رائع جدا ان يهتدي الإنسان إلى طريق المعرفة ويتسلح بحججها في إثبات شيء أو نفيه . إن الدليل هو قائدنا إلى الحقيقة ، وكما يقولون (نحن أبناء الدليل أينما مال نميل ) ، لكن من المؤسف أن بعض الناس قد اسس بنيانه على جرف هار فانهار به إلى التعصب والفتن . جميلة هي العروبة وافتخر بعروبتي، لكن ليس صحيحا ان نلبسها ألبسة وتسميات مغصوبة. ان العروبة الحقيقية تتزين بالحقائق وليس بالتزييف ، وان العروبة هي صدق وقيم وشهامة وأخلاق قبل ان تصب في قالب الألفاظ ووحداتها التعبيرية . أتعجب من العروبچية عندما يتناقضون بمواقفهم ويصرون على أن اسم الخليج هو الخليج العربي .! لكنهم ينقلبون على اعقابهم القهقري عندما يأتون إلى ذكر فلسطين حيث ينسون عروبتها ويقولون أنها (دولة إسرائيل ) ويطبعون وينبطحون لها ! ( قاتلهم الله انى يؤفكون). لقد لمع في ذهني أثناء كتابة هذه السطور قصيدة لنزار قباني يقول فيها : ( انا يا صديقة متعب بعروبتي فهل العروبة لعنة وشقاء امشي على ورق الخريطة خائفا فعلى الخريطة كلنا اغراب .. اتكلم الفصحى أمام عشيرتي واعيد ..لكن ماهناك جواب لولا العباءات التي التفوا بها ماكنت احسب أنهم أعراب..). عود على أصل الموضوع ؛ لقد بحثت في الكتب التاريخية والجغرافية والمعاجم الحديثية وكتب التفاسير ، وتتبعت الخرائط الجغرافية فوجدت أن اسم الخليج هو الخليج الفارسي أو بحر فارس . عندما بحثت في الكتب والمعاجم الجغرافية وجدت أن اسم ( بحر فارس ) قد ورد فيها لأكثر من (١٤٠) مرة ، ويكفي أن أشير بهذا الصدد إلى مراجعة كتاب (المسالك والممالك للاصطخري المعروف أيضا بالكرخي ) ،وكتاب(خريدة العجائب لابن المظفر الحلبي ) ، وكتاب(صورة الأرض لابن حوقل) . اما في كتب التاريخ فقد ورد اسم (بحر فارس ) في عشرات الموارد ومن باب التدليل يمكن مراجعة تاريخ الطبري ، والمنتظم لابن الجوزي ، وتاريخ ابن خلدون وغيرهم. وفي المعاجم الحديثية ورد اسم ( بحر فارس ) لأكثر من (٢٠) مرة ، ولا حاجة لاستعراضها ، لكن اشير من باب المثال لا الحصر إلى مصدرين ؛ فقد ورد اسم (بحر فارس ) في صحيح البخاري في الحديث رقم ٢١٥ ، في باب ( واذ قال موسى لفتاه..). وايضا ورد اسم (بحر فارس) في مسند ابي يعلى الموصلي في الأحاديث المرقمة ٢١٦٤و٢١٧٨و٢٢٠٠و٢٢٠٤ . اما في كتب التفسير فقد ورد اسم ( بحر فارس ) في أكثر من (٢٠٠) مرة ، وأذكر بعض تلك التفاسير لمن يرغب في المطالعة والتحقق مثل الطبري في تفسيره ، والجرجاني في تفسيره (درج الدرر ) ، والطوسي في التبيان ، والطبرسي في تفسير مجمع البيان ، والبغوي في تفسيره ( معالم التنزيل) ، والقرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن، والشربيني في تفسيره ، وابن حيان في تفسيره المسمى تفسير البحر المحيط، والسيوطي في الدر المنثور ، وغيرهم . اما الخرائط الجغرافية فقد تتبعتها من بداية القرن الخامس عشر الميلادي وتحديدا من سنة ١٤٧٨م إلى بداية النصف الثاني من القرن العشرين وكان مجموعها (٣٧) خريطة ، فوجدت ان كل تلك الخرائط تسمي الخليج ب( الخليج الفارسي ) ماعدا خريطة واحدة في القرن التاسع عشر الميلادي حيث تسميه (بحر فارس) ، وكانت تلك الخرائط مكتوبة بلغات مختلفة ( عربية ، فارسية ، فرنسية ، ايطالية ، انجليزية ، برتغالية ) مضافا الى الألوان التي تشير بها إلى بلاد بلاد فارس وقد ضمت تلك الألوان الجزر الايرانية الثلاث ( طنب الكبرى ، وطنب الصغرى ، وأبو موسى ). وقد لاحظت غياب اسماء بعض الدول المطلة على الضفة الأخرى من الخليج الفارسي من أصل تلك الخرائط بشكلها الذي تأسس فيما بعد . على كل حال يجب أن نعترف أن ايران هي الجار التاريخي للبلدان العربية وتملك جغرافية واسعة ، وتحيط بها حدود برية ونهرية وبحرية ، وتحاذيها كثير من الدول ، ولها عمق حضاري وثقافي وتاريخ مشترك مع كثير من البلدان المجاورة لها ، وليس من الحكمة ان نتجاوز عن كل ارثها التاريخي وموقعها الجغرافي لحسابات مؤقتة وخاطئة، لاسيما وأن يدها ممدودة للتعاون مع جيرانها جميعا وخصوصا دول الجوار العربي الإقليمي.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha