نجم الجبوري قائد عسكري عراقي؛ اشترك في الحرب العراقية الإيرانية، ويُتهم بالارتباط بالأميركيين منذ الأيام التي أعقبت غزو العراق، وتشير تقارير إعلامية إلى أن واشنطن مارست ضغوطا مكنت الجبوري من تسلم ملف قيادة عملية استعادة محافظة نينوى ومركزها الموصل من قبضة تنظيم "داعش الارهابي".
المولد والنشأة
وُلد نجم عبد الله الجبوري يوم 28 تشرين الأول عام 1956 في ناحية القيارة بمحافظة نينوى شمالي العراق، لعائلة سنية تنتمي إلى قبيلة الجبور الكبيرة والشهيرة في المنطقة.
الدراسة والتكوين
أنهى الجبوري مراحل تعليمه الأولية في عدة مدارس أغلبها بالعاصمة بغداد، ثم التحق بالكلية العسكرية في العراق عام ١٩٧٦ فتخرج فيها 1979 برتبة "ملازم" (الدفاع الجوي).
ودرس لاحقا في كلية القيادة حيث تخرج عام 1986، وبعد الغزو الأميركي للعراق ارتبط بـ"مركز الدراسات الإستراتيجية للشرق الأدنى وجنوب آسيا" (NESA) في جامعة الدفاع الوطني التابعة للبنتاغون بواشنطن، وتخرج فيه عام 2009.
كما نال شهادات متخصصة في مجالات وضع الخطط لمكافحة التهديدات العابرة للحدود، وتلقى عدة دورات في الأمن الإلكتروني.
الوظائف والمسؤوليات
تولى الجبوري عدة وظائف ومسؤوليات عسكرية وأمنية، منها أنه كان آمرا لرعيل دفاع جوي 148 صواريخ (1982-1997)، ومديرا لشرطة غرب نينوى وقضاء تلعفر (2004-2005)، و"قائم مقام" قضاء تلعفر (2005-2008).
وأثناء إقامته في الولايات المتحدة عُين "زميلا" باحثا في مركز "نيسا" المسؤول عن إعداد الدراسات للبنتاغون. كما شارك في مؤتمرات حول "مكافحة الإرهاب" منها: مؤتمر مكافحة الإرهاب في نيويورك (أيار 2010)، ومؤتمر التعاون في مكافحة الإرهاب في الأردن (حزيران 2012).
التجربة العسكرية
تزامن إكمال الجبوري لتكوينه في الكلية العسكرية مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية حيث التحق بقيادة الدفاع الجوي، لكن يبدو أنه لم يكن له دور عسكري قيادي فيها لحداثة تخرجه وتدني رتبته عسكريا.
تدرج في صفوف الجيش العراقي فرُقي إلى درجة "عميد" عام 1999. وواصل خدمته العسكرية حتى سقوط النظام السابق أوائل نيسان 2003.
عينته الإدارة الأميركية للبلاد مديرا لشرطة غرب نينوى وقضاء تلعفر خلال 2004-2005، ثم ولته منصب "قائم مقام" قضاء تلعفر ما بين 2005-2008.
وتشير مصادر إعلامية عراقية إلى أن الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الابن أشاد به عام 2006 لتعاونه مع القوات الأميركية في ضبط الأمن بتلك الناحية، ويقول هو إن رئيس الوزراء العراقي حينها إبراهيم الجعفري كرمه على "إنجازاته" بمنحه رتبة "لواء".
وفي آذار 2007 انفجرت شاحنة في تلعفر فقـُتل وجُرح مئات من المدنيين ودُمرت عشرات البيوت والمحلات التجارية؛ فثارت احتجاجات شعبية مطالبة بمحاسبة المسؤولين الأمنيين، مما اضطر الجبوري إلى الالتجاء إلى القاعدة الأميركية في مطار تلعفر.
وفي أيار 2008 أصدر مجلس محافظة نينوى قرارا بإقالته من منصبه، لكن الأهالي هذه المرة احتجوا على القرار وطالبوا ببقائه، وفي أواخر الشهر نفسه قدم هو استقالته احتجاجا على نقل وزارة الداخلية ضباط شرطة دون مشورته إثر تفجير استهدف سوقا محليا.
وبعد انسحاب القوات الأميركية من "قاعدة تلعفر" في صيف 2008؛ اختفى الجبوري أواخر آب 2008 قبل أن ترد الأنباء بوصوله هو وعائلته إلى العاصمة الأميركية واشنطن، حيث ظهر بدءا من تشرين الأول الموالي محاضرا وباحثا في مركز "نيسا" الذي يعتبر من أهم مراكز الدراسات هناك.
وفي تشرين الثاني 2009 كتب الجبوري مقالا في صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، وصف فيه قضاء تلعفر تحت مسؤوليته بأنه "صار نموذجا لإستراتيجية التطهير والسيطرة والبناء، ذات الفضل في تحويل مجرى الحرب (على التمرد والإرهاب) في أشد لحظاتها سخونة...، مع بناء جسور الثقة مع السكان".
ويقول إن "على الحكومة العراقية أن تطبق هذه المبادئ على قوات الأمن الوطني، إذ ما زال الجيش والشرطة مسيّسيْن. فعلى سبيل المثال.. ينظر إلى وزارة الداخلية بحق غالبا كأداة في أيدي الحركات السياسية...، وينطبق نفس الأمر على العديد من فروع الجيش العراقي".
وحين اجتاح تنظيم داعش الارهابي -في صيف 2014- المناطق ذات الأغلبية السنية الواقعة شمال بغداد بما فيها مدينة الموصل الإستراتيجية؛ ذكرت مصادر إعلامية عراقية أن الأميركيين قرروا إعادة الجبوري إلى واجهة المشهد العسكري العراقي.
وتضيف هذه المصادر أن واشنطن ضغطت على رئيس الوزراء حيدر العبادي ليعين الجبوري في منصب قائد عمليات محافظة نينوى (عاصمتها الموصل) والمناطق المجاورة لها للإشراف على استعادتها من قبضة تنظيم "داعش" الارهابي، وهو ما تم في نيسان 2015. لكن السفارة الأميركية ببغداد تنفي صحة ذلك التدخل.
وكانت مجلة "السياسة الخارجية" (فورن بولسي) الأميركية نقلت عن الجبوري قبيل ذلك في آذار 2015 قوله إن "80% من المواطنين في الموصل سيقفون إلى جانب داعش، إذا قامت المليشيات بغزوهم لاستعادة المدينة من التنظيم".
وأضاف "لقد أخبرتُ الأميركيين من قبل أن الصورة الآن ليست كما كانت في عام 2003. الآن نرى أن العراقيين يريدون أن تبقى القوات الأميركية، حتى إنهم سيرمون الورود عليهم لأن المعركة الآن ليست بينهم وبين الولايات المتحدة وبين تنظيم داعش، ولكنها بين السنة وإيران" واثار تصريحه الطائفي استهجان واستنكار الشعب العراقي .
وفي أيار 2016 قال الجنرال الجبوري إن "المدفعية الأميركية والضربات الجوية دمرت 30 أو 40 من الصواريخ والمدفعية الخاصة بداعش في المنطقة"، ودعا أهالي المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" إلى ملازمة منازلهم وعدم النزوح مع تقدم القوات العراقية.
وفي 6 تشرين الأول 2016 أكد الجبوري -في مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية- أن استعدادات تحرير الموصل "تجري على قدم وساق..، ولا أعتقد أن العملية ستكون طويلة نسبيا.. (عكس ما يتوقعه قادة التحالف الدولي)، خاصة أن القائد العام للقوات المسلحة (رئيس الوزراء العبادي) وعد أهالي الموصل والعراقيين بتحرير الموصل قبل نهاية هذا العام".
وأضاف معلقا على الجدل المثار بشأن مشاركة تركيا في معركة الموصل؛ "أنا قائد ميداني عسكري، والأمور السياسية تخص الحكومة العراقية. بالنسبة لنا كجيش فنحن تنفيذيون لا يؤثر علينا لا البرلمان العراقي ولا التدخلات التركية أو غيرها..، مسألة القوات ووجودهم تخص الحكومة العراقية ونحن العسكريين لا نتدخل في ذلك".
وحين أعطى العبادي أمره بانطلاق المعركة يوم 17 تشرين الأول 2016؛ تولى الجنرال الجبوري قيادة مركز التنسيق الأمني الثاني الذي يقع في "قاطع مخمور" جنوب شرق الموصل ويتبع للجيش العراقي، وهو أحد المراكز الثلاثة التي تتم منها إدارة معركة الموصل الخاصة بالضربات الجوية والتقدم الميداني.
https://telegram.me/buratha