التقارير

بعد (مجزرة المطار ) ترامب يبحث عن بديل لقواته بالعراق و((المقاومة)) تبدأ العد التنازلي ل(الانتقام)


 

محمود الهاشمي

 

 

منذ ان طرح الرئيس الامريكي ترامب مبدأ "امريكا اولاً" يكون العالم قد تحسس التحول الكبير في السياسية الامريكية الخارجية، التي ترى في "الحلفاء" مسرحاً لنفوذها، واحد مصادر قوتها.

هذا "التحسس" اعقبته سلسلة اجراءات في السياسية الامريكية سواء في البعد الاقتصادي والتنصل عن الكثير من المعاهدات والاتفاقيات مع دول عديدة كان اسلافه من الرؤوساء الامريكان قد وقعوا عليها، او في البعد العسكري حيث ولاول مرة يطالب رئيس امريكي –علناً- من "الاصدقاء" دفع ثمن الحماية بما في ذلك الاقرب من "الاصدقاء" وهم اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية، فيما امر ترامب على ان ترفع الدول المنظمة لحلف الناتو من نسبة المبالغ السنوية للحلف.

في البعد السياسي فان امريكا قد غيرت من سياساتها الداخلية والخارجية، وخرجت في عهد ترامب عن الكثير من الاطر التي كانت تمثل ثوابتاً بالنسبة لها، الى درجة يقول روبرت بلاكويل، الخبير بمجلس العلاقات والمسؤول السابق في عهد ادارات جمهورية "اتابع ترامب وسياسته الخارجية منذ وصوله للحكم، واستطيع ان اؤكد انه الرئيس الاول منذ ايزنهاور، الذي لايهتم بما  تقدمه  له مؤسسات صنع السياسة الخارجية من وزارة خارجية او اجهزة استخبارات او كبار مستشارين".

ترامب يطلق -الان -على قارة اوربا بـ"القارة العجوز" ويرى في حلف الناتو مجرد مضيعة للاموال والانفاق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، والتفرد الامريكي، وقد ورث عن اسلافه مجموعة ملفات منها "5+1" مع ايران، وكوريا الشمالية وحروب مفتوحة في العراق وافغانستان.

حاول فك الاشتباك في جميع هذه الملفات لكنه وجد نفسه في تداعيات اكبر بعد "الربيع العربي" وما افرزت من فوضى تحتاج الى ادارة عسكرية مثلما تحتاج الى ادارة سياسية، فالوضع بالعراق مازال ساخناً، ومثل ذلك في سوريا واليمن وليبيا، فيما مازالت "القضية الفلسطينية" تنذر بتصعيد اكبر خاصة مع تصاعد روح المقاومة ووصول الصواريخ الى قلب المدن الاسرائيلية .

في ذات الوقت فان مخاطر صعود الصين كقوة اقتصادية منافسة واتساع حضورها الاقتصادي في اسيا وافريقيا وفي مناطق النفوذ الامريكي في اوربا وامريكا اللاتينية، مدعومة بقوة عسكرية متطورة من قبل روسيا، ومن مراكز نفوذ قوية مثل ايران ،هذه الشؤون جعلت السياسية الامريكية في العالم غير واضحة وفيها الكثير من التردد وصعوبة الثبات على القرار.

وجهة نظر ترامب في حلف الناتو تتلخص بهذه الجملة "لم يعد لحلف الناتو من جدوى وان الدول الاوربية تعتمد على بلاده في الجانب الدفاعي، وان الحلف هو عماد استراتيجية واشنطن الدفاعية"، اما ما يخص فكرة اوربا بتشكيل جيش خاص بها، فقد سخر منها ترامب، مدعياً ان امريكا هي الحامية لاوربا وان عليها ان تدفع ، وبما يسميها ترامب "الانصاف"!!.

ان " قومية السياسة" الامريكية جعلت منها تضغط على "الاصدقاء والاعداء" معاً، وهو منهج "خطير"  فعندما تشترك "الخصوم" في ذات المصيبة تجدها تضطر الى التحالف ضد "الخصم الاخر".

في الذكرى السبعين لتاسيس "حلف الناتو" ظهر حجم الخلاف بين جميع الاطراف، خاصة وان فرنسا ومعها المانيا باتوا يرون في "الهيمنة" الامريكية على القرار الاوربي تجاوزاً على سيادة بلدانهم، وان الضغط على بريطانيا واخراجها من "الاتحاد الاوربي" يهدف الى اضعاف الاتحاد.

طلب الرئيس الامريكي ترامب من "حلف الناتو" للمزيد من القوات في العراق اثار التساؤلات لدى اعضاء الحلف قبل العراقيين منها:

1-هل ترغب امريكا في الانسحاب من العراق وتوريط "حلف الناتو" بموروث المشاكل سواء داخل العراق او خارجه؟.

2-هل يتحمل "الحلف" مسؤولية الجرائم التي ارتكبتها القوات الامريكية على ارض العراق والمنطقة ومنها "مجزرة المطار" وما تبعها من ردود فعل ماتزال تداعياتها قائمة حتى الان؟.

3-هل ستكون مهام "الحلف" هي ذات المهام التي تقوم بها القوات الامريكية والتي منها كما ورد على لسان القوات الامريكية مساعدة اسرائيل على مراقبة التحركات الامريكية؟!.

4-هل من سبب لزيادة عدد قوات "الحلف"، كان تتعدى مهام التدريب الى "القتال"؟.

5- هل من مصلحة الدول المشاركة قواتها في العراق ان تتسبب في خلافات مع ايران؟.

6- هل ستكون "امرة" قوات الحلف تحت قيادة الحلف ام تحت القيادة الامريكية؟.

لا شك ان الأسباب التي دفعت ترامب للتفكير في دفع (حلف  الأطلسي ) باتجاه العراق تقع في أمرين الأول إدراكه ان الوجود الأمريكي في العراق بعد اعتداء المطار وقتل شخصيتين  مهمتين الأول يشغل منصب نائب رئيس هيئه الحشد الشعبي و الثاني قائد عسكري إيراني يمثل لإيران و العالم عنوانًا كبيرًا للجهاد في مواجهه الظلم  و الظالمين ، و قد  ورد للعراق كضيف يحمل رسالة سلام الى الحكومة العراقية . و الأمر الثاني ، ان الولايات المتحدة لم تعد منطقة الشرق الأوسط من أولوياتها -حسبما يقول ترامب- وترغب بالانسحاب و الاتجاه حيث المحيط الهادي (التهديد الصيني) و لكنها في ذات الوقت تريد ان تنسحب بعد ان تؤمن على مصالحها وحماية امن ( أصدقائها ) وهي معادلة صعبة ،حيث لم يعد الأوربيون  اداة (طيعة) بيد امريكا ،وقد اغاضتهم سياسات ترامب وتنصله عن اتفاقيات كثيرة بما في ذلك (اتفاقية المناخ) واستهزائه بقادة أوروبا والنظر لهم ب(استعلاء) ،ووصفه لتصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون بأنها(مقرفة و مسيئه) و الرئيس الكندي بأنه (ذو وجهين ) ، وفي ذات الوقت فأن قادة أوروبا يسخرون من ترامب.

تحاول امريكا ان تجد لنفسها سبيلًا للخروج من العراق، بعد احلال (قوات الناتو) محلها وذلك بالاتفاق مع العراق بأن خروج القوات الأمريكية مرهون بخروج القوات الإيرانية من العراق أيضا ، وهو (مخرج ) مدعاة للسخرية لان ايران ليس لديها جندي واحد بالعراق ! و(المخرج ) الآخر بأن يدفع للعراق نفقات ما صرفته امريكا في تطوير المنشآت العسكرية التي تواجدت بها ،وهو (مخرج) مردود لان الدستور العراقي و الاتفاقية بين الطرفين تؤكد ان الطرف الثاني يترك جميع ما كان قد اقامه أو طوره من منشآت على حالها لتصبح ملكًا للطرف الأول ( العراق) .

بعد كل هذا الاستطراد : هل يعي المسؤول العراقي ما كنا أسلفناه في احتمالات وأسباب لدعوه ترامب لقوات (حلف الناتو) للمزيد بالعراق ،وان (ترامب) محرج -تماماً) ويتوقع ان (المقاومة) ستفاجئ قواته بالعراق بضربة ثأرا لقادة المقاومة في مجزرة المطار وما سبقها، مع قرب الانتخابات الأمريكية ، و ما لها من تأثير على ترامب و حزبه ،وأنه يعي ما أعلنه قادة المقاومة بالتهديد والوعيد  واخرهم الامين العامزلحركة النجباء اكرم الكعبي عن بدء العد التنازلي بساعة الصفر للانتقام ،وحتىمية الرد العسكري للمقاومة العراقية على المحتل  الاميركي ووصفه بانه سيكون استنزافاً ومفاجئ ً.؟

هل يعي المسؤول العراقي ،مخاطر  تواجد الأجنبي على ارض البلد، لانه يفقده سيادته و كذلك في حجم الإنفاق على هذهِ القوات ؟

الحقائق على الارض تقول ، ان العراق  يمتلك قوات أمنية   تفوق حاجته ،وقد كسبت من الخبرة الكثير في معارك. التحرير  ولديها من التسليح  مايكفي ،ثم ان الاتجاه نحو الشرق اكثر اطمئنانا على مصير العراق .

نتمنى ان لانتفاجأ مرة ثانية بوجود قوات اجنبية على ارضنا  واتفاقيات  نجهل تفاصيلها وتثقل كاهل البلد ،وتكون سببا في خلق الأزمات واثارة الفتن .

ـــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك