في ٢٠٢٠/٨/٢٨ . مُناسبة السؤال ،عنوان المقال ، هو تصريح السيد لودريان ، وزير خارجية فرنسا ، بتاريخ ٢٠٢٠/٨/٢٧ ، و الذي حذّر فيه مِنْ خطر زوال دولة لبنان ،مُعرباً عن مخاوفه ازاء التحديات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية التي يواجهها لبنان . يأتي التصريح في إطار جهود التمهيد للزيارة الثانية المرتقبة للرئيس الفرنسي الى لبنان في الأول من الشهر القادم ، و يُعّبر عن الاهتمام الذي توليه فرنسا ، ومن خلفها امريكا والغرب ، بالمشهد السياسي المحلي و الإقليمي الحالي والمستقبلي للبنان ، وتداعياتهِ . في حِدة و خطورة ما وَردَ في التصريح ، و مضمونه " زوال لبنان الدولة " ، رسالة إنذار واضحة الى الطبقة السياسية في لبنان او الى بعضها المتمرّد على إرادة الإصلاح ،من اجل ان تدرك خطورة الامر و الموقف، ليس فقط من وجهة نظر الداخل اللبناني ،وانّما ايضاً من الناحية الدولية ، ولكي تمتلك ، تلك الطبقة السياسية ، إرادة التفاعل الإيجابي مع ورقة افكار الإصلاح التي عدتهّا فرنسا . وقَبْلَ مناقشة حقيقة او وهمْ خطر زوال الدولة ، نتساءل : هل تتحمل الطبقة السياسية في لبنان ، بمفردها وزر تحدي او خطر زوال الدولة ؟ للكيان الصهيوني المُحتل و لأمريكا و لبعض العرب مساهمات و ادوار في مآسي لبنان ، و دخلتْ الآن تُركيا لتجد لها دوراً في الجغرافية اللبنانية و في المشهد السياسي اللبناني . هدف تدخلات و مساهمات القوى المذكورة اعلاه هو إضعاف لبنان الدولة أمنياً و عسكرياً و سياسياً و اقتصادياً . ماذا يتوقّع الامريكان و الغرب حين يفرضون و يطّبقون عقوبات اقتصادية و نقدّية ضّدّ لبنان ؟ هل نتّوقع تعزيز لدور ولمكانة الدولة أمْ أضعاف الدولة ؟ و ماهو الهدف من حرمان الجيش اللبناني من قدرة امتلاك اسلحة متطورة دفاعية وليس هجومية ؟ أليسَ من مصلحة اسرائيل ان يبقى لبنان في حالة ضعف و هوان ؟ الدعم الامريكي و الغربي المطلق لاسرائيل ساهمَ و يساهم في إضعاف الدولة ليس في لبنان وَحسبْ ، وانّما في المنطقة ، وخاصة الدول العربية التي لا تزال في حالة عداء مع اسرائيل . و سبب عداء امريكا لحزب الله في لبنان ، ليس لأنَّ حزب الله خطر على دولة لبنان و إنما لأنَّ حزب الله خطر على الكيان الصهيوني المحتل . الصهيونية و واجهاتها ( امريكا واسرائيل و الرجعية ) تنصبُ العداء و تحارب حزب الله في لبنان و الحشد الشعبي في العراق لكونهما كيانات تدافع عن سيادة و مكانة و اقتدار الدولة وتعزّز دفاعات الدولة ، و لكونهما كيانات تشكّل نموذجاً لمقاومة اسرائيل و نزعتها في التوسع و الاحتلال والضّم . وَمِنْ نكدْ الدُنيّا ان يتحدث وزير دولة عظمى عن خطر زوال لبنان الدولة والحضارة والتاريخ ، و في ذات الوقت ، يهرول بعض العرب الى دعم و ترسيخ كيان مجرم و مغتصب و غير شرعي ، ويسعى الى تدميرهم و احتلالهم . لبنان الشرق و لبنان المتوسط (نسبة الى البحر المتوسط ) ولبنان التنّوع ولبنان المقاومة ، وَمنْ له هذه المقومات لم ولنْ يواجه خطر الزوال ،كان و سيبقى لبنان الأمل الدائم . الاهتمام الفرنسي للبنان ، والذي عرّى الإهمال العربي ، لم يكْ فقط بدافع العلاقات التاريخيةو الثقافية التي تربط فرنسا بلبنان او لاعتبارات إنسانية ،وانّما ايضاً لاهداف فرنسية استراتيجية و اقتصادية ؛ التوغل السياسي و المالي والمخابراتي التركي في شمال لبنان و استراتيجية السيد اوردغان في تصدير الفكر الإخواني و في التوسع في حوض البحر الأبيض المتوسط مؤشرات لأطماع و تدخلات تركية ابعد و أعمق في لبنان ، وعلى غرار الوجود التركي في شمال العراق و في سوريا . وهذا ما يخيف فرنسا ويهّدد مصالحها في منطقة المتوسط ، و يضعِف دورها في الدول الصديقة لفرنسا وخاصة لبنان . فرنسا ،سياسياً و أمنياً و مخابراتياً ، تعلمْ و تعي و تدرك اكثر من العرب و اكثر من بعض السياسيين اللبنانيين اطماع و عدوانيّة اسرائيل تجاه لبنان و نزعتها بالتوسع على حساب جغرافية لبنان ، و كذلك اطماع و رغبة الأتراك بحضور فاعل و مؤثر سياسياً واجتماعياً و أمنياً في لبنان . فرنسا تدرك ايضاً الدور المقاوم الإيجابي لحزب الله ،والذي سيحافظ على سيادة لبنان وعلى جغرافية لبنان من اخطار نزعات الاحتلال والتوسع الاسرائيلي و التركي ،لذا رفضت فرنسا و سترفض الانضمام الى كل من إنكلترا وألمانيا في رؤيتهما السلبية تجاه حزب الله اللبناني . سفير سابق /ر. المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha