التقارير

حينما تفتح بغداد ابوابها للرياض..!

1343 2020-11-22

 

عادل الجبوري||

 

   خطوات مهمة واجراءات سريعة، شهدتها الاسابيع القلائل الماضية لاعادة احياء العلاقات العراقية-السعودية بعد قطيعة وخصام ومشاكل وازمات وغياب للثقة، لاحت معالمها الاولى مع غزو نظام صدام لدولة الكويت في صيف عام 1990، وامتدت حتى بعد سقوط ذلك النظام في عام 2003، وبروز الكثير من الحقائق والمعطيات التي كان من المفترض ان تفضي الى تصحيح المسارات الخاطئة وتعديد بناء وترميم الجسور المدمرة بين بغداد والرياض، كما حصل بين بغداد وعواصم عربية واقليمية ودولية عديدة.

   طيلة سبعة عشر عاما لم تتحلحل العقد الشائكة في علاقات بغداد والرياض، بل اكثر من ذلك ظهرت عقد اخرى، رغم ان التواصل والحوار بين الطرفين لم ينقطع تقريبا، الا انه كان اشبه بحوار الطرشان كما يقولون، لان ما كان يطرح بين الطرفين بمختف الصعد والمستويات الرسمية داخل اروقة السياسة وعبر المنابر الاعلامية شيء، وما يجري في الميدان شيء اخر، والكمّ الكبير من الوقائع المخفية والمعلنة يؤكد ذلك، فبينما لم يترك كبار الساسة والمسؤولين الحكوميين السعوديين فرصة او مناسبة الا واكدوا فيها على اهمية العلاقات البناء والايجابية مع العراق، الا ان الوقائع والحقائق على الارض كانت-وربما مازالت-تؤشر الى العكس من ذلك، ولعل الكثيرين يتذكرون ان الحكومة العراقية نجحت في الاعوام الاولى التي تلت الاطاحة بنظام صدام بأقناع العديد من الدول بأطفاء او تخفيض ديونها المترتبة على العراق، الا انهم لم يفحلوا بأقناع السعودية بأتخاذ ذات الخطوات، علما ان ما كان بذمة العراق لها هو عبارة عن ما قدمته لنظام صدام خلال حربه ضد ايران، اي ان كل ما قدمته الرياض لنظام صدام عاد على الشعب العراقي بالاذى والضرر، والانكى من هذا، ان النظام السعودي ضغط كثيرا على الدول الخليجية-وفي مقدمتها الكويت-حتى لاتتساهل مع العراق!.

   والمسألة  الاخرى، هي انه في الوقت الذي سعت الكثير من الدول الى اعادة تمثيلها الدبلوماسي في العراق  من خلال فتح سفاراتها مجددا وتعيين سفراء لها، احجمت الرياض عن ذلك لعدة اعوام، قبل ان تقوم بذلك اواخر عام 2015، ولتعين ضابط استخبارات سابق هو ثامر السبهان سفيرا في بغداد، والذي اثار الكثير من الجدل وردود الافعال الغاضبة في الاوساط السياسية والشارع العراقي نتيجة تدخلاته وتجاوزه سياقات عمله وحدود وظيفته الدبلوماسية، حتى ارغمت الرياض بعد اقل من عام على استبداله بسفير اخر هو عبد العزيز الشمري، من ذات الخلفية العسكرية الامنية الا انه اكثر هدوءا واعتدالا من السبهان.

   الى جانب ذلك، فأن السعودية كانت احد ابرز الاطراف الخارجية التي تورطت بدعم وتمويل واسناد الجماعات والتنظيمات الارهابية المسلحة في العراق، سواء بالاموال او الفتاوى الدينية التحريضية او الاعلام، وفي ملفات الجهات الامنية العراقية، احصائيات ربما تكون دقيقة عن اعداد الارهابيين السعوديين الذين فجروا انفسهم وسط تجمعات المدنيين في الاسواق واماكن العبادة والمدارس والجامعات، فضلا عن استهداف المؤسسات الحكومية، وكذلك بأعداد الذين تم القاء القبض عليهم واودعوا في السجون او تم اعدامهم.

   ناهيك عن ان الرياض، حرصت على مساعدة ودعم قوى وشخصيات سياسية عراقية على حساب قوى وشخصيات اخرى، لتعزيز وتكريس الانقسامات السياسية وتعميق الاختلافات والتقاطعات بين الفرقاء العراقيين.

   هذه الحقائق والمعطيات التي تحوي بين طياتها قدر كبير من التفاصيل والخفايا، لابد ان توضع على طاولة البحث والنقاش والتفاوض، حينما يراد تصحيح مسار العلاقات بين بغداد والرياض، اذ لايكفي لتصحيح المسار، ان تبادر بغداد الى فتح ابوابها على مصاريعها بمجرد ان الرياض ارادت ذلك. 

   لاشك ان اعادة فتح معبر عرعر الحدودي بين العراق والسعودية، وتوظيف الاخيرة جزء من رساميلها للاستثمار في العراق، وتعزيز العلاقات في المجالات والجوانب العسكرية والاستخباراتية، خطوات مهمة وبناءة، ولكن يفترض ان تسبقها او تترافق معها خطوات تفضي الى تصفير او حسم القضايا والملفات الخلافية العالقة، وهي بلاشك قضايا وملفات حساسة وخطيرة، لايمكن بأي حال من الاحوال تجاهلها والقفز عليها، والانطلاق من نقطة الصفر وكأن شيئا لم يكن.

  فمثلما طالبت الرياض ومازالت تطالب بديونها المستحقة على العراق، وهي تسمى وفق القوانين الدولية بـ"الديون البغضية"، فأنها مطالبة بتعويض العراق كدولة وحكومة وافراد عما لحق به من اضرار مادية وبشرية جراء الارهاب الذي كان للسعودية دور كبير في ايجاده وتمكينه، وهذا ما لم يعد خافيا على احد.  

   في ذات الوقت، فأنه لابد من ان تضع الحكومة العراقية سياقات واليات تضمن عدم قيام السعودية بأستغلال الانفتاح الاقتصادي والسياسي والامني لالحاق المزيد من الاذى والضرر بالعراق، او اتخاذه ميدانا لتصفية الحسابات مع اطراف اخرى، فضلا عن ذلك فأنه حتى بالنسبة للمشاريع الاستثمارية، فمن المهم بمكان ان تخضع لدراسات الجدوى الاقتصادية بالنسبة للعراق، لا ان تمرر عبر المجاملات والمصالح الخاصة والحسابات الضيقة، فعلى سبيل المثال، يتطلب اعطاء الضوء الاخضر للاستثمار السعودي في صحراء العراق الواسعة، تقديرات دقيقة مسبقة عن اهمية وضرورة مثل ذلك الاستثمار، من حيث ابعاده الاقتصادية الايجابية، كتوفير فرص العمل للايدي العاملة المحلية، وتنمية الواقع الزراعي في الجوانب التي مازالت الامكانيات والقدرات المحلية عاجزة عن تحقيقها، فضلا عن ضمان المحافظة على الثروات الطبيعية-من قبيل المياه الجوفية-وعدم تبديدها في مشاريع قد لاتتناسب فائدتها مع حجم الثروات المهدورة، ناهيك عن وجوب الاخذ بنظر الاعتبار مجمل الابعاد الامنية الاستراتيجية المتعلقة بمحددات ومعايير الامن الوطني للبلاد.

   بعبارة مقتضبة، حينما تفتح بغداد ابوابها للرياض، لابد من التدقيق والتمحيص في الميادين والمساحات والمجالات التي سوف تتحرك فيها وعليها ومن خلالها، والنتائج والمخرجات المترتبة على كل ذلك، وبالطبع بعد اغلاق وتصفية الملفات والقضايا السابقة-الراهنة، بالشكل الذي يحفظ حقوق العراق ومواطنيه، وعدم التفريط بها تحت ذرائع وحجج واهية، وشعارات فضفاضة وعائمة، واولويات مرتبكة وغامضة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك