محمد الجاسم ||
لأول مرة في التأريخ ترغب الغالبية العظمى من المواطنين في دول شتى في العالم، بتغيير السلطة في البيت الأبيض ، وقد اندفعت،تلك الغالبية، الى تأييد هزيمة الرئيس دونالد ترامب في الإنتخابات الأخيرة ،والمبادرة السريعة لتهنئة الرئيس الفائز جو بايدن،من قبل رؤساء خارج الولايات المتحدة ،ومنهم المستشارة الألمانية(رئيسة الوزراءالإتحادية،لأعظم دولة أوروبية)،وقد علق أحد الصحافيين هنا في ألمانيا في هذا الصدد:"في السنوات الأربع التي أمضاها ترامب في البيت الأبيض،تدهورت العلاقات الألمانية الأمريكية إلى أدنى مستوياتها"،في إشارة الى تعامل الرئيس المهوس بشعار (أمريكا أولاً) مع أقوى قوة اقتصادية في أوروبا ليس كحليف ، ولكن كمعارض ، ولم يكن يتعامل مع دول مؤثرة في المشهد الإقتصادي والعسكري في العالم، مثل الصين وروسيا ،إلا بالفوقية والمعارضة والعدائية،ولم يكن له حيلة للتعاطي مع الدول،سوى بطريقة العقوبات.
يبدو أن ثمة الآن فرصاً جديدة لفتح فصل إيجابي ومثير في العلاقات عبر الأطلسي،لخلق شراكة نافعة بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية.ولعل ما أجّج حنق وكراهية ترامب ضد شركائه الأوروبيين،في الآونة الأخيرة،هو موقفهم المسؤول حين رفضوا تمديد حظر الأسلحة على ايران في مجلس الأمن الدولي،الذي اقترحه ترامب،ووقف الأوروبيون موقفاً ليس ليّناً في رفضهم مجدداً التحرك الامريكي نحو المجلس لإعادة فرض اجراءات الحظر الأممية التي كانت مفروضة على ايران قبل الاتفاق النووي.
تعد بريطانيا من أخلص حلفاء أمريكا في العالم،وكانت معظم مواقف المملكة ذيليّةً للإدارة في البيت الأبيض،ومع ذلك كانت قد أصدرت بياناً مشتركاً مع فرنسا وألمانيا ـ بجهود ألمانية ـ قالت فيه :"إنه ليس بوسعها دعم التحرك الأمريكي"، مضيفة "إن الخطوة تتنافى مع الجهود الرامية لدعم الاتفاق النووي".وهذا ما عرقل الأحلام المريضة لرئيس البيت الأبيض في السيطرة على القرار الدولي والأوروبي حصراً لأغراض الإستكبار والتجبُّر.
لعله من المفيد الإشارة الى أن الولايات المتحدة قد أثارت غضب الأوروبيين بتصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي اتهم فيه الأوروبيين بالإنحياز الى طهران، وقال في وقتها:" إن عدم تمديد حظر الأسلحة التقليدية على إيران سيكون خطأً جسيماً؛ وإنه إذا ما انتهك الحظر الخاص بالأمم المتحدة فإن أمريكا ستبذل أقصى ما في وسعها لفرضه ".
لم يجنِ الأمريكيون من سياسة التجويع والعقوبات التي فرضوها على إيران ،سوى مزيدٍ من العزلة لهم في المجتمع الدولي، لكون واشنطن قد خرجت من الإتفاق النووي منذ العام الفين وثماني عشرة.وما أشرت إليه من حنق الأمريكان تجاه مواقف الأوروبيين في هذا الصدد إنما هو مصداق لهذه العزلة.
لقد نجح الإيرانيون في كسب تأييد المجتمع الدولي،من خلال صمودهم التأريخي تجاه العقوبات الأمريكية،وبخاصة الأوربيين منه،بعد روسيا والصين،وأثبتوا للعالم أن التحرك الأمريكي المتواصل ضدهم غير قانوني،ما أفرغ قرارات الحظر أحادية الجانب من محتواها الموضوعي.
لم تُفلح الولايات المتحدة في تقديمها خطاباً لمجلس الأمن لإعادة فرض حظر الأمم المتحدة على إيران بذريعة انتهاك طهران للإتفاق النووي ،لتطلق بذلك من الناحية النظرية عملية تستغرق ثلاثين يوماً ،وقد فشلت في ذلك،ولم تُفضِ إلى إعادة فرض الحظر الأممي على ايران.
الغضب الأمريكي السابق من الموقف الأوروبي عبّر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي اتهم الأوروبيين بالانحياز الى طهران، وقال: "إن عدم تمديد حظر الأسلحة التقليدية على إيران سيكون خطأ جسيماً؛ وإنه إذا ما انتهك الحظر الخاص بالأمم المتحدة فإن أمريكا ستبذل أقصى ما في وسعها لفرضه".
إن انتخاب الرئيس الجديد جو بايدن يُعَدُّ حدثاً إيجابياً ، إن لم يكن مفرحاً.ويختصر عضو الكونغرس الأمريكي السابق ،من الحزب الديموقراطي، مايكل كابوانو المشهد قبل نهاية الانتخابات بقوله: " اليوم الذي يتم فيه إعلان فوز جو بايدن سيكون هو اليوم الذي ستبدأ فيه العلاقات في التحسن"،وهذا يعني في لغة العلاقات الدولية، العودة إلى المعايير المعمول بها في الحوارات الدبلوماسية والمناقشات ، وهذه الطريقة لم تكن معروفة في زمن ترامب،وبالفعل،لقد كان من أوائل تصريحات بايدن بعد إعلان فوزه أنه يلتزم بالتعاون الدولي والمؤسسات المرتبطة به،وقبل كل شيء تجاه الأمم المتحدة ، التي يحتقرها ترامب.ولعل من المهم جداً في هذا الخصوص،أن نجم البيت الأبيض الجديد،دعا إلى إجراء مفاوضات جديدة مع إيران تأخذ في الإعتبار سياسة طهران الخارجية في الشرق الأوسط،والملف النووي الإيراني.
وَرُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل..
8تشرين ثانٍ2020
ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا
https://telegram.me/buratha