محمود الهاشمي
ليس من الغرابة، ان نشهد مثل هذا التراجع في الخطاب الاماراتي اخيراً، والذي تجلى في المؤتمر الصحفي لوزير خارجية الامارات عبد الله بن زايد، الذي اكد فيه ان الهجمات الاخيرة على ناقلات النفط في بحر عمان يحتاج الى (دليل مقنع) لتوجيه التهمة الى هذا الطرف او ذاك، وانه" لايمكن ان نحمل اي دولة مسؤولية الهجمات الاخيرة على الناقلات نفط الخليج لعدم كفاية المعلومات"، مؤكداً ان "هنالك مناقشات لتشكيل تحالف دولي بشان الامن البحري في الخليج"، وبشان ايران، دعا وزير خارجية الامارات الى "مشاركة دول المنطقة في الاتفاق النووي"، فيما اشار الى ان "بلده تدعم جهود مبعوث الدولي لليمن للوصول الى حل سياسي".
في ذات الوقت فان الاخبار الواردة تؤكد ان الامارات بدأت عملية سحب قواتها من اليمن تدريجياً، وقدوم قوات سعودية لشغل المكان، جنوب اليمن فيما الاخبار التي اكدها مسؤول قريب من الحكومة الايرانية ان الامارات بعد تفجيرات ناقلات النفط في ميناء الفجيرة قد ارسلت عدة شخصيات الى ايران، تطالب ابعاد الامارات من الازمة بين ايران والولايات المتحدة ...في وقت كانت الجمهورية الاسلامية قد اعلنت ان الرد العسكري لايشمل التجاوز على حدود ايران جواً او براً او بحراً انما يشمل الجهة التي انطلقت منها، سواء قاعدة عسكرية او غيرها.
هذه السلسلة من التراجعات في الخطاب الاماراتي، جاء نتيجة تداعيات داخلية وخارجية، جعلتهم في موقف يكونون فيه بموقف الحرج، ويمكن ان نجملها في الاسباب الآتية:
1-ان الامارات تتكون من عدة "امارات" وهنالك المجلس الاتحادي الوطني ، كان قد اعترض لمرات على انخراط الجيش الاماراتي في الحرب ضد اليمن..
2-تصاعد الاحتجاجات على حجم الجرائم التي ارتكبها الموالون للامارات في جنوب اليمن من قتل وترهيب، وما يلاقيه السجناء في السجون التي اعدوها هناك.
- 3-تصاعد عدد القتلى من الجيش "الرسمي" للامارات في الحرب ضد اليمن الى (111) قتيلاً ومن امارات غير (أبو ظبي) مما اثار حفيظة الامارات الاخرى ..
4-الهجوم الصاروخي لانصار الله الذي طال مطار "ابو ظبي" اثر كثيراً ليس على حركة الملاحة الجوية بل على الحالة الامنية للشركات الاجنبية التي تبحث عن بيئة آمنة.
5-الرفض الشعبي للشعب اليمني للتواجد الاماراتي وتدخله في شؤونهم الداخلية والسعي لفصل الجنوب ، ومحاولة السيطرة على ميناء عدن وجزيرة "سوقطرة".
6-الخلاف الذي دب بين الامارات والسعودية والذي عبر عنه وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني بالقول"هناك خلل في العلاقة بين الامارات والسعودية في قضية التحالف العربي والعلاقة بما يسمى بـ"الشرعية".
7-تحاول الامارات تحسين صورتها امام العالم بعد لسلة طويلة من التجاوزات والتدخلات في شؤون دول عديدة، فبدت وكانها تابعة الى السعودية اكثر من ان تجد شخصيتها السياسية والامنية.
8-حجم الخسائر المادية المكلفة لتغطية نفقات الحرب في اليمن وصلت الى معدل (16) مليار دولار سنوياً، وهذا ما اثر على الميزانية العامة للدولة وفرض مزيد من الضرائب على الاجانب المقيمين في الامارة، وعلى مواطني الامارات انفسهم.
9-التيقن بعد مرور اكثر من اربع سنوات على الحرب في اليمن ان هذه الحرب اصبحت اشبه بالورطة وليس لها من نهاية معلومة.
10-التيقن بعد تعرض ناقلات النفط للحرق والتفجير في ميناء الفجيرة ان الولايات المتحدة غير جادة في الرد، وانها غير قادرة على حماية مصالح اصدقائها.
11-التيقن ان ليس هنالك من منطقة في الخليج بعيدة عن متناول "خصومها" اذا ما استمرت في سياساتها والتماهي مع المشروع الامريكي.
12-التأكد ان ايران دولة قوية وقادرة على تنفيذ تهديداتها في حال الاستمرار في الضغط عليها سواء في مجال العقوبات الامريكية عليها او بالاعتداء العسكري المباشر.
13- ان شخصية ترامب لم تعد موضع ضمان لأي اتفاق مع الولايات المتحدة في ظل ادارته.
14-الانزعاج من طريقة تعامل الرئيس الامريكي "ترامب" مع امراء الخليج وخاصة مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في الاستهزاء وجعلهم مدعاة للسخرية.
15-ان الامارات المتحدة تحمل من التنوع الكثير، بحيث لديها (200) جنسية ينتمون الى (150) قومية، وارهاق السكان الاصليين البالغ عددهم (650) الف نسمة، في الحروب والتدخلات الخارجية سيفقد الدولة خصوصيتها، خاصة وان اللغة العربية اصبحت الرابعة بين اللغات في الامارات.
16-الامارات ليس لديها موارد وثروات سوى النفط، وان ارضها غير صالحة للزراعة معظمها صحراء ومناطق ملحية ، ومساحتها لا تتعدى (83) كم، والمناطق الساحلية المسكونة تنحسر ب(10) ملايين، واي تعثر بتصدير النفط سيجعل الشركات والمصارف وحركة راس المال سرعان ما تغادر.
17-الامارات تدرك جيداً ان لدى ايران عمقاً استراتيجياً يمكن ان لا يؤثر على جميع مصالحها في المنطقة سواء في البعد الامني او الاقتصادي.
18-المسؤولون في الامارات ادركوا بان "الاستعانة" "بالمرتزقة" لا يمكن الاعتماد عليه في اية مهمة، وان الاموال التي تدفع لهم وللشركات الموردة لهم باتت تثقل الموازنة.
19-اخطأت الامارات في دفع قواتها على الارض في اليمن، بينما اكتفت السعودية بالطلعات الجوية.
20بات الشعب الاماراتي يدرك ان عملية "التطبيع" التي تجريها الحكومة بعيدة عن قيمهم وثقافتهم اتجاه القضية الفلسطينية والمقدسات.
21- البيانات التي تصدر عن مراكز الدراسات في الاقتصاد تؤكد حجم الاستثمارات لشخصيات صهيونية في الامارات، مما اثار غضب جميع المسلمين سواء من شعب الامارات او المسلمين المقيمين.
https://telegram.me/buratha