محمد الجاسم
بعد تدمير مواقع حربية ومخابئ للأسلحة ومعسكرات تدريب ومقرات تموين ونقل عائدة لحزب العمال الكردستاني التركي،في سياق "عملية كرالي" في شمال العراق، أصبح جلياً أن تركيا تخطط لتواجد عسكري دائم في خواكورك ، القرية التي شهدت في الثمانينات من القرن المنصرم ،معارك طاحنة بين الجيش العراقي والجحوش الكرد الذين جندهم المجرم صدام ضد أبناء جلدتهم،تحت مسمّى (أفواج الدفاع الوطني ـ الفرسان)من جهة..وبين ميليشيات البيشمركة الذين يعملون بإمرة مسعود برزاني وتساندهم ميليشيات الحزب الشيوعي العراقي المسماة (الأنصار)، لقد أنشئت ثمة قواعد عسكرية تركية بالفعل في شمال العراق منذ تسعينات القرن الماضي،و في الأسبوع الأخير من شهر حزيران (يونيو)العام الحالي2020 ، وبعد فترة وجيزة من الزيارة الإفتتاحية لنيجيرفان بارزاني ،الرئيس الجديد لإقليم شمال العراق المتمرد تماماً على حكومة بغداد الإتحادية ، الى أنقرة ، كانت القوات التركية قد احتلت مواقع كانت تشغلها البيشمركة التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في تلال استراتيجية عديدة في المنطقة الحدودية مع تركيا. وسبق أن نشرت صحيفة (الصباح الجديد) البغدادية في حزيران من العام2019 تقريراً لأحد مراسليها في السليمانية (عباس كاريزي) ينقل فيه عن مصدر سياسي رفيع قوله : " تزامنا مع القصف والهجمات التركية على القرى والمناطق السكنية في اقليم كردستان، كشف مصدر سياسي مطلع للصباح الجديد عن تسليم قوات تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني خمس مواقع جديدة للجيش التركي في منطقة زاخو".
ومن جهة ثانية حذرت منظمة "اتحاد الجاليات الكردية" (KCK) ، التي ينتمي إليها حزب العمال الكردستاني التركي والجمعيات المتحالفة معه ،بخطاب قومي صِرْف: "وجود الأكراد مرفوض من قبل تركيا، ويُنظر إلى كردستان بأكملها على أنها منطقة توسع للأمة التركية".كما تذهب جهات سياسية عراقية وأوساط شعبية واسعة ـ وكاتب المقال أحدهم ـ بأن الدولة التركية تتخذ الإجراء العسكري القمعي ضد المتمردين الكرد كذريعة لخطط واسعة النطاق لاحتلال الأراضي العثمانية السابقة ،بما في ذلك كركوك والموصل في شمال العراق.
لقد أصبحت الحرب التي تشنها القوات المسلحة التركية لمطاردة عصابات حزب العمال الكردستاني في داخل العراق، والتي تتسبب في أحيان كثيرة بسقوط ضحايا أبرياء عراقيين،أصبحت خارج إطار القيم العالمية والسلوكيات الدبلوماسية المتعارف عليها بين الأمم،وخرجت كثيراً عن الأعراف الدولية في حسن الجوار وتبادل المصالح والحوار لحل الإشكاليات والإختلاف في وجهات النظر.وما يثير الإشمئزاز حقاً أن حكومة إقليم شمال العراق ومعها حكومة بغداد الإتحادية ما تزالان قاصرتين عن الحفاظ على هيبة وسيادة العراق أمام هذا العدوان السافر.
ورُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.
ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا
11 ت1 2020