بهاء الخزعلي||
(الكتاب الذي لا يريدك ترامب أن تقرأه) بهذه الجملة كتابا روجة له دار النشر (سايمون وشيستر) عند نشره، هذا الكتاب هو عبارة عن خفايا وأسرار كشفها مستشار الأمن القومي لترامب (جون بولتون) بعد مغادرته البيت الأبيض بعد ١٧ شهر من العمل مع ترامب.
تحت عنوان (الغرفة التي حدث فيها ذلك) مذكرات البيت الأبيض، وثق بولتون مخالفات كثيرة للرئيس الأميركي (ترامب) تستوجب الأقالة، أذ يقول أن تجاوزات ترامب قد شملت كل نطاق سياسته الخارجية.
يقول بولتون أن ترامب لا يعرف حقا ما يعنيه أن يكون رئيس للولايات المتحدة، وأنه لا يوجد أي مبدأ يقود سياسات ترامب، وأنه يتخذ قراراته بطريقة عشوائية وبالخصوص تلك المتعلقة بالأمن القومي.
قال بولتون أن ترامب قال له في يوم من الأيام أنه يتبع حدسه فقط، لأن الأخير لا يثق بأحد ولا حتى بموظفيه المقربين، وكان يفعل كل شيء للإيقاع بينهم حتى يظمن ولائهم جميعا له وحده.
ثم يزيح بولتون الستار عن كواليس صناعة القرار في البيت الأبيض، إذ يتحدث عن حجم التدخل الكبير لعائلة ترامب في القرارات الرئاسية، ثم يضيف أن إفانكا أبنت الرئيس وزوجها كوشنر كانا يحضرا إجتماعات سرية لا تسمح لهما مناصبهما بالتواجد فيها، كما أن كوشنر كان يثير غضب وزير الخارجية مايك بومبيو، لأنه كان يجري إتصالات دبلوماسية مع قادة الدول الخارجية، دون الرجوع أليه و ذلك خارج نطاق عمله، ويصف بولتون ذلك بأن الحكم في ولاية ترامب أشبه بمتجر تملكه عائلة.
ثم يضيف بولتون أن ترامب يفتقد الى المعلومات العامة، ويستدل على ذلك بعدة مواقف، مثلا لقاء ترامب مع وزيرة خارجية بريطانيا السابقة (تريزا مي)، لم يكن يعرف ترامب أن بريطانيا تمتلك سلاحا نوويا، و كذلك خلال إعداد للقاء يجمعه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن، كان الرئيس ترامب يعتقد أن فنلندا جزء من روسيا، فعندما أراد ترامب أن يزور بوتن واشنطن، صممت روسيا على أن اللقاء يكون في فينا في حين تمسك الأميركيون بهلسنكي عاصمة فنلندا، عندها سأل ترامب أليست فنلندا جزء من روسيا؟!!!
رئيسا يكره القراءة (ترامب) هكذا يصفه بولتون، إذ كان نادرا ما يقرأ التقارير الإستخبارية التي تصله يوميا من أجهزة الأمن، مما جعله يفتقد المعلومات اللازمة لحظة مناقشته أي قضية حيوية، ويقول بولتون أن حضور ترامب جلسات النقاش الأستخبارية لم يكن مفيدا على الإطلاق، لأنه لا يعرف أي شيء وغالبا ما لا يوجد أي علاقة بين مداخلاته وبين الموضوعات المطروحة.
ويقول بولتون أن العقلية الأقتصادية لترامب كانت طاغية على قراراته، ويضرب مثلا أن ترامب منح الرئيس الصيني شيجن بينغ الضوء الأخضر للمضي قدما في بناء معسكرات أعتقال المسلمين الإيغور، كان ذلك خلال قمة المجموعة العشرين في يونيو ٢٠١٩/م ، ولاحقا أعترف ترامب بأنه لن يفرض مزيدا من العقوبات على الصين بشأن قضية الإيغور بسبب إرتباطه معهم بصفقة تجارية.
أوربا كذلك لم تسلم من سياسة ترامب الخارجية، إذ كان يقول ترامب لبولتون دائما أن الإتحاد الاوربي أسوء من الصين، وفي لقاء جمع بالمستشارة الألمانية ميركل أعرب عن تذمره من شكل العلاقة التي تجمع الأوربيين بأمريكا، ويكشف بولتون أن الخلاف بين ترامب والاتحاد الاوربي وصل الى حد تهديده بالإنسحاب من الناتو، وهي الخطوة التي يقول بولتون أن نتائجها كانت أفضع من إنهيار الإتحاد السوفييتي لو أقدم عليها ترامب فعليا.
ترامب والسعودية قنبلة فجرها بولتون في مذكراته، وبالأخص حادثة إغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول عام ٢٠١٨/م ، القضية التي شكلة تحديا كبيرا أمام الولايات المتحدة الأميركية، القضية التي وضعت ترامب مقابل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ضجت وسائل الإعلام الأميركية بهذه القضية حينها قرر ترامب إصدار بيان صريح يدعم محمد بن سلمان، وهو ما شكل مخاطرة بإيذاء ترامب نفسه في حال تبين أن ولي العهد له يد في ذلك الإغتيال، أعد بومبيو البيان و أرسله لترامب أراد ترامب أن يطلع بن سلمان على محتوى البيان قبل إصداره، قائلا إننا نقدم له معروفا عظيما ثم أضاف ترامب سواء كان بن سلمان متورط أم لا سنقف مع السعودية.
ثم يقول بولتون أستغل ترامب قضية خاشقجي للتغطية على قضية أخرى تزامنة معها، وهي قضية فضيحة إفانكا أبنته التي كانت تستخدم بريدها الألكتروني الخاص في مراسلاتها الحكومية الرسمية، وهي ذات الفضيحة التي أعتمدت عليها حملة ترامب في الدعائية ضد منافسته هيلاري كلينتون آبان الإنتخابات الرئاسية، فيقول بولتون أن أثناء المناقشة في إصدار البيان أقترح ترامب أن يعلن البيان بنفسه لأن ذلك سيصرف الأنتباه بعيدا عن مسألة إفانكا.
يذكر بولتون قضية لاحقة ترامب وكادت تؤدي الى عزله، حينما هدد أوكرانيا بوقف تدفق المساعدات العسكرية الأمريكية إليها، أذا لم تساعده في تشويه صورة جو بايدن المرشح المنافس في الإنتخابات الرئاسية آن ذاك، حيث إدعى ترامب أن جو بايدن يتستر على إستثمارات غير مشروعة لنجله في قطاع الغاز الأوكراني، ويضيف بولتون كانت أوكرانيا مكانا بعيد الأحتمال لأن تنطلق منها معركة حول الرئاسة الأمريكية.
يقول بولتون أن ما جاء في لقاء ترامب وجونغ أون رئيس كوريا الشمالية في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، ويضيف أن ترامب أتفق مع بومبيو وجون كيلي كبير موظفي البيت الابيض على عدم تركه مع جونغ ولو لخمسة دقائق بمفردهم لكي لا يورط أميركا بأي إتفاق أهوج،ثم يضيف بولتون كان اللقاء عبارة عن لقاء بين قائدين لدولتين أتفقا على إبقاء الوضع على ماهو عليه، حيث إن أميركا مازالت فارضه عقوباتها على كوريا الشمالية، وما زالت كوريا تمتلك النووي والأسلحة ذاتها وتجرب الصواريخ، لكن ترامب أراد التضخيم للأستفادة من ذلك في الانتخابات الرئاسية.
كذلك كشف بولتون الستار عن اللقاء الأخير عندما دعاه ترامب لمكتبه، حيث كان ترامب غاضبا من إلغاء مباحثات سرية أجراها مع حركة طالبان، ثم أنتقد ترامب ما يسميه بظم أدارة الأمن القومي لعدد كبير من معارضيه الذي يسميهم أنصار الدولة العميقة، ثم وجه ترامب الأتهامات الى بولتون وطالبه بالأستقالة فخرج بولتون وقدم إستقالته في صباح اليوم التالي، ثم يقول بولتون بعد تقديمه إستقالته أن أهم شيء إستفدت منه في هذه التجربة أن لا أصوت لترامب أبدا لأن العالم لا يحتمل أن يكون ترامب رئيسا لأميركا لولاية أخرى.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha