محمد صالح صدقيان ||
اعلنت ايران يوم الاثنين الماضي رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة في خطوة راى فيها البعض تصعيدية ضد المجتمع الدولي فيما راى البعض الاخر اطلاق « رصاصة الرحمة » على الاتفاق النووي المسجى في غرفة العناية الصحية منذ شهر يناير كانون الثاني من العام 2017 عندما انسحب الجانب الامريكي من هذا الاتفاق .
وقد اثيرت العديد من الاسئلة بشان مغزى هذه الخطوة في مثل هذه الظروف التي تتحدث عن احتمال اشتعال حرب بين الولايات المتحدة وايران خصوصا في ظل تواجد قطع بحرية امريكية ستراتيجية في المياه الخليجية .
يٌستبعد قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية لايران لاسباب تتعلق بالوضع المازوم للرئيس الامريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب ؛ وما يمر به من وضع نفسي وسياسي مرتبك في الداخل الامريكي جراء نتائج الانتخابات الرئاسية التي يصر على بطلانها على الرغم من كل الشواهد القانونية التي تقول بفوز منافسه جو بايدن .
ايرانيا ؛ من يخوض دهاليز الواقع الايراني يعرف ان الايرانيين ليسوا بهذه الحماقة السياسية ليفرشوا للرئيس الامريكي دونالد ترامب سجادة الحرب الحمراء ليدخل التاريخ الامريكي من خلال النافذة الايرانية ؛ وان ارادوا ذلك فانهم لايريدون سوى وضع فخ له ليقع في مستنقعات الحرب التي لاطائلة منها . لكنهم يدركون جيدا خطورة اعطائه اية ذريعة صغيرة كانت ام كبيرة لشن حرب او لتازيم الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط . انهم يمارسون اللعبة بدهاء دون اعطائه فرصة للانقاذ . هو يبحث عنها . لكنهم يريدونه يرحل دون الحصول على شيء . ان الرجل اغضب ايران ؛ ازعجها ؛ اذاها ؛ حاصرها ؛ منع عنها الدواء ومنع عنها الغذاء وراهن على رفعها للراية البيضاء لكنها لم تفعل . انتظرت حتى قال الناخب الامريكي قول الفصل . الان وقبل اسبوعين من انتقال السلطة تعرف جيدا كيف تدير الوقت الضائع من اللعبة التي ستنتهي برحيله من البيت الابيض . هذا لايعني ان القادم افضل . ربما يكون الرئيس المنتخب جو بايدن اثقل على الايرانيين من سلفه لكن ذلك يعطيهم فرصة اكبر على المناورة وقدرة على تحقيق مصالحهم في رفع العقوبات وانهاء حالة الانذار الاقتصادي التي تشهدها ايران .
امام الحكومة الايرانية برنامجين ؛ البرنامج الاول الذي اعلن عنه الرئيس حسن روحاني في نهاية عام 2019 والقاضي بخطوات تصعيدية مالم تٌفعّل الدول الاوربية لالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي بعدما دعوا الجانب الايراني صمود الاتفاق وعدم انهياره بعد انسحاب الجانب الامريكي من هذا الاتفاق . اما البرنامج الثاني فهو القرار الذي اصدره مجلس الشورى البرلمان والذي دعا الحكومة الى رفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى 20 بالمئة وصولا الى الانسحاب من البرتوكول الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي .
نحن الان نتحدث عن فترة اسبوعين تفصلنا عن استلام الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن للبيت الابيض . ماهي السيناريوهات المحتملة من وراء الخطوة الايرانية ؟
السيناريو الاول ؛ عودة الجانب الامريكي للاتفاق النووي دون شروط مسبقة وازالة العقوبات التي فرضها الرئيس ترامب من اجل ارضاء الجانب الايراني على امل فتح باب الحوار لمعالجة المشاكل التي يمتلكها الجانبان . وفي المقابل تعلن ايران العودة لمرحلة ماقبل التصعيد في برنامجها النووي . وهذا السيناريو هو من ابسط السيناريوهات المطروحة والذي يسهل للعديد من الخطوات الايجابية بين الجانبين .
السيناريو الثاني ؛ الجلوس الى طاولة مفاوضات جديدة وفق جدول اخر بقواعد جديدة واليات جديدة كما تريدها بعض الدول الاقليمية ومنها اسرائيل .
من الصعب التكهن بامكانية تحقيق السيناريو الثاني لان ايران عبرت عن عدم استعدادها للعودة لبحث برنامجها النووي خصوصا وان قرارا من مجلس الامن الدولي قد صدر برقم 2231 احتضن الاتفاق النووي وهي لاتريد العودة مرة اخرى للمربع الاول . هكذا تقول . وتقول ايضا ان الاتفاق النووي ليس اتفاقا ثنائيا بينها وبين الولايات المتحدة . انه اتفاق دولي تم بينها وبين مجموعة غربية ضمت اعضاء مجلس الامن الدولي اضافة الى المانيا . وماعدا ذلك فانها - كما تقول - لجئت الى المادة 36 من القرار 2231 لممارسة حقها في برنامجها النووي .
الان ماذا يعني التصعيد النووي الايراني ؟
بكل بساطة انه يريد ان يضع الادارة الامريكية الجديدة امام امر واقع . لاتملك ايران ماتخسره اكثر من خسارتها خلال عهد الرئيس دونالد ترامب . وما يتعلق باقتصادها فانها تمر بمرحلة تعايش مع العقوبات شانها شان كوبا التي تخضع لعقوبات امريكية منذ العام 1965 ؛ لكن في النموذج الايراني تكون القضية اخطر وهي القدرة النووية التي تقول ايران بانها سترفع نسبة التخصيب الى مستويات عليا قد تصل الى 40 و 60 بالمئة ولربما اكثر وهذا مايعطي ايران قدرة اكبر على المناورة وهو مايقلق جميع المعنيين بالملف الايراني .
U2saleh@gmail.com
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha