متابعة ـ شغاف فاضل الموسوي||
لماذا لا نتردّد بوصف العُقوبات الاقتصاديّة الأمريكيّة على إيران وسورية وفنزويلا وكوريا الشماليّة بأنّها أبشع أنواع الساديّة في زمنِ انتِشار الكورونا؟ هل ستنسى الشّعوب المُتضرّرة هذه الجرائم وتَغفِر للجَلاد الأمريكيّ؟
لم تُبالغ صحيفة “الإندبندنت” البريطانيّة عندما وصفت القرار الأمريكيّ الأخير بفرض عُقوبات على جميع المصارف الإيرانيّة، بِما في ذلك تلك التي لم تُوجّه إليها أيّ اتّهام بالتّعاون مع “الحرس الثوري”، بأنّه يُجَسِّد “إرهاب الدولة” ويتّسم بـ”الساديّة”، ويرتقي إلى مُستوى “جرائم ضدّ الإنسانيّة”.
فالمُتضرّر الوحيد من هذه العُقوبات التي تتناسخ مُنذ أربعين عاما تقريبًا هو الشّعب الإيراني، مِثل كُل العُقوبات الأمريكيّة المُماثلة المَفروضة على فنزويلا وليبيا والعِراق وكوريا الشماليّة وسورية والشّعبين الفِلسطيني واللّبناني.
العُقوبات الأمريكيّة لن تنجح في إسقاط النّظام الإيراني، مثلما فشلت في تغيير النّظام السوري، وبات نيكولاس مادورو الذي صمد بشجاعةٍ في وجه البلطجة الأمريكيّة أكثر شعبيّةً في أوساطِ الشّعب الفنزويلي لصُموده، وبات خصمه خوان غوايدو في طَيّ النّسيان، تُلاحقه اتّهامات بالعمالة والخِيانة لتحوّله إلى أداةٍ في يَد المُخابرات المركزيّة الأمريكيّة ضدّ بلده وشعبه.
نعم إنّها عُقوبات “ساديّة” يجري فرضها على أكثر من سبعين مليون إنسان إيراني مُسلم في وَقتٍ يُواجِه فيه الموجه الثّالثة من انتِشار فيروس الكورونا بمُعدّلاتٍ غير مسبوقة حيث أغلقت العديد من المُستشفيات أبوابها أمام الحالات لعدم وجود أسرّة، وانعِدام الأدوية اللّازمة بسبب الحِصار الخانِق.
الرئيس ترامب العُنصري، السّادي، يتلذّذ عند استِماعه لمِثل هذه التّقارير الإخباريّة عن ارتفاع أعداد الوفيّات في إيران بشَكلٍ مُرعبٍ، وهو الذي يدّعي بأنّه أُصيب بالفيروس، ويَعِي جيّدًا ماذا تعني هذه الإصابة، ولكنّه إنسان بلا إحساس، وليس له عُلاقة بالإنسانيّة وقيمها، ويُسيطِر الحِقد العُنصري على مشاعره.
لا يُفاجئنا موقف ترامب هذا، بعد أن استمعنا وشاهدنا أشرطة فيديو له يُقرّع فيها الإدارة الأمريكيّة السّابقة لأنها لم تنهب ثروات العِراق النفطيّة، ويُطالب العِراق الذي دمّره غزو بِلاده واحتِلالها، وقتل أكثر من مِليونين من شعبه بدفع ترليونيّ دولار ثمنًا لاحتِلاله، ويسخر من وجود شيء اسمه شعب عِراقي في الأساس، ومن المُؤلم أنّ هُناك في العِراق من يُؤيّده، ويُسانِده، ويُشَرّع بقاء القوّات الأمريكيّة على أرضِ بلاده.
لا يهمّنا نجاحه أو سُقوطه في الانتِخابات الرئاسيّة المُقبلة، ولكنّنا نُسجّل له فضحه للوجه الأمريكيّ السّادي الرسميّ العُنصريّ، ومِن المُؤكّد أنّ الشّعوب التي عانَت، وما زالت، من هذه الساديّة سيكون من الصّعب أن تنسى وأنْ تَغفِر.
“رأي اليوم”
https://telegram.me/buratha