د. جواد الهنداوي*||
من المقرر ان يصل السيد بومبيو ، وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية ، اليوم ،الاثنين ، ويجتمعمع الرئيس ماكرون و وزير الخارجية .و قد استبقت فرنسا الزيارة بطلبها ، وعلى لسان وزير خارجيتها ، امريكا بعدم سحب القوات الامريكية المتواجدة في العراق و أفغانستان . وبالتأكيد سيكون موضوع الطلب هو أحد فقرات جدول اعمال اللقاء المُرتقب.
أكثرُ من استفهام يفرضه طلب فرنسا لأمريكا بعدم سحب قواتها من العراق و أفغانستان ؟
لماذا سارعت، رسمياً وعلناً، فرنسا بطلبها، وقبلَ ان تعلن امريكا او قبلّ ان يصدر ايّّ تصريح رسمي امريكي بسحب القوات؟
لمصلحة ايَّ جهة او ايَّ دولة تطالب فرنسا بذلك؟
وهل تشاورت فرنسا مع العراق بخصوص الموضوع ، لاسيما و أنًّ الشعب العراقي عبّرَ ، ومن خلال مجلس النواب ،الممثل لارادة الشعب ، عن لزوميّة انسحاب القوات الامريكية من العراق ؟
وهل طلبَ او سيطلب العراق توضيحاً رسمياً من فرنسا عن مطالبتها بأمرٍ لا يعنيها ، و يُعدْ تدخلاً من قبلها، ومخالفاً لارادة الشعب العراقي؟
ادناه ، اجابات على الأسئلة المطروحة ،مبنيّة على معلومات وتحليل و توقعّات .
عَلِمت فرنسا، و وفقاً لمعلومات، وصلتها من اكثر من جهة و دولة، ليس فقط بنيّة جادة من امريكا بالانسحاب ، وإنما باجراءات اتخذها الرئيس ترامب بالانسحاب من العراق وسوريا و أفغانستان .و سارعت بالطلب رسمياً من امريكا بالتريث بالانسحاب ، وتعّمدت فرنسا بتمرير طلبها اعلامياً ايضاً وليس فقط عن طريق القنوات الرسمية، مما يدّلُ على اهتمام فرنسا بالأمر وعلى طرحه اعلامياً ،كي يكون موضوع رصد وتحليل و عامل ضغط على الرئيس ترامب.
اسرائيل و حلفاؤها في المنطقة ومن دول الخليج وجهات سياسية وحكومية ، همْ الذين توسلّوا بتدخل فرنسي لحث الرئيس ترامب بعدم تنفيذ الانسحاب .
ونترك للمتابع وللقارئ الكريميّن معرفة الجهات السياسية والحكومية ،التي لها مصلحة بإبقاء القوات الامريكية في العراق و في سوريا وفي المنطقة!
هذه الجهات السياسية والحكومية تجدُ استقواءها
ودورها من خلال التواجد العسكري الامريكي في العراق وفي سوريا ،و لطالما عملت هذه الجهات و اسرائيل وبعض دول الخليج من اجل الحيلولة دون انسحاب عسكري امريكي من العراق وسوريا والمنطقة، وحذّرت امريكا مِنْ انَّ ايران وحلفاءها في المنطقة سيملئون الفراغ وسيعتبرون الانسحاب بمثابة هزيمة و تراجع للسياسة الامريكية.
لم تقّدمْ فرنسا خدمة الوساطة مجاناً. لها ،هي الاخرى، بكل تأكيد ، مصلحة استراتيجية في بقاء القوات الامريكية في المنطقة و في أفغانستان. فرنسا تخشى ايضاً تنامي وتمدّد نفوذ إيراني و نفوذ تركي وروسي في المنطقة، وعلى حساب النفوذ الغربي والناتوي في المنطقة. فرنسا تراقب وبحذر شديد التوّسع والأطماع التركية في سوريا والعراق واليمن ،وكذلك في آسيا.
ذريعة و حُجّة فرنسا في تبرير طلبها هو ضرورة بقاء القوات الامريكية في المنطقة من اجل الاستمرار في محاربة الارهاب و داعش. مرّة اخرى، يُوظّف الارهاب لاهداف سياسية. مع الإشارة بأنَّ فرنسا ساهمت، وبدور ملحوظ في تدريب وتجهيز جماعات مسلّحة وارهابية في أعوام ٢٠١٠-٢٠١٤ ، وخاصة في سوريا، ولدينا ما يدّلُ على ذلك من شواهد وقائع وتقارير.
لم تعدْ استقلال الدول واحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة شوؤن تحظى بالتزام واحترام الدول الديمقراطية ، وأصبحت هذه القيم والمقومات أدوات للمتاجرة، من بعض القوى السياسية والجهات الحكومية، ومن اجل مكاسب سلطوية ونفعيّة تعزًّز نفوذهم و ثرواتهم .
الطلب الفرنسي ،يُعدْ، سياسياً ودبلوماسياً ، تدخل في الشأن العراقي ، ونعتقد بضرورة استفسار و استيضاح عراقي رسمي من الحكومة الفرنسية . كما انَّ مجلس النواب العراقي هو المعني ايضاً سياسياً وليس دبلوماسياً بالأمر.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسل.
https://telegram.me/buratha