متابعة ـ سرى العبيدي||
توماس فريدمان: أميركا كانت هي الخاسر يوم الثلاثاء
يرى الكاتب الصحفي الأميركي المخضرم توماس فريدمان أنه بالرغم من أن الأميركيين ما زالوا لا يعرفون من الفائز في انتخابات الرئاسة؛ لكنهم يعرفون حق المعرفة أن الخاسر هو الولايات المتحدة الأميركية.
ووصف فريدمان في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) السنوات الأربع لرئاسة دونالد ترامب، التي انتهت للتو بأنها الأكثر إثارة للانقسام، والأكثر خداعا في التاريخ الأميركي؛ لأنها هاجمت الركيزتين التوأمين للديمقراطية الأميركية؛ أي الحقيقة والثقة.
وانتقد ترامب بأنه لم يقض يوما واحدا من ولايته محاولا أن يكون رئيسا لكل الشعب، وكسر القواعد، ودمر الأعراف بطرق لم يجرؤ عليها أي رئيس آخر، حتى ليلة الثلاثاء، عندما زعم زورا تزوير الانتخابات، ودعا المحكمة العليا للتدخل، ووقف التصويت، وكأن مثل هذا الأمر ممكن ولو عن بعد.
ورجح الكاتب أنه لو فاز جو بايدن، فقد يكون ذلك بفارق ضئيل من الأصوات في العديد من الولايات الرئيسية التي تمثل ساحة المعركة، ولن تكون هناك أغلبية ساحقة تخبر ترامب ومن حوله أن هذا يكفي "اغرب عن وجوهنا، ولا تُعد سياسة الانقسام إلى هذا البلد مرة أخرى".
أقلية بيضاء
وأشار فريدمان إلى أن هذه الانتخابات سلطت الضوء على خطوط الصدع عندما قدم الرئيس نفسه، باستخدام العديد من الطرق الملتوية خلال الحملة، على أنه زعيم الأغلبية البيضاء المتقلصة في أميركا.
وهذه حقيقة كما يتوقع مكتب الإحصاء الأميركي أنه بحلول منتصف هذا العام سيشكل غير البيض أغلبية 74 مليون طفل في البلاد، وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2040 سيشكل البيض 49% من سكان الولايات المتحدة ويشكل اللاتينيون والسود والآسيويون ومتعددو الأعراق 51%.
الحزب الجمهوري سيستمر في إستراتيجية استخدام كل طريقة قانونية، وإن كانت ضارة جدا ديمقراطيا، للسيطرة على السلطة على الرغم من أن معظم الأميركيين يصوتون ضدهم
ومن بين العديد من البيض، ولا سيما الذكور من الطبقة العاملة البيضاء الذين ليس لديهم شهادات جامعية، من الواضح أن هناك انزعاجا من حقيقة؛ بل ومقاومة لها، أن الأمة الأميركية تسير بخطى ثابتة ليصبح البيض فيها "أقلية"، ولهذا يرون في ترامب حصنا ضد الآثار الاجتماعية والثقافية والاقتصادية لهذا التغيير.
وذكر الكاتب أن ما يراه العديد من الديمقراطيين تحولا جيدا يراه الكثير من البيض تهديدا ثقافيا جوهريا، وهو ما يغذي نزعة قاتلة أخرى عززتها هذه الانتخابات بالذات.
الترامبية
"وهذا معناه أن الترامبية هي مستقبل الحزب الجمهوري"، كما يرى أستاذ السلوك التنظيمي بجامعة هارفارد غوتام موكوندا.
ويضيف موكوندا "والشيء الفريد من الناحية التكتيكية في الترامبية هو أنها لم تحاول أبدا الحصول على دعم غالبية الأميركيين؛ لذا فإن الحزب الجمهوري سيستمر في إستراتيجية استخدام كل طريقة قانونية، وإن كانت ضارة جدا ديمقراطيا، للسيطرة على السلطة على الرغم من أن معظم الأميركيين يصوتون ضدهم، مثل الطريقة التي حشروا بها قاضيين في المحكمة العليا".
وتابع موكوندا أن هذا يعني أن جميع الضغوط على نظام الحكم الأميركي ستستمر في النمو؛ لأنه في النظام الانتخابي القديم يمكن للجمهوريين نظريا السيطرة على كل من البيت الأبيض ومجلس الشيوخ على الرغم من رغبات الغالبية العظمى من الشعب الأميركي. وخلص إلى القول "لا يوجد نظام يمكنه تحمل هذا النوع من الإجهاد، وسوف ينكسر في مرحلة ما".
واختتم فريدمان مقاله راجيا أن تسير الأمور على ما يرام، وتتخطى البلاد هذه الصعاب، وأن يتوصل أي شخص يفوز في هذه الانتخابات إلى الاستنتاج الصحيح بأنه لا يمكننا ببساطة الاستمرار في تمزيق بعضنا البعض؛ لكن السياسات والنظام السياسي الحالي للبلاد الآن لا يبشران بالانطلاق بالحجم والسرعة اللذين نحتاجهما بشدة" على حد تعبير الكاتب.
مصدر : نيويورك تايمز
https://telegram.me/buratha