإقتصاد، فالمواطن الذي يخرج يوميا الى العمل ويعود ويديه خاليتي الوفاض بسبب توقف سوق العمل، لإرتباطه بإقرار الموازنة وما يفعله مجلس النواب، وكذلك الإقتصاد العراقي الذي ينتظر دخول الإستثمار الى سوق العمل العراقي؛ هذه جميعها متوقفة بسبب عدم مراعاة بعض أعضاء مجلس النواب للمصلحة العامة، عندما ينشغلون بمسائل تكاد لا تغني المواطن، من قبيل الإستمرار بمعارضة هذا الاسم أو ذاك لشغل الوزارات الشاغرة، مع أن رئيس الوزراء قدم الأسماء التي بإمكانها أن تشغل هذه الوزارات، ومن حق مجلس النواب رفض أو قبول هذه الأسماء، لكن محاولة الضغط من قبل كتل معينة ومحاولة كسر إرادة هذه الكتل، قد يسبب بالتالي الى واحد من أمرين أخلاهما مر، الأول الذهاب الى حرب يكون حطبها جماهير تلك الأحزاب، والثاني سحب الثقة من الحكومة وهو الأمر الذي ينتج عنه حكومة تصريف أعمال، وهذا يعني عدم إقرار الموازنة وتكرار سيناريو 2014 بعدم وجود موازنة لذلك العام، وهو ما تعاني منه الدولة لغاية اليوم.
نعتقد جازمين بضرورة تغليب المصلحة العامة من قبل جميع الكتل السياسية، ووضع مصلحة الأحزاب والمصالح الشخصية جانبا في هذه المرحلة المهمة من تاريخ العراق، خاصة وأن العراق خرج لتوه من حرب ضد الإرهاب، والبنى التحتية بحاجة لإعمار وإعادة تأهيل، كما نحتاج الى توطيد الأمن لكي نبعث رسالة مطمئنة للمستثمر الأجنبي، فالعراق يستاهل كثيرا ليضحي أبناءه من أجله.
https://telegram.me/buratha