التقارير

تظاهرات أقليم كردستان العراق ودور إرادة الشعب في النظام السياسي


 

د. جواد الهنداوي * ||

 

          التظاهرات التي يشهدها اقليم كردستان العراق هي ،في الحقيقة ،تعبير صريح و واضح عن إرادة صادقة للشعب العراقي ، وممارسة ديمقراطية متحررة من التزييف و التوظيف الحزبي او الطائفي او القومي ، وتختلف عن التظاهرات التي شهدتها مناطق وسط و جنوب العراق .

·        ماهي إذاً أوجه الاختلاف ؟

        مطالب الشعب في اقليم كردستان العراق تُعّرف رسمياً و اعلامياً على انها تظاهرات شعبيّة ضّدَ الفساد وسوء الحالة المعاشية و الاقتصادية ، لم نقلْ عنها " ثورة كانون الأول " كما قالوا عن تظاهرات بغداد بانها " ثورة تشرين " ، و " ثّوار تشرين " ،  و لم يصفوا التظاهرات بانها انتفاضة الشمال كما وصفوا تظاهرات الجنوب " بأنتفاضة الجنوب " . تظاهرات كردستان تخلوا من الدعم السفاراتي " . ايّ غير ملّوثة بشبهة

" تدخل السفارات " ، ولا يسودها شعارات سياسية ، ولا هتافات " ايران بره بره " ، وهي متحررة ايضاً من تُهمْ التدخل السني او التدخل الشيعي . لا أجندات عربية ولا إقليمية و لا دولية تقبع خلف تظاهرات الإقليم ، وهذا ما يفسّر ديمقراطيتها و وصفها بانها " تعبير صادق عن إرادة الشعب "

       لا لاسرائيل و لا لأمريكا و لا للدول الخليجية او العربية مصلحة في إضعاف او ازعاج سلطات الإقليم ، ولكن للمذكورين اعلاه مصلحة في إضعاف " حكم الشيعة في بغداد او الهيمنة الإيرانية ( كما يدعّون ) في بغداد ،لذلك تظاهرات وسط و جنوب العراق سُيّستْ  و جُيرتْ و وُصِفتْ بأنها  ثورة او انتفاضة و تقاسمتها الأجندات و صدحت بشعارات لا علاقة لها بالمطالب المحقّةو المشروعة للمتظاهرين .

        قد يكون لتركيا او لمقاتلي حزب ال Bkk او لكرد سوريا مصلحة في التدخل لاستغلال التظاهرات او توجيهها لما يتماشى مع مصالحهم ، ولكن ، ومهما يك حجم هذا التدخل فهو محدود بتأثيره و بنتائجه ، و لا يُقارن مع حجم التدخل الدولي و الأممي في تظاهرات وسط و جنوب العراق .

         كانت النتائج السياسية " لثورة تشرين"  في وسط و جنوب العراق هو تغير حكومي ، وعلى ما يبدوا كان هذا التغيير هو الهدف المطلوب ليس فقط من المتظاهرين ، و إنما ايضاً من امريكا و دول اخرى .

        سيناريو " ثورة تشرين " في وسط العراق  او سيناريو  " انتفاضة الجنوب " في أهدافهما السياسية لن يحدث في اقليم كردستان .

        الامر الذي يدّلُ على انَّ التدخل الدولي و الإقليمي و العربي تجاه العراق يتبدل و يتأقلم وفقاً لجغرافية العراق السياسية و القومية و الطائفية . الخطاب الدولي و الإقليمي و العربي تجاه العراق هو : عراق اتحادي و واحد ، ولكن ،العمل الدولي و الإقليمي و العربي تجاه العراق هو عراق متعدد و مُشتتْ . و قد  يتميّز الخطاب الدولي و الإقليمي و العربي تجاه العراق بألاجهار بوحدة و بأتحادية العراق ( ولو كذباً ) ،عن بعض الخطاب العراقي الذي لا يتردد بالإعلان جهاراً عن تقسيم او تجزئة العراق او الانفصال عنه.

         في النظام السياسي ،والقائم على الدستور الاتحادي العراقي لعام ٢٠٠٥ ، للشعب العراق الحق في التعبير عن ارادته وبصورة مباشرة ،من خلال ظاهرتيّن :

الاولى رسميّة و مقنّنة دستورياً و قانونياً و هي الانتخابات ، و الظاهرة الثانية هي  شعبيّة و محميّة نسبياً بموجب الدستور و أممياً بموجب التشريعات الدولية الضامنة لحقوق الانسان ، و هي التظاهرات ،

و كلاهما عُرضة للتزوير و المصادرة و توظيف نتائجهما بما لايخدم مصالح و مطالب و اماني الشعب .

         يأملُ المواطن ،عند التعبير  عن ارادته ، خلال الانتخابات ،و اختياره لهذا او لذاك المرشح ، بأنْ يقوم المُنتخبْ ( نائباً او مسؤولاً ) بتمثيل إرادة المواطن و الدفاع عن مصالحه ، لا بتمثيل إرادة الحزب و الدفاع عن مصالح الحزب ! و حين يصبح ممُثل المواطن او ممثل الشعب جزء من حلقة السلطة التنفيذية ، و لغرض مصالحه الشخصية او الحزبية ، لا يجد المواطن طريقاً للاستنكار و للتعبير عن مطالبه و تطلعاته غير التظاهرات .

        تظاهرات الشعب العراقي في اقليم كردستان ممارسة كردية شعبيّة ديمقراطية غير مرتبطة بأجندات دولية  ، و قد تكون حافزاً لحكومة و لاحزاب الإقليم بالشروع بخطوة تصحيح في البعد الاستراتيجي لسياسة الإقليم ، و لمصلحة الجميع ( العراق و الإقليم والمواطن و القيادات و الأحزاب ) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك