محمود الهاشمي||
لم يكن الشهيد الحاج قاسم سليماني اسماً عادياً في قائمة( ابطال التحرير) في العالم، فقد رفعت صوره الى جوار جيفارا وبوليفار، في معظم شوارع اوربا وامريكا الشمالية والجنوبية، وشيعت جثمانه الملايين فيما مازالت صوره تزين الشوارع العامة والساحات في دول عديدة..
لاشك ان عمليات اغتيال قادة التحرر في العالم، هو جزء من مشروع الارهاب الامريكي فهي ترى بهؤلاء "الابطال" سلاحاً يهدد هيمنتهم وسطوتهم، على العالم،لكن "هؤلاء" الابطال وان كانوا يتعرضون للاغتيال والقتل تبقى مسيرتهم ومناهجهم عنوانا للحرية والانعتاق من الظلم والظالمين، ولا غرابة ان تجد الاجيال الجديدة التي لم تشهد ايام بطولاتهم ونضالهم وجهادهم تعلق صورهم على الملابس والعجلات وعند البوابات العامة والخاصة، وان تذكر اسماؤهم في ملاحم الشعر والادب، وفي خطب من التحق بمسيرتهم وسار على خطاهم، فبمجرد ذكر اسمائهم توقد الصدور بالثار واقتحام سوح القتال، فمثلاً السيد حسن نصر الله عندما يورد اسم الامام الحسين "ع" كعنوان للشجاعة والشهادة، يتصاعد الهتاف "لبيك ياحسين" فيما ترتعد فرائص الاعداء من هذا الهتاف، وهذا الامر يتمدد على مساحة العراق وسوريا واليمن بالاضافة الى عمق المقاومة ومصدر قوتها " الجمهورية الاسلامية"..
نعم ان الامريكان ترددوا كثيراً في المغامرة باغتيال الحاج قاسم سليماني لسبب مهم وهو علمهم ان الرد سيكون بحجم اسمه وكما قال السيد القائد خامنئي للشباب "سترون انتم كيف ستنهار امريكا وتزول اسرائيل" لذلك فهذا هو "عدله" في منطق المقاومة وليس عدله مقتل شخصية سياسية او عسكرية امريكية!!..
لم تتعود امريكا ان تصفع الخد الايمن لدولة فترد بل اعتادوا ان تمنحهم "الخد الايسر" هكذا هم منذ انتهاء الحرب العالمية الاولى والثانية التي كانت سبباً في ظهورهم كدولة كبرى!! اما اننا لانتحدث عن حروب التحرير لانهم تلقوا خسائر كبيرة في ذلك وخاصة في الحرب الفيتنامية.
في اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مع قائد الثورة السيد الخامنئي اكد القائد "ايران لن تنسى جريمة اغتيال الشهيد سليماني ابداً وستوجه ضربة مماثلة للامريكيين بالتاكيد"..هذه الجملة بحاجة الى وقفة وللاسباب الاتية:
1-ان القائد لم يعلن عن عهد يوماً ولم يفِ به والسجل في ذلك طويل
2-ان القائد مرجع ديني وامتداد لاهل البيت "ع" وكلامه فتوى
3-اكد "ايران لن تنسى" اي وضع المسؤولية الاولى على الشعب الايراني وان كان الامر عاماً وملزماً لكل مسلم لان الشهيد "مسلم" وقد قتل غيلة وبهتاناً.
4-استخدام "لن تسنى" وهذا يعني ان دماء الشهداء تبقى حراراتها تغلي في النفوس المؤمنة ولن تبرد حتى يتم الثار لها.
5-استخدم القائد مفردتين للتوكيد "ابداً-بالتاكيد" ولايحتاجان الى تفسير سوى حتمية الثار.
6-استخدم القائد "ستوجه ضربة مماثلة" اي وفق مبدأ الاسلام "العين بالعين والسن بالسن" اما "مماثلة" فيبقى عدلها بمنزلة دم الشهيدين سليماني والمهندس.
نحن نعلم ان امريكا تفهمت الرسالة سواء ما يخص الواجب الايراني والعراقي، "الامريكيون اغتالوا ضيفكم الشهيد سليماني في ارضكم واعترفوا صراحة بالجريمة وهذا ليس بالقليل"!! ويعني سماحته "ليس بقليل" في بعده القيمي "ماذا يعني ان يقتل ضيفك"؟ والبعد الديني الضيف ضيف الله، وما الثار لأولئك الذين يقتلون ضيف الله؟.
السيناريوهات التي تتحدث عنها وسائل الاعلام في كيفية الرد الايراني عديدة حتى ان الاعضاء الديمقراطيين في الكونغرس الامريكي مدركون الرد لذا يحاولون ان يتهربوا من المسؤولية بدءً من رئيسة مجلس النواب الى رئيس اللجنة الامنية في الكونغرس، متهمين ترامب انه اتخذ الاجراء "منفرداً" بينما اعتبر البنتاغون ان القرار اتخذه "ترامب " دون الرجوع لهم وهو من امر الجيش بالاجراء!!.
تقرير مطول لوكالة "البي بي سي" في 17 كانون الثاني 2020 يعتبر ان اغتيال الحاج قاسم سليماني يعود لموقف شخصي من قبل وزير خارجية امريكا بومبيو باعتبار انه طلب في اوائل عام 2016 تاشيرة دخول عبر السفارة الباكستانية مع اثنين من اعضاء الكونغرس للذهاب الى ايران في مهمة مراقبة الانتخابات البرلمانية وزيارة المواقع النووية وعقد اجتماع مع كبار المسؤولين الايرانيين والحصول على معلومات بشان برنامج الصواريخ الباكستانية ومقابلة سجناء امريكيين لكنهم لم يحصلوا على التاشيرة فكتب "بومبيو" تغريدة "اضعكم نصب عيني" اي (ايران)وما زال بومبيو يتنقل من منصب الى اخر حتى حصل على وظيفة "مدير وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية" فعلق مسؤول ايراني رفيع "كان يمكن ان يكون لدينا مدير الاستخبارات المركزية الامريكية في طهران" !!.وخلال الفترات اللاحقة ظل بومبيو شغله الشاغل جمع المعلومات عن فيلق القدس وقياداته وعن فصائل المقاومة وكان قرار استهداف الجنرال الايراني يحتل اولوية بالنسبة لبومبيو كما يقول تقرير "البي بي سي" وهو من اقنع ترامب باتخاذ القرار معتبراً ان (عدله) يساوي في الاهمية اية الله الخامنئي كما اكد التقرير ايضاً.
ليس مهماً من كان وراء القرار المهم ان اعلى سلطة في الولايات المتحدة وهو الرئيس ترامب قد اعلن انه من اصدر القرار..والمهم ان "عدل" الحاج قاسم انهيار امريكا وزوال اسرائيل!.
وليس مهماً كان بومبيو او غيره وراء ذلك فالحمزة اسد الله قتله العبد "وحشي" والامام علي "عليه السلام" قتله الجبان عبد الرحمن بن ملجم والحسين ع قتله ابن العاهرات عبيد الله بن زياد ..الخ.
المهم ان الاسلام باق ومازالت المآذن ترفع "الله اكبر" في اخر بقعة من ارض الله، اما الثار فلن يتاخر ونتذكر كم ثورة قامت بعد استشهاد الامام الحسين "ع" ولم يسلم احد من جميع الذين شاركوا بقتله وقتل اصحابه بدءً من الذي اصدر الاوامر (يزيد) وصولاً الى عبيد الله بن زياد الى حرملة والشمر والقائمة تطول !!.
والسؤال: هل يمكن لامريكا ان تنهار وهل يمكن لاسرائيل ان تزول؟ نقول اولئك اصدقاء الله يرون ما لانرى ومن قبل قال الامام الخميني "قدس سره" لوزير خارجية الاتحاد السوفيتي "ستصبح الشيوعية قريباً في متحف التاريخ" ومن كان يصدق يومها ان هذه الدولة التي تمتد على قارتين وتمتلك من الاسلحة النووية ما يكفي لفناء اهل الارض جميعاً قد هوت وتحول الحزب الذي يحكمها الى متحف التاريخ.
سؤال آخر: هل لدينا دلائل على قرب انهيار امريكا؟ نقول لدينا ولدى الاخرين ولدى الامريكان انفسهم ما يكفي من الدلائل "فلما جاء امرنا جعلنا عاليها سافلها وامطرنا عليها حجارة من سجيل منضود".