في ٢٠٢٠/٩/٣. اسباب ٌاخرى تقفُ خلف جهود و مساعي الرئيس الفرنسي تجاه لبنان خاصة و نحو العراق ، اسباب غير تلك التي تتمثل في العلاقات الثقافية والعلمية و الاقتصادية و الإنسانية . فما هي تلك الأسباب ؟ لم تكْ امريكا غائبة عن المشهد اللبناني ، لا في التكليف الحكومي و لا في التوجيهات و النصائح و الإرشادات و التوصيات للأحزاب السياسية ، أوكلت امريكا حضورها و دورها الى الرئيس ماكرون ، وهو أدى الدور ليس بسلوك الشيطان الأكبر وانّما بعواطف و مشاعر وحرص الامُ الحنون . لمْ تكْ ايران غائبة عن المشهد اللبناني ، لا في التكليف الحكومي ، و لا في التفاعل الإيجابي بين الرئيس ماكرون و حزب الله . أوكلت ايران حضورها و دورها الى حزب الله ، ولم يغفلْ الرئيس ماكرون دور حزب الله و دور الحليف الإقليمي لحزب الله ، وهو ايران ، ولم يترّدد ( واقصد الرئيس ماكرون ) بتبني تصريحات ايجابيةتجاه الدور التمثيلي و السياسي لحزب الله في لبنان ،بل و قام بتوبيخ الصحفي الفرنسي ،في جريدة فيغارو ، السيد جان مارلبورو ، وعلناً ، لإدلاء الأخير بتصريحات غير صحيحة نُسِبت للرئيس ماكرون ،خلال اجتماعه مع السيد محمد رعد ،رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في المجلس النيابي اللبناني ، و في ما كتبه الصحفي إساءة لحزب الله . نجحَ الرئيس ماكرون بأقناع الرئيس ترامب بأنْ تتولى فرنسا مُهمة لبنان ، و للدور الفرنسي في لبنان مقبولية و أثر أيجابي ، اكبر مما للدور الامريكي ،وعند جميع الأحزاب و الكتل السياسية ،و بضمنهم حزب الله . قَبِلتْ الأحزاب السياسية و السلطات الدستورية اللبنانية بالتوجيهات المُحددة و الصارمة التي وضعها لهم الرئيس ماكرون ، والتزموا ،على ما يبدوا ، بما رسمه لهم من جدول زمني لتنفيذ خطوات تشكيل الحكومة و الإصلاحات ،دون اعتراض و دون تردد ، و لا أظنُ بقبول الأحزاب بذلك او بأقلْ من ذلك لو كان الآمر امريكي وليس فرنسي ! تأتي هذه الأدوار من لاعبيها ( امريكا فرنسا ايران ) وتُنّفذْ من حُلفاءهم المحليين في لبنان والمنطقة ، في إطار ظروف سياسية دولية و إقليمية حافلة في استحقاقات و إنجازات : امريكا منشغلة جداً في الانتخابات وفي تداعيات كورونا ، ايران تنتصر في مجلس الامن على امريكا و جميع اعضاء مجلس الامن و جميع الأوربيين يرفضون فرض عقوبات على ايران ،و اسرائيل تنجحُ في ضّمْ ليس غزّة او اجزاء من الضفة الغربية ، و إنما الامارات ! الفارق ، اليوم ، بين السلوك الامريكي والسلوك الإيراني في لبنان هو ان امريكا استنجدت بحليف جديد لها في لبنان وهي فرنسا و استبعدت المملكة العربية السعودية ، ولم تعُدْ تعّولُ على حلفاءها السياسيين في لبنان ، بينما بقيَّ حزب الله هو الحليف اللبناني لإيران والقادر على الحفاظ على تأثيره و دوره واستقطاب حلفاءه . تسيير جهود الرئيس ماكرون وفق خطوات مدروسة و تأتي ،على ما يبدوا ،أُكُلُها ، و ادركَ الرئيس ماكرون أمريّن :الأول أنَّ نجاحه مرهون بتحييد سلاح حزب الله و التفادي المطلق بالحديث عنه او الإشارة اليه ، و الثاني اعتبار حزب الله وحلفاءه هم الكتلة الأساسية او التاريخية و التي ستكون نواة و اساس نجاحهِ . كانت زيارة الرئيس ماكرون القصيرة الى العراق تحت شعار تعزيز سيادة العراق ، و هو لا يقصد ،في ذلك انتهاكها من قبل امريكا حين اقدمت بتاريخ ٢٠٢٠/١/٣ على ارتكاب جريمة اغتيال الشهيديّن قاسم سليماني و ابو مهدي المهندس ، و لا يقصد حثّ العراق على تطبيق قرار مجلس النواب بسحب القوات الأجنبية من أراضيه ، في حديث الرئيس ماكرون عن سيادة العراق رسالة الى تركيا ،مفادها سيكون حضور فاعل لفرنسا أينما كان موطئ قدم و تواجد عسكري لتركيا في لبنان وفي العراق . لا تخلوا زيارة الرئيس ماكرون للعراق من أهداف اقتصادية ، وتعزيز للحضور الاوربي والغربي .و لزياراته المتكررة و المُثمرة ، وخاصة الى لبنان ، تعزيز ايضاً للرصيد السياسي الداخلي للرئيس ماكرون . سفير سابق / ر. المركز العربي الاوربي للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha