التقارير

أين اصبحت هدية امريكا ” الملغمة ” للجمهورية الإسلامية..؟!


 

احمد خالد الكعبي||

 

ملاحظة: أعيد نشر هذا المقال الذي نشرته في العام 2014 في موقع - بانوراما الشرق الأوسط - اللبناني، (لاعتقادي ان هذا هو اصل الحكاية ) وذلك لعلاقته الوثيقة بجذور الصراع الدائر في المنطقة، وحكاية المقال هي جوهر النسق الذي تتغير حوله أساليب اكثر من الأهداف الإدارات الامريكية المتعاقبة بخصوص كيفية التعامل مع الجمهورية الإسلامية في ايران)

 (2014)

 

عندما عاد الرئيس الإيراني حسن روحاني من نيويورك الى طهران بعد إلقائه خطابا بالجمعية العامة للأمم المتحدة ، جلب معه قطعة أثرية فارسية عمرها 2700 سنة، قدمتها له الإدارة الأميركية ” هدية خاصة ” إلى الإيرانيين. وقال روحاني للصحافيين لدى وصوله إلى مطار طهران:

” اتصل بنا الأميركيون ليقولوا إن لديهم هدية لنا ” .

أما الهدية ، فهي عبارة عن كأس فارسية من الفضة تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد على شكل حيوان أسطوري له ((رأس نسر وجسد أسد )) ..

علق روحاني على هدية الغزل ” الملغم ” الأميركي : ” لقد أعادوها هدية للأمة الإيرانية “..؟؟

النسر رمز للدولة الأميركية .. الأسد رمز من رموز الحضارة الفارسية، أيام الأكاسرة .. هل ثمة دلالة رمزية .. هل المقصود ” امريكيا ” : أن يكون هناك تناغم بين ” رأس أميركا وجسد إيران ”، من الممكن ان تقبل ( ايران ) بذلك ، ولكن (الجمهورية الاسلامية في ايران ) لن تقبل ..؟؟

او ( كما قال لاريجاني رئيس مجلس الشورى الاسلامي : ادعو امريكا للعب الشطرنج وترك لعبة الملاكمة لان الاولى لعبة متحضرة ) ..

امريكا ارادت القول من خلال ” اللغم ” المهدى : لنا السيادة والاشراف لآننا ” رأس النسر ” ، ولكم : العودة لدور شرطي المنطقة ( جسد الاسد ) ..

راس النسر وجسد الاسد .. الاعتراف بالهيمنة الامريكية ايرانيا( راس النسر ) وفي المقابل اعتراف امريكي بسيطرة ايرانية على المنطقة ( جسد الاسد ).

ولكن من هو سيد الغابة حقا .. النسر ” أكل الجيف ” أم الاسد ” المفترس الذي لا يأكل ضحيته ألا بعد قطعها للنفس ” …؟!!

لن يستطيع احد تفسير ما هية ” التقارب الايراني الامريكي ” قبل ان نعرف اين اصبحت هذه ” الهدية الرمز ” ..

حسنا .. اين هي الان .. ؟

انها في المتحف القومي الايراني ..!

ولن ينقلها صانع القرار الايراني لمكتبه قبل ان يعرف : هل هناك نية للـ” الاعتراف بالدور ” ، أم هناك نية ( لمحاولة ) ” اعطاء دور ما ” .. مقولة قائد الثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي في ٢٠٠٧ : ان العلاقة مع اميركا “غير مفيدة وحين تكون مفيدة فسأكون اول من يدعو لها”..

ونحن نقول : نعم .. لن تكون مفيدة اذا كانت ” اعطاء للدور ” مهما يكن هذا الدور ..

يجب ان يعترف الغرب ب” بالدور ” .. هذا هو الحل الوحيد ، لان الغرب حاصر الجمهورية الاسلامية طويلا وكثيرا وفشل ..

ربما أن للامر دلالات رمزية ، ولكنها دلالات واقعية جداً.

السؤال الاهم : هل هي مجرد مناورة من الطرفين ام صفقة كبرى لتقاسم الشرق الاوسط .. أم هي مرحلة متطورة جدا من مراحل الصراع .. ؟ ؟ ؟

اطلعت على عدة وجهات نظر حول ” التقارب الايراني الامريكي الاخير “، وهذه بعض النماذج:

*- يجب عدم استبعاد قيام واشنطن بالاعتراف مجددا بايران شرطيا للمنطقة ، خصوصا أن الولايات المتحدة تمر بمرحلة ضعف إقليمي ودولي كبير، وتحاول تخفيض دورها خارج حدودها على جميع المستويات، بسبب التكلفة المالية العالية، ومعارضة الرأي العام الأميركي للدخول في مغامرات خارجية تكلف الخزينة الأميركية أموالا طائلة، خصوصا بعد الخسائر التي منيت بها واشنطن في أفغانستان والعراق، وما حققته من نتائج سلبية لتورط الولايات المتحدة في مناطق أخرى من العالم من دون طائل، لذلك فإن فكرة إعادة ترتيب منظومة التحالفات الإقليمية والدولية ليست ببعيدة عن حسابات واشنطن، وقد تعد فكرة أساسية في حسابات إدارة الرئيس أوباما الراهنة.

*- لقد تحققت محاولة إعادة التوجيه هذه من خلال عدة عوامل؛ أولها أن عامة الشعب الأميركي لم يعودوا مقتنعين بأن الولايات المتحدة تواجه خصما استراتيجيا قويا بالقدر الكافي لتحديها، ناهيك عن تهديدها على الصعيد الدولي.

*- أما العامل الثاني، فيتمثل في اعتماد الولايات المتحدة على واردات النفط، إذ تشهد الواردات من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انخفاضا سريعا. في واقع الأمر، ربما تعود الولايات المتحدة كمصدر صاف للطاقة خلال فترة الأربع إلى الخمس سنوات المقبلة. في الوقت نفسه، تواصل حصة الاتحاد الأوروبي في التجارة الأميركية وفي الاستثمار في الاقتصاد الأميركي انخفاضها النسبي، بينما توطد الاقتصادات الناشئة إضافة إلى أعضاء منطقة التجارة في أميركا الشمالية مواقعها، كشركاء للولايات المتحدة.

* – هناك أجنحة مهمة في دوائر صناعة القرار بالولايات المتحدة لديها قناعة تامة أن العالم العربي بات منطقة «مزعجة» وأن تكاليف «صيانة» العلاقة أكثر بكثير من عوائدها، وخصوصا في ظل تقلص الاعتماد الأميركي على النفط العربي وزيادة المنتج الأميركي من النفط الصخري وقيامها بتصديره بأرقام تصاعدية لافتة ومهمة جدا ولا يمكن إغفالها، بل إنها سوف تكون تهديدا مستقبليا لدول المنظمة المنتجة للبترول (أوبك)، وسوف تؤثر على حصصهم بالسوق وقدرتهم على التنافس والتسعير بشكل فعال، مع اعتقاد كبير بأن المنطقة الأهم والأخطر على المصالح والأمن القومي الأميركي هي منطقة � �لمحيط الهادي التي يتزايد فيها نفوذ التنين الصيني بشكل مقلق ومزعج للغرب، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي الواضح الذي لا يمكن إنكاره أو تجاهله ولكن أيضا على الصعيد السياسي والدبلوماسي والعسكري والأمني في ظل تنامي العوائد المالية للصين وصرفها المذهل على تطوير قدراتها العسكرية بتوسيع السلاح وتطويره وزيادة رقعة وجودها في المنطقة ومطالبتها بمواقع خلافية قديمة من اليابان وفيتنام والفلبين، ولذلك قررت أميركا أن يكون أهم وأكبر وجود لها عسكريا خارج أراضيها في القارة الأسترالية المقاربة لنفوذ مناطق الصين المتعاظم. انتهى

ممكن ان يكون كل هذا صحيح ، لكن بلا شك انه ليس اصل الحكاية ، فالايدولوجيا ما زالت حاضرة في صلب القضية .

فالجمهورية الإسلامية لن تقبل بـ” إعطاء الدور” لأنها تعتقد وتؤمن بـ” الاعتراف بالدور” وطبعا الفرق هائل.

الجمهورية الاسلامية تعرف جيداً أن ” اعطاء الدور” يعني الارتباط المباشر بالمنظومة السياسية والامنية والاقتصادية للغرب، وهذا ما سينسف الايدولوجيا الخمينية الاسلامية الثورية من الأساس ، كون ان هذه الايدولوجيا أقيمت على اساس الجوهر الاسلامي المحمدي الأصيل ، أي على هدف ارساء العدل ، والارتباط بالمصالح الغربية يعني الارتباط بقوى تريد تحقيق مصالحها بغض النظر عما سيصيب الشعوب، بل حتى وان تعرضت هذه الشعوب للإبادة..

ماذا سيكون النظام الاسلامي في ايران اذا لم يكن نظاما يسعى لإرساء الثورية الهادفة لتحقيق العدل، أي ترجمة شعارات الثورة الاسلامية في بواكيرها الأولى :

*” لا شرقية ولا غربية، بل جمهورية إسلامية ” .

*فلسطين للفلسطينيين”، وهي أرض إسلامية من النهر إلى البحر ويجب على كل مسلم أن يقاتل لإزالة إسرائيل من الوجود ولإعادة الأرض إلى أصحابها” .

وغيرها الكثير من شعارات الثورة الاسلامية في ايران .

حارس بوابة الثورة يعرف جيدا أن الانفكاك عن جوهر هذه الشعارات يعني بداية الموت السريري للنظام والدولة والثورة ، والذي ألبسه كيسنجر رداءً جديدا في الظاهر حين قال قبل سنة تقريبا : ” على ايران أن تختار مفهوم دولة الأمة “، بمعنى اخر هو يقول : فلتتخلى ايران عن نظام الجمهورية الإسلامية ، اي أن تتخلى عن ” دولة الثورة “، التي اصبحت هي الدولة العميقة في ايران.

تصريح الرئيس الامريكي اوباما مهم بل وخطير ، على الاقل من حيث المبدء ، حين أكد على ان : امريكا لا تريد تفكيك النظام في ايران .. لكن يبدو ان ( حارس البوابة ) الامين لا يأخذ هذا الكلام على محمل الجد ، فيرد قائلا : انهم يكذبون .. تماما كرده على الرسالة السرية لاوباما التي طلب فيها اجراء حوار في بداية ولايته الاولى : (( انت كف فولاذي يرتدي قفاز مخملي))، ولا قيمة لكلامكم اذا لم يقترن بالافعال .

صناع القرار في الجمهورية الإسلامية يعرفون أن الجمهورية رغم تبنيها لعقيدة” دولة الثورة ” ودعمها الكبير للحركات الإسلامية التحررية إلا انها تحظى بـ”الاحترام ” اكثر من ” الحب ” حتى في الاوساط العامة للشيعة العرب.. هي محترمة اكثر منها محبوبة ، وطبعا هنالك اسباب عديدة لهذا ، اهمها الحملة الدعائية الغربية وتوابعها من أنظمة عربية بشكل عام وخليجية بشكل خاص، وهي حملة قائمة منذ فجر الثورة الاسلامية حتى اليوم على إثارة الشعور القومي وفي مرحلة لاحقة إثارة النزاع الطائفي ، كما أشارت أيقونة النضال الفلسطيني ليلى خالد حين قالت : ” الغرب سيدعم الاخوان لتحويل عداء العرب من اسرائيل نحو ايران ” .

وطبعا هناك عامل مهم جدا، هو بعض التصرفات الناتجة عن – احلام القوميين الايرانيين- ممن يأسوا من الانقلاب الصريح على دولة الثورة ، فأرادوا اختراقها من الداخل وجعلها حصان طروادة للعودة ، وكانت احداث 2009 خير مثال على ذلك ، حين رفعت شعارات لا عراق ولا لبنان بل ايران ايران .

والحقيقة ان الجهدين موحدين ويسعيان لهدف واحد، بل أكاد أجزم أن اجندتهما مرسومة بالاتفاق لآسقاط النظام الإسلامي .

الجميع بالخارج والداخل يسعى لإسقاط ” دولة الثورة ” وأعادة ” الدولة القومية ” ، حارس البوابة الأمين وجنده العقائديون المخلصون ، لازالوا يدافعون بشراسة عن ” دولة الثورة”.

ولا أدري إن كان لإطلاق تسمية ( محمد باقر الصدر) على اطول جسر متعدد الطبقات الذي يصنف ضمن احد اكبر الجسور في الشرق الاوسط وذلك بحضور رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني مشيدا بالدور العظيم للشهيد الصدر، إشارة واضحة مغلفة برمزية ايرانية ( فاخرة) عودتنا عليها ايران من أن ” دولة الثورة ” تهاجم على الرغم من أنها تدافع في الوقت نفسه وتخوض حرباً شرسة ضد ” الدولة القومية ” .

قرأت مرة مقالاً لأحد رؤساء الاستخبارات في عهد صدام، ( هو الان كاتب في احدى الصحف العربية ) يّعد اعترافا نادراً عن سر بقاء وقوة الثورة الاسلامية ، إذ قال ما معناه : صدق ونزاهة الخميني هو سر القوة الايرانية .. رحل ولم يورث السلطة .. رحل ولم يجني مالاً .. رحل ولم يورث مالاً .. رحل وورث دولة وثورة لشعبه وللمؤمنين به.

اخطر رئيس تحرير صحيفة مؤدلج في العالم وهو حسين شريعة مداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان: ” نحن شعب يعشق الكياسة”.

الامام الخامنئي قال قبل ايام: الحرب الناعمة تتطلب بصيرة عمار بن ياسر واستقامة مالك الاشتر.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك