في ٢٠٢٠/٩/١٠. تجمعهم مصلحة اسرائيل ، و تسوقهم أمريكا و أوامر و توجيهات ولاة الامر في تبني المواقف ، و أطلاق التصريحات و الخطابات لتتوافق زمانياً مع القرار الإماراتي في التطبيع ، والذي ، هو الآخر ، عبّر عن ارادة امريكية . الظاهرة تكشف كيف يتم توظيف الخطاب الديني ، و رجال الدين وفقاً لإملاءات الأهداف السياسية ، وبعيداً عن المعقول و المقبول ، و المُتراكم من حقائق التاريخ و شواهد الواقع . كل طرف ( الراعي في لبنان و امام الحرم الملكي في المملكة العربية السعودية و دولة الامارات ) يسلكُ طريقه للتّقرب لاسرائيل وطاعة لأمريكا . يوصينا اليوم امام الحرم المكي في حُسن التعامل مع اليهود و يذُكّرنا بتعامل الرسول الأكرم (ص) معهم وببعض الروايات عن هذا التعامل ، وكأنَّ الإمام كان يجهل ما ذكره من روايات ، عندما كان ، قبل سنتيّن ، يدعوا لليهود بالفناء و الموت ، و يوصفهم بالكفرة والمحتلين إلخ ... يتجاهل الإمام بأنَّ مشكلتنا ليس مع اليهود و لا مع الديانة اليهودية ، و إنما مع اسرائيل كقوة محتلة مغتصبة ، ارتكبت و ترتكب يومياً جرائم ضد الإنسانية ، و تتوسّع على حساب جغرافية الوطن العربي ، وشعارها وهدفها هو ان تكون حدودها من الفرات الى النيل . يتجنب أمام الحرم الملكي في خطاباته ذكر اسرائيل ، و لكن ، وبتوجيهات ، يهيئ الرأي العام السعودي و العربي بالتقرب الى اسرائيل ،كخطوة تمهيدية علنية نحو التطبيع و العلاقات معها ، من خلال قصة التعامل الحسِن مع معتنقي الديانة اليهوديّة . دور امام الحرم الملكي هو إعطاء الشرعية الدينية للتطبيع مع اسرائيل ، ايّ لا مانع شرعي و فقهي امام مسلمي العالم للتعامل مع اسرائيل ،باعتبارهم يهود ، وعلى العالم الإسلامي ان يسدل الستار على زمن ذكر اسرائيل بالسوء و صيرورة اسرائيل و جرائمها . ما يقوله امام الحرم المكي خطوة جادة على نيّة المملكة في التطبيع ، تُضاف الى الخطوات الاخرى ،التي اتخذتها المملكة نحو اسرائيل ،منها السماح بعبور الطائرات الاسرائيلية المجال الجوي السعودي ، وكذلك موقف المملكة والبحرين في اجتماع الجامعة العربية لوزراء الخارجية العرب والرافض للمشروع الفلسطيني ،الذي تقّدمت به السلطة الفلسطينية ؛ مشروع يطالب بإصدار قرار يدين التطبيع الإماراتي مع اسرائيل . مطالبة البطريرك الراعي في بيروت بالحياد تأتي بتناغم وبتزامن مع مسار التطبيع و آلياته ( خطب امام الحرم المكي و قرار التطبيع الإماراتي والتفاعل الإيجابي لجامعة الدول العربية مع التطبيع ) ، اليوم الراعي يدعو الى الحياد ،ويطالب بان يتضمن البيان الحكومي عند تشكيل الوزارة الجديدة فقرة تنّصُ على الحياد ، وغداً سيدعو الى علاقة مع اسرائيل . كلام الراعي هو الحياد ولكن النيّة هي الحياد تجاه اسرائيل ، وغداً الدعوة للتطبيع معها .و ما معنى للحياد و لبنان تواجه عدوان اسرائيلي امريكي عسكري واقتصادي ونقدي وعقوبات ، لا معنى لحياد الراعي غير الاستسلام والسير في قافلة التطبيع و الرضوخ للأملاءات الصهيونية وعلى حساب مصالح لبنان الاستراتيجية الجغرافية و الاقتصادية و السياسية . يُعاني لبنان مِنْ تحديات جّمة ، وعلى كافة الصُعدْ : تحديات تتطلب الدعوة ليس الى الحياد ، وانّما الى التضامن والوحدة الوطنية ،الى الصبر ، وهو جسرٌ للوحدة الوطنية و آلية من آليات المقاومة ، و الى التوقف والكف عن التدخل الخارجي في شؤون لبنان . يعلمُ البطريرك الراعي أنَّ مشكلة لبنان ليس في حياديتهِ ، وانّما في تدخل سافر و مفضوح وسلبي من الدول في شؤونه . لم يتحدث الراعي عن التدخل الخارجي ، سياسياً واقتصادياً و عسكرياً في شأن لبنان ، لانًَ مَنْ يتدخل الآن ، وبشكل واضح في لبنان ، هو الفرنسي والأمريكي و التركي . مطالبات الراعي بحياد لبنان و خطابات امام الحرم المكي تجاه أمانة و أخلاق اليهود قبلَ ما يقارب الف وخمسمائة عام ، وتجاهل ما تقوم به اسرائيل اليوم من جرائم و رفض مطلق للمبادرة العربية للسلام ،والتي اطلقها المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز عام ٢٠٠٢ ،خلال قمة بيروت ، ما هي الاّ تنفيذ لأدوار ،هدفها دعم و تعزيز التطبيع الإماراتي الاسرائيلي ، وخلق اجواء دينية و اجتماعية قادرة على انتاج حلقات تطبيع اخرى. سفير سابق .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha