د . جواد الهنداوي *||
قد يبدوا الاستفهام ،عنوان المقال ، مُستفزاً و متشائماً ، ولكن حالة التشرذم والتردي العربي ،على صعيد الأمة ، وايضاً على صعيد كلُ دولة عربية ،تفرض استشرافاً مُعتماً للمستقبل .
تدرجت حالة الدول العربية من السئ الى الاسوأ ، و خاصةً تجاه القضية الفلسطينية وتجاه اسرائيل و تجاه مصالح الشعوب العربية الاستراتيجية .
تجاه فلسطين ، وصلَ الامر بنا الى إنجاز ملف التصفية و ليس الى ملف التسوية ، تصفية القضية الفلسطينية ، وليس الى تسويتها ،لا وفقاً للقرارات الدولية ، ولا وفقاً لاتفاقيات أوسلو و لا وفقا للمبادرة العربية .
تجاه اسرائيل ، لم يكتفْ بعض العرب الاعتراف بها والتطبيع معها ، وانّما يتجهون لتحالفات استراتيجية معها .ياترى ماذا ستكون مواضيع التحالفات الاستراتيجية مع اسرائيل ؟
أربعة أهداف استراتيجية ستؤطر التحالفات الاستراتيجية بين اسرائيل و اغلب دول مجلس التعاون الخليجي ، الذي ما كان الاّ مجلس تعاون مع امريكا و اسرائيل ، وليس تعاون فيما بينهم ، او تعاون مع القضية الفلسطينية ، او تعاون مع مصالح واستقلال وسيادة الدول العربية ودول المنطقة .
الهدف الأول هو العمل مع امريكا واسرائيل من اجل هيمنة اسرائيل في المنطقة ، ستعمل الدول التي بدأت بالتطبيع و الاخرى التي تنتظر دورها للتطبيع ، على تسخير كل الإمكانيات السياسية والاقتصادية والاستثمارية من اجل تمكين اسرائيل في المنطقة ، سيرتبط مصير هذه الدول او هذه المحميات بأسرائيل ،
الهدف الثاني هو التعاون مع اسرائيل ضّدَ أعداء اسرائيل ،ايّ ضّدَ ايران و حزب الله ومحور المقاومة ،ستحل شركات اسرائيلية اقتصادية واستثمارية بدلاً من الشركات الإيرانية المتواجدة في دبي و ابو ظبي .
الهدف الثالث هو ان تتولى اسرائيل حماية و دعم هذه الانظمة عسكرياً و استخباراتياً و أمنياً ، بحجّة الخطر الإيراني او الشيعي ، وبحجة امتلاك اسرائيل تكنلوجيا متطورة ،يمكن ان تواجه التطور التكنولوجي الإيراني .
الهدف الرابع هو تصفية القضية الفلسطينية .
ولكن ماذا يعني تصفية القضية الفلسطينية وفقاً لرؤية اسرائيل و حلفائها العرب ؟
تعني لا لحلْ الدولتيّن ، وتعني اسرائيل كيان يهودي وعلى الأخوة الفلسطينيين ان ينتشروا في بلدان أشقاءهم العرب .تعني ايضاً بأنَّ السلطة الفلسطينية ستُعامل بانها منظمة ارهابية أنْ هي اختارت طريق المقاومة ، و سيكون قرار تصنيف السلطة الفلسطينية بأعتبارها منظمة ارهابية امراً يسيراً على الأشقاء العرب ، مثلما كان قرارهم تجاه حزب الله اللبناني ، و الذي وردَ في البيان الختامي للقمة العربية في الأردن عام ٢٠١٧ .
ستكون حُجّة الدول العربية وكذلك الجامعة العربية تجاه السلطة الفلسطينية ،إنْ اختارت مسار المقاومة ،هو ان السلطة الفلسطينية او المقاومة الفلسطينية تهدد امن واستقرار المنطقة ، و تحول دون التطور والرخاء في المنطقة !
و من غير المُستبعد طردها من الجامعة العربية ، لانها أصبحت منظمة ارهابية ،ولم تحترم التزاماتها وفقاً لاتفاقيات اوسلوا و عادت لحمل السلاح ، و تتعاون مع ايران ...!
و من غير المستبعد ايضاً ان توّجه دعوة لاسرائيل لحضور القمة العربية القادمة بأعتبارها ضيف شرف او ربما يصبح لها مقعداً كعضو مراقب ، وعلى أمل ان تنال شرف العضوية في الجامعة العربية.
المطلوب الآن ليس أمن اسرائيل وانماّ هيمنتها في المنطقة ، وهذا ما أشرنا اليه و من خلال مقالات كُتبت و نُشرتْ منذ سنوات . ليس المطلوب أمن و استقرار المنطقة ،لأنَّ أمنها و استقرارها يهدّد وجود اسرائيل .
ستعيش المنطقة دون امن و دون استقرار ، لأنَّ امريكا و اسرائيل و حلفائهم العرب خلقوا عدواً جديداً لهم في المنطقة هو ايران و محور المقاومة .
*سفير سابق .
https://telegram.me/buratha