متابعة جدل فاضل الصحاف||
· : فكرة بايدن لتأسيس تحالف الدول الديمقراطية ستفشل .
قال المعلق في صحيفة “أوبزيرفر” سايمون تيسدال، إن محاولة الرئيس المنتخب جوزيف بايدن تعبئة “العالم الحر” قد تؤدي إلى ولادة محور شر جديد.
وأشار إلى أن فكرة بايدن لإنشاء تحالف دولي من الدول الديمقراطية بقيادة الولايات المتحدة ليقف أمام الأنظمة الديكتاتورية والحكام “الأقوياء” تقع في جوهر مشروعه لإعادة دور أمريكا العالمي.
ويهدف مشروعه أو “الجبهة الموحدة” من قوى الخير والعظمى لمواجهة الصين وروسيا. لكنها فكرة قد تثير حفيظة حلفاء مهمّين للغرب مثل الهند وتركيا وبولندا. ولهذا السبب وأسباب أخرى، ستنتهي بالفشل.
وتعهد بايدن خلال الحملة الرئاسية لهذا العام بعقد “قمة للديمقراطية” في 2021 بهدف “إحياء روح الهدف المشترك للعالم الحر” و”لتقوية ديمقراطيتنا ومؤسساتنا ومواجهة صادقة للدول التي تنزلق إلى الوراء وعقد أجندة مشتركة”. وهذه القمة ضرورية بسبب انهيار معالم النظام الدولي الذي عملت الولايات المتحدة وبهدوء على بنائه.
ويعلق تيسدال، أن هذه فكرة تستحق الدعم والثناء، فقد شهدت السنوات الأخيرة نمو مضطردا في الأنظمة القمعية، وبخاصة الأنظمة اليمينية المتطرفة التي تتجاهل القانون الدولي وتنتهك الحقوق العالمية كما حددتها الأمم المتحدة بما في ذلك الحقوق الديمقراطية.
والآن سيحدد بايدن الدول التي تستحق الانضمام لحلفه الدولي، مما يعني أن كوريا الشمالية الديكتاتورية ونظام سوريا الإجرامي ليس مرحبا بهما، لكن هل ستتم دعوة الدول غير الليبرالية مثل تايلاند وإيران وفنزويلا وإيران التي تحتفظ بأنظمة يفترض أنها ديمقراطية إلى التحالف؟
ويتوقع الدبلوماسيون نهاية التحالف العظيم الذي يريد بايدن تنظيمه على غرار مجموعة الدول السبع والتي تضم الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان. والاختلاف هو لو أضاف بايدن الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية، فيما يمكن تسميتها بـ”د- 10″ أي الدول العشر الديمقراطية. وهو بهذا سينشئ نادي نخبة جديدا يتم استبعاد الديمقراطيات الحقيقية أو الطامحة منه.
وجزء من المشكلة هو بايدن نفسه، فمصطلح “العالم الحر” هو عودة إلى الحرب الباردة وقد عفا عليه الزمن. كما أن تأكيده على التفوق الأمريكي مناقض للتجربة الحديثة. وقال: “علينا أن نثبت استعداد الولايات المتحدة للقيادة مرة ثانية ليس من خلال مثال قوتنا، ولكن عبر قوة المثال”، وهو تعبير قديم، خاصة أن النوتة الموسيقية قد تغيرت ومعها تغير المغنون.
فالصين لا تهدد الأمن العالمي بطريقة وجودية كما حدث أثناء الاتحاد السوفييتي السابق، فالتحدي الأساسي الذي تمثله هو خفيف وأخلاقي ومتعدد الاتجاهات التكنولوجية والأيديولوجية والتجارية ومعاداة الديمقراطية. كما أن فكرة عالم مدجن وخائف ينتظر الولايات المتحدة لركوب عربة القيادة وإنقاذه هو تفكير قديم. فلحظة القطبية الواحدة ضيعتها الولايات المتحدة. وكان ميزان القوى في تحول حتى قبل تدمير ترامب الثقة.
وربما رحبت أوروبا الضعيفة المقسمة بخطة بايدن، وستكون استثناء في هذه الحالة. وقال جوزيف باريل، مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي: “نريد زيادة تحركنا للدفاع عن الديمقراطية”. وفي تقرير معهد في- ديم لعام 2020، تأكيد على أن الأنظمة الاستبدادية أصبحت ومنذ عام 2001 الشكل الرئيسي للحكم في العالم. أي في 92 دولة التي تشكل نسبة 54% من سكان العالم.
ولأن موقع بريطانيا الدولي أصبح ضعيفا، فهي ستوافق على أي شيء يقترحه بايدن، وكذا ستدعم ألمانيا مبادرته طالما لم يهدد تجارتها الرابحة مع الصين. وتظل هنغاريا وبولندا إشكاليتان.
ورفض الحكومة البولندية لاستقلالية القضاء وحق الإجهاض يتناقض بشكل سيئ مع القيم الليبرالية. وبحسب تقرير معهد في- ديم، فنظام رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان لم يعد ديمقراطيا أبدا بل “نظاما استبتداديا انتخابيا”.
وغير هذا، فخطة بايدن هي مثل محاولة جمع قطيع من القطط ذات المخالب الكثيرة والبصاق. والهند هي مثال في هذا التتجاه. فهي تطلق على نفسها أكبر ديمقراطية في العالم. ولكنها في ظل رئيس الوزراء ناريندرا مودي أصبحت أكبر دولة تنتهك الحقوق وتقمع المعارضين السياسيين والإعلام المستقل والمنظمات غير الحكومية مثل منظمة أمنستي إنترناشونال وملايين المسلمين. ولا شيء لدى مودي يقوله عن الديمقراطية غير تخريبها.
ومن المثير هنا أن تايوان هي نموذج للديمقراطية في الشرق، لكن إضافة بايدن لها على قائمة ضيوفه سيغضب الصين. كما أن ضم السودان وأفغانستان اللتان تحاول الانتقال إلى الديمقراطية ربما كان تعللا بالأماني. وبنفس المقام فتجاهل تركيا وبيرو والفلبين وأوغندا وهي دول تتظاهر بالديمقراطية سيغضب أصدقاء أمريكا. والنقطة هنا هي أن بايدن مثل أسلافه سيجبر على التعامل مع العالم كما هو وليس كما يريد.
ومثل بداية باراك أوباما عام 2009، فإلقاء خطابات في القاهرة وبداية جديدة مع العالم العربي قد يرضي النفس، لكن لا أثر كبيرا له. وعندما فشل الربيع العربي دعمت الولايات المتحدة الرجال الأشرار لأن هذا يتناسق مع مصالحها الأنانية الجيوسياسية.
وستعوّل الصين وروسيا وبقية الدول الديكتاتورية مثل السعودية على الواقعية التي سيواجه بها بايدن للتخفيف من نبرته على المستوى العملي، حتى لو واصل خطابه الذي يعبر عن خطاب المدرسة الأمريكية القديمة حول القيم والحقوق. وعندما يقوم هو وحلفاؤه بعمل أمر ذي معنى مثل الدفاع عن حقوق سكان هونغ كونغ، ستكتشف الصين جديته وتتراجع عن سياساتها.
وهناك الكثير الذي يمكن للصين عمله على خلاف إريتريا أو بيلاوسيا لو زاد ضجيج المعارضة في هونغ كونغ بدرجة لا تحتمل. ففي قضايا مثل التغيرات المناخية، فتعاون الصين لا غنى عنه. ويمكنها استخدام كل أوراق النفوذ الدبلوماسية والاقتصادية لرد الضغوط الأمريكية عنها.
ومن المقترحات الاستفزازية التي تم تداولها في الفترة الماضية ما تحدث عنه رئيس روسيا فلاديمير بوتين عن إمكانية تشكيل تحالف عسكري مضاد للغرب بين الصين وروسيا، ويجذب إليه دولا أقل قوة مثل كوريا الشمالية ولن يحدث هذا، لكن يظل إمكانية لو أصر بايدن على تحالفه القائم على القطبية للدول الديمقراطية والذي سيعمق الخلافات ويفتح الباب بدون قصد لمحور شر جديد، وهذه المرة سيكون تحالفا ضخما
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha