اثار قرار مجلس الوزراء الاخير "إعادة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة"، ردود أفعال متباينة حيال القرار، ومدى إمكانية إنقاذ مئات الشركات الحكومية التي تعاني من مشكلات جمّة، لاسيما وأن الجزء الأغلب منها شبه معطل، في ظل وجود "مافيات سياسية" تسعى لإفشال إعادة فتح الشركات المغلقة.
وكان مجلس الوزراء قد قرر خلال جلسته التي عقدها، الثلاثاء الماضي (8 من كانون الثاني 2019)، إعادة هيكلة الشركات العامة المملوكة للدولة وتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي حول الموضوع، "دون بيان أسماء تلك الشركات وإلى أي وزارة تابعة".
نائب: قرار حسّاس
وفي هذا الصدد، قالت عضو مجلس النواب، عن محافظة ديالى، ناهدة الدايني، في حديث لـ(بغداد اليوم)، إن "قرار إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، حسّاس، ونرى بأنه خطوة مهمة نحو الأمام من أجل تصحيح أوضاع مئات الشركات الحكومية التي تعاني مشكلات جمة في ظل تفاقم مشكلة الاستيراد الخارجي، بالإضافة إلى عدم تعاون أغلب الوزارات معها في تسويق انتاجها وتقادم أدوات الانتاج فيها".
وابدت الدايني، قلقها من "عدم امكانية إعادة الهيكلة وفق خطة مدروسة وتضر برواتب وحقوق الموظفين، رغم أن قرار إعادة الهيكلة لايزال حبراً على ورق فلا يمكن بيان تبعاته أو تداعياته بالوقت الراهن، وننتظر المزيد من التفاصيل".
وأعربت عضو مجلس النواب، عن أملها في "إشراك مراكز مختصصة دولية في عملية إعادة الهيكلة من أجل الخروج بأحسن النتائج بما يساعد في دعم الصناعة الوطنية وحفظ حقوق كل الموظفين والعمال"، مؤكدة أن "مجلس النواب سيقوم بمتابعة جدية لعملية تطبيق القرار".
مافيات سياسية تسعى لإفشال فتح الشركات
من جانبه، أوضح الخبير الصناعي في محافظة ديالى، إحسان علي، في حديث لـ(بغداد اليوم)، أن "إعادة هيكلة أي شركة امر ليس بالهين لان ذلك يتبعه سلسلة طويلة من القرارات الإدارية"، لافتاً إلى أن "إعادة الهيكلة من وجهة نظر الحكومة هي محاولة لانقاذها من الغرق في ظل وجود المئات من الشركات العاطلة عن العمل".
وبيّن علي، أن "القرار نشر يوم الثلاثاء الماضي وتطبيقه سيحتاج إلى فترة طويلة في ظل بيروقراطية العمل الإداري، لكن الأهم من الهيكلة هو بيان أسباب توقف الانتاج الوطني في أغلب الشركات منذ سنوات".
وأكد علي، أن "مافيات مدعومة سياسياً هي من تريد إبقاء أبواب الشركات العراقية مغلقة وسوف تُفشل أي محاولة للانتاج لأنها مرتبطة بأجندة دول كثيرة، لجعل العراق سوقاً استهلاكية وليست انتاجية".
وأشار إلى أن "إعادة الهيكلة لن ينجح في تحقيق هدفه الأساسي دون تطبيق فعلي وحقيقي لقانون حماية المنتج الوطني الذي من شأنه تحريك عجلة النمو والعمل وإلزام الوزارات بالتعامل مع المنتج الوطني لأن مافيات الوزارات قوية وهي من تفضل الأجنبي على الوطني بسبب مصالح مالية معروفة".
شركات ديالى.. سنوات عجاف
بدوره، لفت رئيس مجلس محافظة ديالى، علي منهل، إلى أن "ديالى تضم عدة شركات حكومية بعضها فعال ومنتج والآخر متوقف عن العمل، بالإضافة إلى توقف 95% من شركات القطاع الخاص منذ سنوات طويلة".
ونوه منهل، خلال حديثه لـ(بغداد اليوم)، إلى أن "مشكلات الشركات الحكومية هي نفسها لدى شركات القطاع الخاص وتتلخص في الاستيراد العشوائي للبضائع دون بيان تأثيره على المنتج المحلي من ناحية خلق التنافس، بالإضافة إلى أن الدعم الحكومي لم يكن كافياً".
موظفون يخشون قرار الهيكلة
إلى ذلك، قال فاضل التميمي، (موظف في شركة حكومية لانتاج بيض المائدة)، بمحافظة ديالى، إن "إعادة الهيكلة مصطلح يخشاه الموظفون ويشعرهم بالخطر على مصادر رزقهم، خصوصاً في حال أعقبها قرارات توثر على وضعهم المستقبلي".
وأضاف التميمي، في حديث لـ(بغداد اليوم)، أن "الشركات الحكومية لا يمكن أن تخسر اذا توافرت لها الأجواء"، مؤكداً "نحن شركة كبيرة لانتاج البيض لو توقف الإستيراد خلال أشهر سنغطي احتياجات الاسواق المحلية في ديالى كلها".
تخوّف من همينة الأحزاب
من جانبه، حذر عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية السابق، ماجد شنكالي، من استغلل خصخصة استغلال الشركات المملوكة للدولة من قبل الهيئات السياسية ومافيات الاحزاب الاقتصادية.
وقال شنكالي، في حديث خص به (بغداد اليوم)، إن "جميع دول العالم لديها دعم للقطاع الخاص عبر خصخصة الصناعة وتوفير فرص عمل كبيرة، لكن في العراق هناك تخوف كبير من استغلال وسيطرة الهيئات السياسية ومافيات الاحزاب على المعامل والمصانع".
وأضاف شنكالي، أن "تلك الجهات تحاول استثمار الشركات العامة المملوكة للدولة باثمان بخسة لا تقدر حتى بـ10% من الاسعار الحقيقية"، مؤكداً نحن "لا نريد ان تكون تلك الشركات كحال عقارات الدولة التي سيطرت عليها الاحزاب والشخصيات المتنفذة".
وشدد عضو مجلس النواب السابقـ، على ضرورة "تشكيل لجنة خاصة باشراف رئيس مجلس الوزراء لإعادة تشغيل تلك المعامل وفق قانون يضمن حق العاملين فيها ودعمهم وتوفير الإمكانيات لهم وكذلك حق الدولة".
https://telegram.me/buratha